طالبان والأمريكان.. إخوان إخوان إخوان
الناس لا تصدق الأمريكان، شواهدهم التاريخية لا توحى بالثقة فيما يقولون وتاريخهم مع الصدق يحمل الكثير من المضامين الموحية بغير ذلك.. كذبوا علي صدام حسين ودفعوه دفعا لدخول الكويت ثم راحوا وضربوا العراق. ثم لم يشأ صدام حسين أن يلملم أوراقه حتى فاجأونا وفاجأوا العالم بأن نظامه يملك أسلحة كيماوية فذهبوا إلى هناك وهدموا البلد على أهله ووعدوا بنشر نموذجهم الديمقراطى فكان ما كان.
وفي مشاهد سينمائية تواجه أمريكا ضربة موجعة ومفجعة وخطيرة في أحداث ١١ سبتمبر، ساعتها قال الأمريكان إنهم لابد وأن يذهبوا إلي أفغانستان للقضاء على الإرهاب. ومضت سنوات فوق سنوات والأمريكان هناك وطالبان أيضا فلا الأمريكان قضوا على الإرهاب ولا طالوا طالبان ثم كانت المفاجأة بخروج مزلزل مثل كل خروج أمريكي من بلد أرادت احتلاله وفرض نموذجها عليه.
هذه المرة لم يكن الخروج السينمائى أيضا مثل كل مشاهد خروجها من بلاد دمرتها بآلاتها العسكرية ثم عادت الى التقوقع ليحكى الساسة مذكراتهم مع الخيبات المتتالية للعم سام خارج أرضه.
مشهد الهروب
أقول هذه المرة يبدو الخروج وكأنه مشهد مسرحى ساخر حيث أعلنت الولايات المتحدة الامريكية أنها تنال تعاونا أمنيا واستخباراتيا مع عدو الأمس حركة طالبان. وتركز الآلة الإعلامية الأمريكية علي مشهد المدرج بمطار كابول والناس على عجلات الطائرة الأمريكية يستمسكون بعجلاتها أملا في الهروب من طالبان الشيطان الرجيم!!
يتساقط الراغبون في الهروب من ارتفاعات شاهقة على أرض لم تعد قادرة على تحمل النموذج الأمريكي الذي تركوه خلف ظهورهم على أرض لم تعرف السلام منذ عقود طويلة.
المشهد مرضي تماما لكاميرات هوليود وللصورة الذهنية لأرض الحريات والفرص المتاحة ومخزى بنفس القدر لكل القابعين تحت سيطرة أنظمة متخلفة ويلقون بأنفسهم موتا في البحر أو الجو من أجل فرصة في بلاد الغرب المتمدين رغم ثبوت علاقة وطيدة بين الأمريكان وطالبان.. فالامريكان وطالبان إخوان إخوان إخوان!!
الأكثر إثارة أن الخروج الأمريكي يحظى هذه المرة بحالة من الغموض قد لا يماثلها غموض آخر في مشاهد الأداء الأمريكي خارج الحدود ولايزال الغيب محملا بما هو أكثر غموضا وإثارة ورعبا.