حكاية بوتفليقة السرية.. كان يريد الموت رئيسا وعزل نفسه مع شقيقته زهور
كشف كاتب صحفى تولى تأليف كتاب "بوتفليقة.. الحكاية السرية"، الذي يرصد سيرة الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة، خلال مسيرة حكمه وأيامه الأخيرة بعد ترك السلطة.
وصف الكاتب فريد عليلات، ومؤلف كتاب "بوتفليقة... الحكاية السرية"، الرئيس الجزائري الراحل بأنه رجل ذو طموح لا محدود.
وفسَّر سر بقاء بوتفليقة في الحكم لأطول فترة في تاريخ البلاد من عام 1999 حتى 2019، بأن بوتفليقة كان مسكونًا طوال حياته بهاجسين: الحصول على السلطة والاحتفاظ بها بأي ثمن، بدليل أنه كان يريد أن يحكم لولاية خامسة، رغم أنه كان مريضًا وعاجزًا عن الحركة.
البقاء فى السلطة
ويوضح فريد عليلات في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هاجس بقاء بوتفليقة في السلطة، رغم الغياب والمرض، هو الذي أدى إلى اندلاع الثورة ضده في أبريل 2019، مؤكدًا أنه استفاد اعتبارًا من سنة 1999 من دعم وإخلاص الجيش وأجهزة الاستخبارات.
ويضيف الكاتب أنه كانت بين يدي الرئيس الراحل، اعتبارًا من ولايته الثانية عام 2004، كافة الصلاحيات بدون قوة مضادة، حيث حكم بكل الوسائل: الرئاسة والحكومة والجمعية الوطنية، والجيش والأجهزة والتلفزيون، وجمعيات أرباب العمل والمال. لقد أصبح رئيسًا مطلقًا، كما أسهمت عائدات النفط الهائلة في بقاء بوتفليقة في الحكم، بدون أن ننسى دعم المجتمع الدولي له، خصوصًا من فرنسا. وكل هذه العناصر كانت أساسية لبقائه في الحكم لفترة طويلة.
وفى رده عن سؤال حول سر إصرار بوتفليقة على البقاء في السلطة رغم وضعه الصحي، وكيف غير حكمه البلاد على مدى عقدين، قال عليلات إن بوتفليقة «لم يكن يرى نفسه يغادر السلطة إلا مرغمًا، فقد كان يريد أن يموت رئيسًا، وأن تُقام له مراسم دفن وطنية. لكن الأمر كان يتجاوز شخصه، ذلك أن مقربين منه كانت لديهم مصلحة في بقائه في الحكم... وكان ينبغي بالنسبة إليهم أن يحتفظ بالسلطة كي لا يحاسبوا.
إهدار الفرص
وشهدت السنوات العشرون التي حكم فيها بوتفليقة البلاد، حسب عليلات، إهدار فرص كثيرة، ولا يزال عدد كبير من الجزائريين يتساءلون اليوم أين ذهبت أموال العائدات النفطية، فيما تعاني البلاد من نقص في المستشفيات والبنى التحتية، ولا تزال البطالة مستشرية. كما يمكن أن تجد الجزائر نفسها في غضون سنوات أمام صعوبات مالية خطيرة، ومرغمة على اقتراض المال من الخارج. وبهذا الخصوص يقول عليلات: إنه فشل ذريع فيما كانت لدى البلاد كل القدرات الاقتصادية والمالية والإنسانية لتصبح كوريا جنوبية في أفريقيا... نتحدث اليوم عن إفلاس اقتصادي.
كما اتسمت رئاسة بوتفليقة بفساد هائل، دلت عليه المحاكمات التي تلت عزله، حيث اكتشف الجزائريون حجم النهب واختلاس الأموال.
المقر المحصن
وبسؤاله كيف كانت حياة بوتفليقة بعد الرئاسة وأي ذكرى سيترك خلفه، أجاب عليلات موضحًا أن الأشخاص الوحيدين الذين كان بوتفليقة يثق بهم هم أفراد عائلته سعيد وناصر، اثنان من إخوته وشقيقته زهور، مضيفًا أن الرئيس الراحل عاش سنتيه الأخيرتين في عزلة داخل مقر إقامته المحصن مع شقيقته زهور، مقطوعًا عن العالم، ولم يكن يستقبل سوى عائلته، وواحد أو اثنين من محامي شقيقه سعيد، الذي أوقف بعد تنحيه.
وكان يمكن أن يكون استدعاء الرئيس السابق للإدلاء بإفادته أمام القضاء قرارًا رمزيًا جدًا، وقد أكد رؤساء وزرائه السابقون يُحاكمون بتهم فساد أنهم كانوا يتلقون الأوامر من الرئيس لكن محاكمة رئيس جمهورية سابق هي قبل كل شيء قرار سياسي، ويبدو أن القضاء لم يحصل على الضوء الأخضر للقيام بذلك، بحسب عليلات.
يقول عليلات: الجزائريون يحفظون صورة العجوز على كرسي متحرك.. وبقدر ما ظهر جالسًا على الكرسي، نسينا أنه كان رئيسًا يقف على رجليه.. لقد تشبث بالحكم رغم كل شيء.. أمضى 20 عامًا يعزز سلطة انهارت خلال بضعة أسابيع.. ما يثبت أن النظام كان قد وصل إلى وهن كبير.