في ذكرى ميلاده.. معارك الإمام الغزالي مع الإخوان وصلاح جاهين
الإمام الغزالي أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، وكان من «المناهضين للتشدد والغلو في الدين»، اشتغل في فترة من حياته بالتصدي لقضية تجديد الخطاب الإسلامي وكانت له كتابات متميزة في هذا الشأن.
نشأ الإمام الغزالي في إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، في 3 من ذي الحجة 1335، 22 سبتمبر 1917، واسمه محمد الغزالي أحمد السقا، وتلقب بالـ«الغزالي»، لأن والده رأى في منامه الإمام أبوحامد الغزالي وقال له «إنه سينجب ولدا ونصحه أن يسميه على اسمه الغزالي فما كان من الأب إلا أن عمل بما رآه في منامه».
جماعة الإخوان
واجه الإمام الغزالي المتشددين وكان له الكثير من المعارك في هذا القبيل، الذي هاجم خلالها التشدد والغلو في الدين، وكانت أبرز تلك المعارك معركته مع جماعة الإخوان، والتي بدأت أثناء دراسته بالقاهرة عندما اتصل بالشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وتوثقت علاقته به، وأصبح من المقربين إليه، حتى إن «البنا» طلب منه أن يكتب في مجلة «الإخوان المسلمين»، فظهر أول مقال له وهو طالب في السنة الثالثة بالكلية، وأصبح له باب ثابت تحت عنوان «خواطر حية».
وبعد حل جماعة الإخوان المسلمين في 1948، واغتيال حسن البنا، أودع «الغزالي» معتقل الطور مع كثير من أعضاء الجماعة، وظل به حتى خرج من المعتقل في سنة 1949م، وفي سنة 1952 نشب خلاف بين الغزالي وحسن الهضيبي، مرشد جماعة الإخوان المسلمين وقتها، خرج على إثره الغزالي من الجماعة.
وذكر الشيخ محمد الغزالى فى كتابه "من معالم الحق"، إنَ الذين يحسبون أنفسهم جماعة المسلمين يرون مخالفة حسن الهضيبى ضربا من مخالفة الله ورسوله، وطريقا ممهد إلى النار وبئس القرار.
صلاح جاهين
وكانت من أبرز معارك الشيخ الغزالي أيضا معركته مع صلاح جاهين وتدخل نائب رئيس الجمهورية لحلها، عام 1962 عندما انعقد المؤتمر الوطني للقوى الشعبية تحت رئاسة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وشارك فيه الإمام محمد الغزالي -رحمه الله- الذي طالب في كلمته بـ"تحرير القانون المصري من التبعية الأجنبية، وتوحيد زي المصريين، وضرورة احتشام المرأة".
وفي اليوم التالي رسم صلاح جاهين رسام الكاريكاتير، صورة الإمام الغزالي يلقي كلمته منفعلًا بينما وقعت عمامته على الأرض، وتحت الرسم علق ساخرًا "يجب أن نلغي من بلادنا كل القوانين الواردة من الغرب كالقانون المدني وقانون الجاذبية الأرضية"، وغضب الشيخ الغزالي، وفي جلسات المؤتمر خلال اليوم التالي هاجم صلاح جاهين، فما كان من «جاهين» إلا أن رد بكاريكاتير أكثر سخونة يتندر فيه من آراء الشيخ في المرأة والزي الذي تلبسه.
وبدوره علق الشيخ الغزالي على ذلك بالمؤتمر وشرح موقفه، وقال: إنه لا يقبل سخرية «جاهين» من عمته الأزهرية، وإنه لم يركز على الأزياء وإنما جاءت هذه المسألة ضمن سياق عام تكلم فيه عن أشياء عدة كان موضوع الزي من بينها.
وفي صباح اليوم التالي فوجئ القراء بعدد غير مسبوق من رسومات جاهين، ست صور بعنوان "تأملات كاريكاتيرية في المسألة الغزالية"، وفي إحدى الصور الغزالي راكبًا جوادًا على طريقة أبي زيد الهلالي ووجهه مصوب نحو ذيل الفرس بينما يحمل رمحًا كتب عليه "الإرهاب باسم الدين" وتحت الرسم تعليق زجل ساخر على شاكلة أشعار السيرة الهلالية.
فقام الشيخ الغزالي بنقل المعركة إلى المنبر وألقى خطبة حماسية بليغة جعلت المصلين وأغلبهم من طلبة الأزهر يحملونه بعدها على الأعناق ثم توجهوا إلى مبنى الأهرام وتعالى هتافهم معتبرين صلاح جاهين عدوًا للإسلام، ولم يكتفوا بذلك بل رموا البناية بالطوب وكسروا واجهتها الزجاجية.
وكان على المسئولين بعد ذلك التدخل الفوري والحاسم لفض المعركة التي أصبحت تهدد الأمن العام، واتصل نائب الرئيس السيد كمال الدين حسين حسبما نشرت الأهرام مطالبًا إياه تجاوز الخلاف والتأكيد على احترام الدين وإجلاله كأمر يحرص عليه الجميع، والانصراف إلى مناقشة الميثاق، كما طلب حسين وديًا إجراء مصالحة بين الغزالي وجاهين وتم الصلح بالفعل.