ربنا يخليكم في حالكم
منشور قرأته عبر صفحات موقع التواصل "فيس بوك"، يحكى عن فتاة، قدر لها أن تدخل إحدى الكليات منخفضة المجموع، وكانت راضية بهذا كل الرضا، وكانت فرحة أسرتها بها وبسعادتها لا توصف، لكن هذا يبدو أنه لم يرق لعائلتها، التي استخدمت معها ومع والديها، ألسنة النقد والحسرة والإحباط، في تدخل سافر فيما لا يعنيهم بالمطلق، ولن يتحملوا تبعاته أو نفقاته، وليس لهم ناقة ولا جمل فيه.
أسئلة من نوعية "ليه مدخلتش كلية كذا؟"، "طب كنتم دخلوها جامعة خاصة"، "الكلية اللي دخلتها دي صعبة"، "هي مش عارفة مصلحتها واختارت غلط"، وهو ما يعتبر مجرد لغو في الكلام لا يقدم ولا يؤخر، إلا في تشتيت الفتاة وإشعارها بالحسرة، بعد أن اطمأنت وارتاحت واختارت ما يناسبها.
"الحشريين"، مصطلح يطلق على كل من يدس أنفه فيما لا يعنيه، فيلقي الاستفسارات السخيفة تباعا على آخر، فيرهقه بالمزيد من الحاجة إلى اختلاق الرد المناسب..
أسئلة سخيفة، تقدمها بعض الحيزبونات، إلى فتيات، ممن شاءت إرادة الله عز وجل ألا يحدث لهن ارتباط اجتماعى، وكان منها رسالة وصلتني عبر الواتس اب تحكى فيها فتاة عن الآلم النفسي الذي تواجهه، فى كل مرة تكون مطالبة فيها بالرد على تلك الأسئلة السمجة، من عينة "هنفرح بيكي امتى بقى؟"، "مش ها تشدي حيلك بقي وتتجدعني وتجيبي لنا عريس؟"، " عايزين نفرح بيكي بقى انتي كبرتي كفاية كده!".
عبارات سمجة
عبارات متوحشة سفيهة، يطعنون بها في مقتل بمنتهى السماجة وثقل الظل والدم البارد، روح انسان لا يملك أن يجلب ما يطلبون، فما كان أصحاب النصيب، يباعون على أرفف السوبر ماركت، وما كان شغل "اللحلحة" و"صيد العرسان"، سلوكا قويما ينبغي التشجيع عليه.
سألتني صاحبة الرسالة:" دلني اتجدعن يعني اعمل ايه؟"، "طب إيه اللي ممكن أنقذ بيه نفسي لأني زي ما بيقولوا كبرت؟"، طب أشد حيلي إزاي يعني اعمل ايه انا بتألم بجد من كلامهم".
عبارات متكررة يظن أصحابها أنهم يتسامرون، ويجاملون، بينما هم يؤذون، ويؤلمون، حيث قالت لى صاحبة الرسالة: "أفكر بعد كل مرة تسألني إحداهن أو يسألنى أحدهم عن الزواج والنصيب، أفكر في الانتحار، كل سؤال كأنه قنبلة حارقة هوت على رأسي، أشعر أننى على وشك الموت، وأن سنوات عمرى ولت وانتهت، أن بات على أن أهرول لإنقاذ نفسي سريعا وبأى سبيل، مع أننى أرى كثيرات لم تشاء إرادة الله لهن أن يتزوجن، وأكملن حياتهن وأصبحن ناجحات متفوقات عمليا، ومستقرات نفسيا فى حياتهم الاجتماعية".
دعوة صادقة لشغل النفس بالنفس، دعوة للتفكير فى الكلمة قبل النطق بها حتى لو كنتم تظنون أنكم تجاملون أو تتلطفون، دعوة لإخراج الأنف المدسوس من حياة الآخرين وشئونهم، ونهاية أدعو لكم دعوة من القلب: "ربنا يخليكم فى حالكم".