كيف يستغل الإخوان صراعات الإسلاميين لترجيح كفتهم؟
على مدار سنوات طويلة والإخوان يعرفون جيدا كيفية التلاعب بتناقضات الأنظمة العربية والاستفادة والتربح من أزمات الفقر والبطالة والفساد لترويج أسطورة مشروعهم «الخلافة» والمثالية الأخلاقية التي عندما تفرض على المجتمع تنتهي كل أزماته، ولكن وجودهم على رأس السلطة كشف عن الأحلام الخادعة لهذا المشروع، فلا هم مثاليون ولا المجتمعات كذلك.
تناقضات الإسلاميين
تلاعب الإخوان بجميع المتناقضات في المجتمعات العربية لم يتوقف عند الإسلاميين، بل استغلوا صراعاتهم وصداماتهم واختلاف مدارسهم وخطاب بعضهم العنيف تجاه المجتمعات ليستغلوها في التخويف منهم، فلا أمل للوسطية إلا الإخوان، وإلا فالبديل أصعب وأكثر تشددا.
استندت الإخوان إلى أراء معلنة للسلفية الجهادية، أعلنت العداء لها وممارستها وقبولها بالديمقراطية، التي لاتتفق مع ثوابتها الدينية المتشددة، وعلى نفس المنوال سارت المجموعات سلفية التي تميل للأفكار الجهادية والتكفيرية، التي حاول بعضها تأسيس أجنحة له في مصر مع صعود الإسلاميين للحكم مثل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي راح ضحيتها شاب بالسويس عام 2012.
يقول رضوان السيد، الكاتب والمفكر، أن الإخوان كانوا يستغلون كل هذه الظواهر ليضعوا كل الأعباء على عاتق الدولة الوطنية، مؤكدا أن انكشاف أوراق هذا التنظيم توضح جيدا ما هي مهمة الدولة الوطنية في عالمنا.
مهمة الدولة الوطنية
أضاف: مهمة الدولة الوطنية حسن إدارة الشأن العام، فالدين لا يملك مهام سياسية، ولاحملة الدين بإمكانهم العمل في السياسة، موضحا أن الإسلاميين نجحوا شعبيًا في بلدان العالم الإسلامي للأسباب سالفة الذكر التي عانت منها الدول الوطنية.
تابع: هناك الآن وعي بارز بالشأن العام والصالح العام، واستغلال الدين لم يعد ممكنًا، ولا الإثارة السياسية باسمه قابلة للنجاح، حيثأصبحت الشعوب ترفض الساسة المستفيدين من التوترات الدينية والراغبين في تحقيق أحلامهم باسم الدين.
لفت السيد إلى أن الثورة على الدولة الوطنية باسم الدين لم يعد مقبولا لدى الشارع مرة آخرى بعد المعاناة التي عاشتها الشعوب من جراء مهازل الإسلاميين، موضحا أن التجربة في المنطقة تؤكدا أن هناك احتضان متبادل بين الدولة الوطنية والدين دون أن يصبح الأخير عُرضة للاستغلال بعد أن اتضح للجميع أن التلاعب بالدين سبب لتأزم التجربة السياسية، والفشل في إدارة الشأن العام.
واختتم حديثه قائلا: أصبح الشرق وربما لأول مرة شديد الحساسية ضد الإسلاميين بسبب أحداث العقود الأخيرة، ولهذا فانتظام الدولة الوطنية واستقرارها وقوتها وتحريرها من تسييس الدين، ينعكس لصالح المجتمع والدين نفسه على حد قوله.