لا يعترف بسوء إدارته لأفغانستان.. كيف برر الغرب الهزيمة أمام طالبان ؟
تمر الساعات والأيام، والعالم الغربي ما زال مسئولا فقط عن تجميل وجهه في أزمة طالبان ولا يرى مشكلة كبرى في سوء إداته للحكم في افغانستان، التي يقيس النجاح فيها بالتزام البلاد بالقيم والأفكار التي تؤمن بها أوروبا، وبخلاف ذلك لا شيء مهم.
ومن يطالع الإعلام الغربي سيجد أن أزمة طالبان تم تصديرها للشعب الأفغاني الذي لم يستطع الدفاع عن قيم الحريات والديمقراطية، وليست المشكلة في الطريقة التي فرضت بها الديمقراطية والفساد الذي نما تحت سيطرة القوات الاجنبية بطريقة غير مسبوقة، وإهمال الفقراء وتحميلهم مسئولية فقرهم.
هزيمة أمريكا
قال الدكتور محسن محمد صالح، الباحث ومدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، يرى إن الإعلام الغربي، ما زال يحاول التخفيف من وقع هزيمة أمريكا أمام طالبان في أفغانستان، وتجميل وجهها، لافتا إلى أن الموضوعية والإحصاءات ستتكفل بكشف الحقائق على الأرض.
خطايا الإعلام الغربي
أوضح “صالح”، أن النتيجة التي لا يستطع الإعلام الغربي الإبصار بها، أن أمريكا فشلت في فرض نموذجها على مدار 20 عاما، مردفا:" فشلت في تغيير الوجه الحقيقي لأفغانستان؛ وفشلت في كسر شوكة حركة مقاومة لا تملك إلا إمكانات بسيطة، كما فشلت في إنشاء منظومة سياسية تتماهى مع المصالح الغربية".
وتابع صالح مؤكدا أن أمريكا أضاعت ما يزيد عن تريليون دولار (ألف مليار) أنفقتهم أدراج الرياح، موضحا أن هذا المبلغ الهائل يشير إلى مدى الاستنزاف والإنهاك الذي عانته الولايات المتحدة.
الإنفاق السنوي
أوضح الباحث أن متوسط الإنفاق السنوي الأمريكي في أفغانستان كان يبلغ حوالي خمسين مليار دولار، وهو ما يوازي ميزانيات عسكرية سنوية لقوى عالمية كبيرة ـ مقارب للميزانية العسكرية البريطانية والعسكرية الفرنسية ـ وأعلى من الميزانية العسكرية الألمانية، كما يزيد عن 13 ضعف الدعم السنوي المقدم لإسرائيل.
تابع:" درّبت أمريكا وحلفاؤها جيشًا من نحو 300 ألف عسكري، انهار سريعًا مع اقتراب الخروج الأمريكي من أفغانستان"، لافتا إلا أن الحديث عن الديمقراطية والشفافية والدولة الحديثة إلى آخر المصطلحات التي تروجها أمريكا في العالم، لكنها لم تستطع إنشاء نظام سياسي يعمل تحت رعايتها، من أن يصبح أحد أفسد الأنظمة في العالم؛ مشيرا إلى أن المؤشر العالمي لمدركات الفساد سنة 2020 وضع أفغانستان في الترتيب 173 من أصل 179 بلدًا.
وأوضح الباحث، أن الإعلام الغربي لايركز على إخفاقات بلاده، ولا يكلف نفسه عناء تفسير ماحدث بشكل موضوعي بعد عشرين سنة من الحرب القاسية على الشعب الأفغاني، كما لا يكلف نفسه تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن مقتل نحو 120 ألفًا من المدنيين الأفغان، الذين راحوا ضحية التدخل العسكري الأمريكي وحلفائه.
واختتم:" أمام طالبان تحديات هائلة في تحديت التنمية والنهضة، وبناء علاقات إقليمية ودولية متوازنة، وهي تحديات لا تقل عن التي واجهتها في صراعها مع أمريكا، على حد قوله.