رئيس التحرير
عصام كامل

الطبقة المتوسطة.. سابقا

ظلت الطبقة المتوسطة في مصر هي رمانة الميزان وضابط الإيقاع لأداء مؤسسات الدولة وظلت هي السند الاستراتيجي للنظام في الحلوة والمرة وبعدما كانت هي الحل أصبحت المشكلة، فهى مفجرة الثورات والقلاقل والاضطرابات، وهى أيضا مفتاح وعماد النهوض والحداثة والتطور وهي رمانة الميزان وخصوصًا الفئات التي لا غنى عنها لينشأ المجتمع صحيحًا كالمدرس والطبيب، فاذا إستمرت أجور العاملين في قطاع التعليم؛ سواء المدرسي أو الجامعي؛ وكذلك العاملين في قطاع الصحة؛ الأطباء والهيئة المعاونة؛ بهذا التدني دون مراعاة مواكبة التضخم المضطرد في كل جوانب الحياة فستفقد مصر حتمًا طبقتها المتوسطة إلى غير رجعة بالهجرة..

 

 

 وستَعْقَم المنظومة القادمة فتعجز عن إنتاجها أو استنساخها وستتحول مصر إلى مدن أشباح راقية بكباري وبيوت شاهقة خاوية على عروشها والسبب في تكالب كل شيء ضدها، نظام تعليمي جديد في الثانوية العامة مختلف تمام الاختلاف عن نظام اتبعته أجيال وأجيال، ولم يستوف حقه الواجب في التمهيد والدراسة من الطلبة والمعلمين فأبكي الملايين من أبناء الشعب تلاميذ وآباء وأمهات.. ثم نظام تحصيل فواتير كهرباء وغاز بنظام الشرائح الإستهلاكية أدي إلي تضاعف قيمة الفاتورة الشهرية إلي درجة مخيفة ولا يملك المواطن إلا الدفع.. ثم زيادات متتالية في رسوم استخراج المستندات الحكومية التي لا غني عنها دون توضيح أو تبرير، وتزامن ذلك مع الإنخفاض المتتالي لفوائد إيداعات المواطنين في البنوك الذين يتعيشون منها ويعتمدون عليها إعتمادًا كليًا مما يدعو النصابين إلي إقناع المواطنين لسحب إيداعاتهم وتشغيلها عند انماط مختلفة من المستريحين..

 

هيكلة الطبقات الاجتماعية

 

وتأتي النقطة الأخطر في الإرتفاع المجنون لكل أسعار المواد الغذائية بلا إستثناء دون أي رقيب علي الأسواق أشعر المواطن أن الدولة تركته فريسة لجشع التجار دون أن تدخل لحمايته، والزيادات التي تبتلع أي زيادات حكومية للمرتبات أو المعاشات وهذه النقطة هي أخطر الأمور.

 

كما أعاد  تعويم الجنيه هيكلة الطبقات الاجتماعية بعدما قلل من القيمة الشرائية  للجنيه الذي كان يتم تداوله عند 7.7 جنيه للدولار الواحد، قبل تعويم العملة في نوفمبر ٢٠١٦ بينما يبلغ الآن نحو ١٦ جنيه، ولهذا ذهب معظم أصحاب الدخول الثابتة فى مصر مع الريح، فهم غير قادرين على دفع تكلفة الخدمات القديمة من تعليم خاص وصحة فى المستشفيات الخاصة، ومعنى هذا أن الطبقة المتوسطة تصرف أغلب شرائحها على نفسها بنفسها، وهى الطبقة التى تتعلم بفلوسها وتُعالج بفلوسها. 

 

وهى الطبقة التى تقع فوق رأسها كل الإجراءات الاقتصادية والضغوط والأحمال السياسية والاجتماعية وتعانى الصعاب العضال فى العيش والحياة منذ يناير 2011 وحتى الآن.. وأدى غلاء المعيشة لجعلهم يلهثون فى السعى لإيجاد مصادر أخرى للدخل، فتجد بعض المدرسين من يهمل العملية التعليمية للتفرغ للدروس، وبعض الموظفين الذين يسعون للإنصراف مبكرا للعمل على تاكسى، يحقق لهم ربحا، أو الطبيب الذى بحث عن عيادة فى حى شعبى لتحسين دخله، أو الفنى الذى لا يتقن عمله لينتهى من أكثر من طلبية فى اليوم الواحد، الخطير في الموضوع أنها تكالبت وتدافعت كلها في وقت واحد علي دماغ المواطن.. وهذا التدافع كانت نتيجته فقدان الفرحة بأي إنجاز جديد علي أرض الوطن.. وهذه حقيقة يجب الإنتباه جيدًا لها وعدم إهمالها.

الجريدة الرسمية