حركة طالبان في طبعتها الحديثة
أفغانستان تحت سيطرة طالبان، هذا الخبر التي تصدر جميع نشرات القنوات الفضائية العالمية، وكذلك صدر صفحات المطبوعات الصحفية العالمية، والسؤال الذي يطرح نفسه هل طالبان الأمس هي طالبان اليوم؟ والإجابة بكل تأكيد عند قادة طالبان، هم أنفسهم الذين لديهم الإجابة الصحيحة، لأن أفعالهم المستقبلية هي التي ستحدد صدق وعودهم الحالية، ولكن هناك مؤشرات بكل تأكيد في أن طالبان اليوم ليست هي طالبان الأمس، وذلك من عدة شواهد..
أولا طالبان سلكت طريق المفاوضات سواء مع الجانب الأمريكي أو مع الجانب الحكومي لافغانستان، واستمرت هذه المفاوضات قرابة العام ونصف،وهذا امر جديد على طالبان، لأن طالبان التي استولت على الحكم في أفغانستان عام ١٩٩٦ جاءت من الجبال ودخلت العاصمة كابول تحت تهديد السلاح، بل صاحب دخولها عمليات انتقامية واسعة لمعارضيها، وكانت تنظر إلى أمريكا على أنها الشيطان الكبير ولم تلتقي طالبان وقتها بوفد أمريكي أو حتى حكومي، مع إن الذي كان يحكم أفغانستان فصيل من المجاهدين الأفغان، أما طالبان اليوم في عام ٢٠٢١ فتختلف تماما عن السابق في طريقة دخولها كابول وسيطرتها على أفغانستان، فاليوم لها مكتب سياسي، وهناك رؤية جديدة للحركة مغايرة تماما للسابق وذلك ما لاحظه معظم المراقبين للحركة
تاريخ طالبان
والفرق البين بين طالبان سابقا وطالبان حاليا هو أن طالبان في الماضي دخلت كابول وسيطرت على أفغانستان بفقه الأمير المتغلب، أما طالبان اليوم فقد دخلت كابول وسيطرت على أفغانستان بفقه المفاوضات السياسية، وفي الماضي أيضا كان شعار طالبان الدم والانتقام أما اليوم فشعار طالبان منح الأمان للخصوم السياسيين والأجانب ورعاياهم، حتى أن طالبان طلبت من رئيس أفغانستان الهارب وحكومته العودة إلى أرض الوطن، وكل تصريحات قادة طالبان إنهم يريدون فتح صفحة جديدة من أجل بناء أفغانستان الحديثة، دون إقصاء أي فصيل كما أن سياستها الخارجية هي إقامة علاقات دبلوماسية وشراكة ثنائية بين دول العالم المختلفة.
وفي قراءة متأنية لتاريخ حركة طالبان يتبين لنا إنها حركة دينية وطنية قبلية، وهي في ذلك لا تتوافق مع جماعات العنف والإرهاب الأخرى مثل داعش أو حتى الإخوان، فليس لهم ارتباط بتنظيم دولي كالاخوان كما انها ليست لها رؤية عالمية مثل داعش وروافدها كالقاعدة والتنظيمات الأخرى المنتشرة في أفريقيا وآسيا، كما أن نظرة طالبان تختلف عن داعش والقاعدة في مسألة الخلافة الإسلامية والمبايعة للسلطان، وترى أن الحكم يقتصر على حدود دولة أفغانستان دون أن يتعداها حتى ولو إلى جارتها باكستان، كما أن طالبان تخاطب الأمم المتحدة وتتفاوض مع أمريكا في حين أن داعش ترى في الأمم المتحدة وأمريكا عدوا لهم معلوم العداوة يجب محاربته حتى آخر نفس..
طالبان والعالم
في الوقت ذاته طالبان تبحث وبصورة جدية عن إقامة علاقات دبلوماسية مع أمريكا والدول الغربية وروسيا والصين وغيرهم، فالخلاصة طالبان منفتحة على العالم كله بدون تمييز مع التأكيد على عدم تدخل هذه الدول في شئون أفغانستان الداخلية، وهذا أمر طبيعي في سياسة الدول المستقلة، والذي يؤكد على جدية طالبان في التحول من إدارة الحركة إلى إدارة الدولة هو شروعها في تكوين حكومة أفغانية تشمل جميع طوائف المجتمع الأفغاني، وستكون هذه الحكومة المرتقبة من ست وعشرون حقيبة وزارية ستنقل أفغانستان من دولة هشة إلى دولة مستقرة..
والذي أراه أن تحتوي دول العالم بما فيهم الدول العربية طالبان وتقيم معها علاقات طبيعية وتساعدها في بما تحتاج إليه من تقنية حديثة لعبور هذه المرحلة الحرجة وحتى لا تصبح أفغانستان ملاذ أمن للجماعات الإرهابية مرة أخرى، ما جاء في مقالي هذا يعبر عن نظرة متجردة للوضع في أفغانستان من منطلق باحث كان فردا من منظومة الحركات الإسلامية دون دعم أو تعصب لحركة طالبان أو الدعاية لها.