الخرباوي: تسييس الدين يزيد الصراعات الطائفية بالمجتمع
لا تكسب المجتمعات من تسييس الدين أبدًا، بل على العكس، لا تجني إلا الصراعات والطائفية والتمييز، واختراع الأزمات والمشكلات بين نسيج المجتمع الواحد، وبدلًا من التركيز على المواطنة وكيفية توفير حالة من المساواة بين الجميع، تصبح المزايدة على صحيح الدين وخاصة بين التيارات المتطرفة هي السمة الأسمى.
تتصاعد المنافسة على التدين الشكلي بين أفراد المجتمع، كما تتزايد أيضا محاكم التفتيش للناس على مظاهرهم وقراراتهم الخاصة، ويستغل هذه الحالة بعض ضعاف النفوس لفرض آرائهم على المجتمع، وهو ما يعتبره بعض الخبراء تشوه أصابهم بسبب جرعة تديين المجتمع التي أسس لها التيارات الدينية.
الفطرة السليمة
قال ثروت الخرباوي الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن تسييس الدين جعل كل شيء مُلتبسًا في حياتنا، مؤكدا أن التيارات الدينية شوهت فطرة الناس السليمة التي خلقهم الله عليها.
أضاف الخرباوي: تسييس الدين جعل هذا يسأل عن حُكم تهنئة الأقباط بأعيادهم، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حُكم إلقاء السلام على غير المسلمين، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حكم السفر لتلقي العلم في أوروبا، فيردون بالتحريم، وحُكم أكل الخُشاف وشرب المياه الغازية وشرب الماء بوضعية وقوف الشارب والتبول واقفًا في المراحيض الحديثة فيردون بالتحريم.
أضاف: الحب على سبيل المثال من فطرة الناس التي خلقهم الله عليها، ولم تستمر الخلائق فى الحياة إلا بسبب حب الرجل للمرأة وحب المرأة للرجل، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أحب زوجته خديجة، رضى الله عنها، حبًا ملك عليه فؤاده، وبكى عليها يوم موتها.
استكمل: نعرف كلنا أن الرسول أحب زوجته عائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها، والفقيه الأعظم «ابن حزم الأندلسى» كتب كتابًا شهيرًا هو «طوق الحمامة»، ومع وقار ابن حزم وعفته والتزامه إلا أنه أفاض فى كتابه فى الحديث عن عاطفة الحب.
تابع: احتوى كتابه على أخبار وقصص المحبين والعشاق وأشعارهم، وتعرض للحب فى كتابه من منظور نفسي ومشاعري، وتحدث عن الحب من أول نظرة، ودرجات الحب بدءًا من الحب للشغف للصبوة للعشق للهيام، وتناول ابن حزم أحوال المحبين من إدمان النظر للمحبوب، والاضطراب عن رؤية المحبوب، والتعريض بالقول لتوصيل معانى الحب لمن يُحب، والمراسلة الصريحة بين المحبين.
الحلال والحرام
استكمل: ليس معنى هذا أن الدعوة إلى الحرام، فالحلال بيِّن والحرام بيَّن، والتعدي على الأعراض بحجة الحب والعشق والهيام لا مكان له عند أصحاب الفطرة السليمة.
اختتم الخرباوي مؤكدًا أنه من الخطأ تسييس الدين لأن الإسلام ترك لنا مساحة كبيرة جدًا في حياتنا نتحرك فيها كما نشاء، ولم يضع لنا ضوابط إلا في أقل القليل، فالله لم يخلقنا لنكون آلات ينبغي أن تتحرك حركة واحدة في وقت واحد بطريقة واحدة، ولكنه تركنا لفطرتنا ولم يُحرم علينا إلا ما أورده في الكتب السماوية حصرًا، ولكن كهنة الأديان أضافوا من المُحَرمات ما تعجز الجبالُ عن حَمْله.