الإصلاح الاقتصادي والدعم.. ماذا لو فشلت عملية اغتيال السادات؟
في بداية ثمانينات القرن الماضي قتل الرئيس محمد أنور السادات، ذهب ضحية جنوحه للسلم، ورغبته في إنهاء الصراع العسكري للأبد، ما لم تكن هناك شروط متعلقة بالواقع المصري، ليطرح السؤال نفسه: أي خسارة تكبدتها مصر من تغييب صانع الحرب والسلام بوقت كانت في أشد الحاجة إليه.
ماذا حدث
بعد التفوق المصري الساحق على إسرائيل في 6 أكتوبر عام 1973، انتهت الحرب رسميًا مع نهاية يوم 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعليًّا حتى 28 أكتوبر.
حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف، وعلى الرغم من حصار الجيش المصري الثالث شرق القناة، إلا أن القوات الإسرائيلية عجزت عن السيطرة على مدينتي السويس والإسماعيلية غرب القناة.
تلا ذلك مباحثات الكيلو 101 واتفاقيتي فض اشتباك، ثُمّ جرى لاحقًا بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس1989.
السلام والإصلاح الاقتصادي
في عام 1977 قرر الرئيس الراحل أنور السادات الاستجابة لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل بعد أربع سنوات من انتصار أكتوبر عام 1973، وكان القرار الأجرأ في تاريخ المنطقة، الذي دفع السادات حياته ثمنا له.
لكن بعيدا عن السياسة والسلام، كان السادات يملك رؤى اقتصادية جريئة أيضا، استهدفت تحفيز النمو على المدى الطويل وتشجيع القطاع الخاص بعد إعادة أحياؤه مرة آخرى، وهذه القرارات كانت بداية لسخط شعبي واندلاع لأعمال شغب في يناير1977، وكان الرئيس في حاجة إلى الوقت لإثبات قوة حجته كما حدث في قرار الحرب والسلام.
وكانت كل المؤشرات تؤكد أن السادات لن يتراجع عن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بغض النظر عن تأجيله لها بعد الانتفاضة الشعبية، حتى يحمي الجيل الحالي من تحمل فاتورة الأجيال الماضية كاملة، بدلا من الانحراف أكثر وأكثر بمستقبل البلاد التي كانت على شفا كارثة من سوء الخدمات والدين والفقر.
لم تمنح قوى التطرف في البلاد، الرئيس السادات الفرصة لاستكمال خطته للإصلاح في مصر، وقررت إنهاء حياته نفسها.
اغتيل الرئيس السادات ليثبت الإسلام السياسي أنه غير مؤهل لفهم السياسة ولا العمل العام، حيث يؤكد التاريخ وحده أن قتل الزعماء السياسيين لا يحقق أبدا نتائج ناجحة، ولا يخدم القتلة، بل يؤكد وجهة النظر التي تبناها القائد قبل رحيله، ما يعزز سياسته ويرسخها أكثر وأكثر.