دراسة تكشف التقنيات الزراعية المختلفة لتفادي الآثار الضارة من تقليل مياه الري
تطور الري في مصر على مر السنين عن طريق استخدام طرق الري الحديثة (الري بالرش والري بالتنقيط) وخاصة مع الزراعة فى الاراضى الرملية الجديدة، حتى يتمكن المزارع من إضافة المياه بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب دون هدر لـ كميات كبيرة من الماء كما يحدث فى استخدام طرق الري التقليدية بالأراضى القديمة (الري بالغمر).
كذلك تم الاعتماد على بيانات الأرصاد الجوية لحساب الاحتياجات المائية بدقة لكل محصول تحت ظروف التربة والمنطقة المنزرعة بها هذه المحصول، وأصبح العديد من المزارع الكبرى تطبق هذا الأسلوب في إدارة عملية الري عن طريق تركيب محطة أرصاد صغيرة داخل المزرعة، يمكن من خلالها التعرف على الظروف الجوية وحساب الاحتياجات المائية اليومية للمحاصيل مما يساهم في توفير المياه وتقليل الهدر.
تكنولوجيا الري الذكي
كشفت دراسة للمركز القومي للبحوث، أقام عليها الباحثين: سامح محمد، ونعمه محمد، وهناء على، إدخال تكنولوجيا الري الذكي، حيث يتم استخدام أجهزة وأدوات تستطيع قياس نسبة الرطوبة والحرارة بالتربة، ويمكن من خلالها إدارة عملية الري بكفاءة عالية عن طريق استخدام الحساسات Sensors والتي تقوم بدورها فى إرسال البيانات إلى أجهزة الكمبيوتر أو تطبيق الموبايل بصفة دورية، وبالتالي يسهل الاطلاع على حالة التربة والنباتات باستمرار وأخذ القرارات السريعة، ويمكن أيضا التحكم الكامل من خلال أجهزة الرى الذكي في عملية الري، حيث يتم فتح وغلق نظام الري أوتوماتيكيًا على حسب حالة الجو ونسبة الرطوبة في التربة.
وكل هذه الطرق والأساليب والتكنولوجيات الحديثة ساهمت بقدر كبير في تقليل الهدر وتوفير الاستهلاك من مياه الرى، ولكن في ظل نقص ومحدودية مياه الرى (حيث أن نصيب مصر من مياه نهر النيل لا يتعدى 55.5 مليار م3 سنويا) ومع الخطط القومية للدولة والتي تستهدف زيادة الرقعة الزراعية لابد من البحث عن طرق أخرى غير تقليدية تساعد في توفير مياه الري، خاصة فى ظل التغيرات المناخية الحادة من ارتفاع فى درجات الحرارة وزيادة البخر نتح من سطح التربة والنبات وكذلك من أسطح المسطحات المائية مع عدم أو قلة الأمطار، فلابد من تقليل الاستهلاك المائى للنباتات وخاصة أنه يصاحب استخدام نظم الرى الضغطى الحديثة (الري بالتنقيط والري بالرش) استخدام للطاقة لرفع الماء وضغطها في شبكة الري حتى تصل إلى النباتات فى كل مكان بالمزرعة ونجد أن زيادة استهلاك هذه الطاقة يزيد من تكاليف الإنتاج الزراعي ويقلل من العائد.
والرى الناقص هو إستراتيجية لتوفير مياه الري حيث تتعرض النباتات إلى نقص مياه الرى خلال فترة من فترات النمو أو خلال موسم النمو كله حيث يتم إمداد النباتات بكميات مياه صغيرة أقل من الاحتياجات المائية (المبنية على حسابات البخر نتح) بجوار المجموع الجذري وعلى فترات متقاربة حتى يتم الحفاظ على نمو وتطور النبات وكذلك إنتاجيته، ويتم إتباع العديد من التقنيات الزراعية المختلفة والتي تساعد على تفادي الأثر الضار الناتج عن تقليل كمية مياه الري.
التقنيات الزراعية
1- نظام الري تحت السطحي: يعتبر أحد أهم هذه التقنيات حيث يتم دفن خراطيم الرى تحت سطح التربة على أعماق مختلفة تختلف بأختلاف نوع النبات، ونوع المجموع الجذري الخاص به وكذلك نوع التربة، ويتم من خلال هذا النظام نقل المياه والعناصر الغذائية مباشرة إلى منطقة انتشار جذور النباتات مما يعظم الاستفادة من أقل قدر من المياه بالإضافة إلى تقليل الفقد الذى يحدث فى نظام الري السطحي سواء عن طريق البخر من سطح التربة أو عن طريق التسريب إلى باطن التربة، حيث أجريت العديد من الدراسات الحديثة على بعض محاصيل الخضر وأظهرت النتائج أن تحت ظروف نقص مياه الرى أدى استخدام نظام الري تحت سطحي إلى تعويض هذا النقص دون التأثير على نمو النباتات وإنتاجية الثمار، حيث تم دفن خراطيم الرى على عمق 20 سم مع نباتات الطماطم مما ساهم فى توفير مياه الرى بقدر يتراوح ما بين 15% إلى 30 % مقارنة بنظام الري السطحي.
2- الري الجزئى للجذور Partial Rootzone Drying وهو تكنيك يتم من خلاله إضافة ماء الرى على إحدى جانبى المجموع الجذرى بالتبادل فى كل رية، ويساعد هذا النظام على توفير مياه الرى حيث يتم الري بكميات مياه أقل على إحدى جانبي المجموع الجذري ويترك الجانب الأخرى جافًا ثم في الرية التي تليها يتم رى الجزء الجاف ويترك الجانب الآخر دون رى وهكذا.
ويساعد هذا النظام على تحفيز المجموع الجذرى على النمو الى عمق أكبر في باطن التربة مما ينعكس على زيادة نمو المجموع الخضري وايضا زيادة المحصول. أيضا أظهرت النتائج أن هذا التكنيك أدى الى زيادة كفاءة الاستهلاك المائي مقارنة بنظم الري التقليدية خاصة تحت ظروف نقص مياه الرى حيث ساهم في تحفيز النباتات على غلق الثغور وتكوين الذائبات العضوية داخل الخلايا والتى تساهم فى زيادة قدرة النباتات على تحمل ظروف الإجهاد ونقص المياه.
3- الملش: حيث يعد تغطية سطح التربة من ضمن الممارسات الزراعية التي تساعد على حسن إدارة مياه الري ورفع كفاءة الاستهلاك المائى. حيث هناك العديد من المواد التى تستخدم فى تغطية سطح التربة مثل القش والبلاستيك بألوانه المختلفة.
ويساعد تغطية سطح التربة بالبلاستيك (البولى إيثيلين) أثناء زراعات الخضر فى القضاء على الحشائش، وتقليل الفقد فى العناصر المعدنية والمياه عن طريق البخر، وتحسين المناخ الدقيق حول النباتات.
حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن نقص مياه الرى (بنسبة 50 %) أدى الى نقص محصول الطماطم، بينما مع استخدام بلاستيك الملش زادت الإنتاجية الى 81.12 طن/هكتار وتم الحصول على أعلى كفاءة الاستهلاك المائي (592 كجم/هكتار/مم)، مقارنة بالزراعة بدون ملش.
4– الكمبوست: حيث يعتبر إضافة المادة العضوية وخاصة الكمبوست من أهم العمليات الزراعية التى تساعد على زيادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء خاصة فى الأراضى الرملية وتحت ظروف نقص المياه.
محسنات التربة العضوية
وتشير الدراسات الحديثة الى أن استخدام محسنات التربة العضوية (مثل الكمبوست) أدت الى رفع كفاءة الاستهلاك المائي وزيادة نمو النباتات وزيادة إنتاجيتها، حيث وجد أن نقص ماء الرى أدى الى نقص محصول الفاصوليا ومع إضافة الكمبوست بمعدل 5 أو 10 طن/هكتار زادت الإنتاجية بنسبة 25% و41% على التوالي.