رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الثانوية العامة.. والحاخام والخنازيرالعشرة!!

لا أعرف لماذا هاجمتنى قصة الحاخام الشهيرة مع اليهودى الفقير والخنازير العشرة التي تروى في التراث وأنا أتابع مأساة الثانوية العامة وردود الأفعال الغاضبة تجاه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم.

 

الحكاية الشهيرة -بأسلوبى طبعا-  تحكى أن يهوديا فقير كان يعيش مع زوجته وأمه المريضة وحماته العجوز وأولاده العشرة فى غرفة واحدة ضيقة، تحمّل  اليهودى الكثير من الضيق والفقر، وجرب كل الحيل لاستئجار مكانا أوسع لكنه فشل لضيق ذات اليد وأشار عليه بعض الأصدقاء بالذهاب إلى الحاخام.. وذهب الرجل طالبا الحل.. استمع له الحاخام بانصات ثم قال بعد تفكير: أنت تستحق كل خير ولن يتخلى عنك الرب.. اذهب إلى بيتك وستجد الفرج.

 

وكانت المفاجأة في انتظاره عند العودة فقد وجد خنزيرا تنبعث منه رائحة كريهة، إستشاط الرجل غضبا وعاد إلى الحاخام، رسم الحاخام علامات الدهشة على وجهه وقال: عد إلى بيتك وستجد ما يسرك !!عاد الرجل مهرولا ليجد الخنزير ليس بمفرده ولكن معه خنزير آخر أكبر منه، عاد إلى الحاخام وبعد مماطلة رد عليه قائلا: عد الى بيتك وستجد الحل في انتظارك !

دهاء الحاخام

 

وعندما عاد وجد الخنزيرين ثلاثة.. وهكذا بين الذهاب والعودة أصبحت الخنازير عشرة في الغرفة الضيقة ووجد أهل الرجل أنفسهم خارج الغرفة، وإستبد اليأس بالرجل، وترسخ لديه اليقين بانه لا حل للوضع الذى وصل اليه.. وبعد عدة أيام نصحه بعض الجيران بالعودة للحاخام، وهنا ثار الرجل في وجوههم سيرسل لى 10 خنازير أخرى ويمكن مائة !!ردوا عليه لن تخسر شيئا!

 

فكر في كلامهم وإقتنع بمنطقهم وعاد للحاخام الذى قابله بترحاب وإبتسامة صفراء قائلا: أين أنت يارجل، هل حلت مشكلتك، لم أرك منذ فترة؟ قال الرجل: الخنزير أصبح عشرة وأنا وأولادى تركنا لهم الغرفة !رد الحاخام: معقولة! وأضاف: عد وصدقنى ستجد الأمر مختلفا هذه المرة.

 

عاد الرجل وهو يجر قدميه، حتى وصل فوجد أهله يهللون لقد غادر أحد الخنازير الغرفة.. ردت في الرجل روح الأمل وعاد إلى الحاخام ليبشره، فقابله بابتسامة وقال له مادمت جئت فرحا فعندما تعود ستزداد فرحتك وعندما عاد وجد أطفاله يهللون فقد غادر الغرفة خنزيرا آخر!  وتكرر المشهد بين الذهاب والعودة حتى غارد آخر خنزير الغرفة ليرجع أولاده وزوجته وأمه وحماته إلى المكان بعد أن بذلوا جهدا كبير في تنظيف الغرفة من فضلات ورائحة الخنازير وبعد أن ظلوا فترة طويلة في العراء !!عاد الرجل للحاخام ليشكره.. وهنا سأله الحاخام بنظرة ماكرة: مبسوط !

 

قال: نعم. فرد الحاخام: هل تريد شيئا آخر؟ أدار الرجل جسده وإنطلق بعينيه إلى السماء، مهرولا وفرحا بخروج الخنازير للأبد من غرفته ونسى قضيته الأساسية التي راح يشكو منها بأن غرفته ضيقة ولا تتسع لأسرته !!

وعود الوزير

 

وهكذا نجح وزيرالتربية والتعليم.. أنسى الجميع ما حدث طوال العام الدراسى والأعوام السابقة من تخبط في القرارات وتغييرها قبل أن يجف حبرها، فلم يعد أحد يتكلم عن البنية التكنولوجية غير المكتملة والكتب المدرسية ومافيا الكتب الخارجية والدروس الخصوصية والمنصات التعليمية أو القنوات التعليمية الى لم يستفد أحد منها ! فضلا عن تصريحات الوزير بان النتيجة ستكون تراكمية لسنوات الثانوية العامة! أو المناهج طويلة والحشو الذى لا مثيل له، أو التابلت والأموال التي أنفقت عليه وإن الامتحان سيكون تابلت أو ورقي وللطالب حرية الإختيار أوالأسئلة التعجيزية التي فاقت قدرة المدرسين على حلها وعدم تناسب الوقت معها. 

 

لم يعد أحد يتكلم عن الغش الالكترونى الجماعى.. والتسريبات التي  وعد الوزير بمنعها ولم يتم والمجاميع السرطانية في بعض المدارس ومحافظات بعينها! ولجان أولاد الأكابر والدليل أولاد النائب البرلماني.. 

لم يعد أحد يتكلم إلا عن الحلم وهو أن يروا أوراق إجابات أولادهم بعد أن أقنع الوزير الجميع بأن هذه الرؤية محرمة شرعا، والإكتفاء فقط برؤيتها من وراء حجب إلكترونية. أقنع الجميع بأن رؤية نماذج الإجابات في كل مادة صارت سرا وعورة أحيانا، يعنى رجس من عمل الشيطان علينا إجتنابه وإلا نكون ضد التطويرولنتبؤ مكاننا في النار! نسى الجميع كل الهموم وتركز الحلم فقط في إعادة الرصد والتصحيح لأسئلة، مستحيل حلها بالعقل والتفكير، لكن يجوز بالتسريب وأشياء أخرى!

بالذمة ألا يوجد تشابهات كبرى بين الحاخام واليهودى وأسرته والخنازير العشرة وبين الوزير و650 الف طالب سكنوا هذا العام في غرفة ضيقة اسمها الثانوية العامة! 

yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية