رئيس التحرير
عصام كامل

خطورة تسييس الدين على الهوية الوطنية في المجتمعات العربية

التشوية على الهوية
التشوية على الهوية الوطنية

لا يوجد خطر يواجه الهوية الوطنية في البلدان العربية، أكثر من المضي في مخطط تسييس الدين، وتصعيده ليأخذ مكان الهوية ‏الوطنية، التي تجمع الدين أصلا بين عدد من المكونات الثقافية ولاتتجاهله، لكن الإسلاميين يريدون الهوية محصورة في ‏الدين وحسب تصوراتهم فقط.‏

وطوال عقود تسببت هذه النظرية في تدمير الهوية الوطنية لدى الكثيريين، وفتحت ثغرات كبرى في مساحة التضامن بين المواطنين، وصعدّت نعرات ‏الخلاف بينهم، بعد تحويلهم إلى فسطاطين، إيمان وكفر.

وهو ما انتهى بنا إلى أبواب الحرب الأهلية في مصر، عندما ‏وضع الإخوان ومعهم التيارات الدينية «الكرسي» والاستمرار عليه،  أمام الدماء التي لا آخر لها، وكذلك الحال في البلدان العربية التي لازالت تكافح حتى الآن ضد خطر الأسلمة والإسلاميين.   ‏

تشويه الفطرة السليمة

ويقول ثروت الخرباوي الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية: إن تسييس الدين شوش على الهوية الوطنية، وجعل كل شيء مُلتبسًا في حياتنا، ‏مؤكدا أن التيارات الدينية شوهت فطرة الناس السليمة التي ‏خلقهم الله عليها.‏

ويضيف الخرباوي: تسييس الدين جعل هذا يسأل عن حُكم تهنئة الأقباط بأعيادهم، فيردون ‏بالتحريم، وهذا يسأل عن حُكم ‏إلقاء السلام على غير المسلمين، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حكم السفر لتلقى العلم فى ‏أوروبا، فيردون بالتحريم، ‏وحُكم أكل الخُشاف وشرب المياه الغازية وشرب الماء بوضعية وقوف الشارب والتبول واقفًا فى ‏المراحيض الحديثة ‏فيردون بالتحريم.‏


ويتابع: الحب على سبيل المثال من فطرة الناس التي خلقهم الله عليها، ولم تستمر ‏الخلائق فى الحياة إلا بسبب حب الرجل ‏للمرأة وحب المرأة للرجل، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أحب زوجته خديجة، رضى الله عنها، حبًا ملك عليه فؤاده، ‏وبكى عليها يوم موتها.‏


ويستكمل: نعرف كلنا أن الرسول أحب زوجته عائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها، والفقيه الأعظم «ابن حزم الأندلسى» ‏كتب كتابًا ‏شهيرًا هو «طوق الحمامة»، ومع وقار ابن حزم وعفته والتزامه إلا أنه أفاض فى كتابه فى الحديث عن عاطفة ‏الحب. ‏


ويستزيد: احتوى كتابه على أخبار وقصص المحبين والعشاق وأشعارهم، وتعرض للحب فى كتابه من منظور نفسي ‏ومشاعري، ‏وتحدث عن الحب من أول نظرة، ودرجات الحب بدءًا من الحب للشغف للصبوة للعشق للهيام، وتناول ابن حزم ‏أحوال المحبين ‏من إدمان النظر للمحبوب، والاضطراب عن رؤية المحبوب، والتعريض بالقول لتوصيل معانى الحب لمن ‏يُحب، والمراسلة ‏الصريحة بين المحبين.

الحلال والحرام ‏


ويستطرد: ليس معنى هذا أن الدعوة إلى الحرام، فالحلال بيِّن والحرام بيَّن، والتعدى على الأعراض بحجة الحب والعشق ‏والهيام لا ‏مكان له عند أصحاب الفطرة السليمة. 


واختتم الخرباوي: إنه من الخطأ تسييس الدين وتدمير الهوية الوطنية، لأن الإسلام ترك لنا مساحة كبيرة جدًا فى حياتنا نتحرك فيها كما نشاء، ‏ولم يضع لنا ضوابط إلا فى أقل ‏القليل، فالله لم يخلقنا لنكون آلات ينبغى أن تتحرك حركة واحدة فى وقت واحد بطريقة ‏واحدة، ولكنه تركنا لفطرتنا ولم يُحرم ‏علينا إلا ما أورده فى الكتب السماوية حصرًا، ولكن كهنة الأديان أضافوا من ‏المُحَرمات ما تعجز الجبالُ عن حَمْله.‏

الجريدة الرسمية