السيد غنيم يكتب.. أسرار خلافات حمدي الكنيسي مع صفوت الشريف
رحل اليوم عن عالمنا الإعلامي حمدي الكنيسي بعد تعرضه لوعكة صحية ألمت به مؤخرا، وتدخل الرئيس السيسي ووجه بتوفير الرعاية الطبية اللازمة للراحل، قبل أن ينفد قضاء الله سبحانه فيه قبل ساعات.
حمدي الكنيسي إعلامي من طراز فريد ونموذج يصعب تكراره كثيرا في المجال الإعلامي، فقد كان استثناء بين أبناء جيله من الإعلاميين الكبار، حيث تبوأ مكانة خاصة خلال رحلة طويلة له في العمل الإعلامي.
وفى حياة الكنيسي العديد من الأسرار والكواليس بعضها عرفها المقربون له ، والأخرى ذكرها الراحل في أحاديث خاصة سمعها الكثيرون عنه، وكاتب هذه السطور واحد منهم، فقد كان الراحل يتميز بأنه حكاء له أسلوبه المميز في ذلك، وصاحب ذاكرة فولاذية عن تفاصيل عديدة ومواقف متتالية مرت عليه خلال مشواره الإعلامي.
أول الكواليس في حياة الكنيسي هي توتر علاقته بالراحل صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق والأشهر في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، فقد لمع اسم الكنيسي وأصبح خلال فترة رئاسته للإذاعة المصرية واحدا من نجوم الإعلام، وتسببت نجوميته وثناء الرئيس الراحل مبارك عليه في أكثر من مناسبة آنذاك في غيرة صفوت الشريف، وخوفه من أن يتقلد الكنيسي موقعه ،لاسيما وأنه وبحسب رواية الإعلامي الراحل لي في جلسة سابقة جمعتني معه، كانت قرينة الرئيس سوزان مبارك تشيد بالكنيسي وتدعمه ما أثار حفيظة الشريف، واستغل فرصة اقتراب وصول الكنيسي للمعاش ولم يجدد له التعيين مطلقا في منصبه كرئيس للإذاعة، رغم نجاحه آنذاك بشكل ملفت، وبرغم أن عملية المد للقيادات وتحديدا في الإذاعة في ذلك الوقت كانت عرفا تم إقراره قبل تولى الكنيسي المنصب، وبعد رحيله أيضا تم المد لمن جاء بعده في قيادة الميكروفون الحكومي فإن الكنيسي تم حرمانه من المد وإقصاؤه من المشهد تماما بحجة وصوله للمعاش .
صراع الكنيسي والشريف أيضا كان سببه مطالبات دائمة لحمدي الكنيسي بإنشاء نقابة للإعلاميين وتعمده الحديث عن ذلك المشروع أكثر من مرة خلال افتتاحات لمبارك بماسبيرو بدون التنسيق المسبق مع وزير الإعلام الراحل، ما اعتبره الأخير تعمدا لإحراجه من جانب الكنيسي أمام الرئيس.
التحويش والثروة
من كواليس حياة رحلة حمدي الكنيسي في ماسبيرو التي كان يتفاخر بها دائما في أحاديثه هي أنه عاش ومات طاهر اليد ،فقد كان الراحل يتحدث عن أنه لم يتكسب بطرق غير شرعية من عمله في الإعلام، أو من توليه منصب معين داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، بل كان يتذكر كيف وفر العديد من الأموال خلال رئاسته الإذاعة، وتوجيهه الأموال لدعم الإنتاج الدرامي الذي شهد في عهده طفرة لم ترها الشبكات الإذاعية في عهد أي رئيس إذاعة آخر، وكان الكنيسي دائما يحكي كيف أنه عندما قرر الانتقال إلي مسكنه الحالي في مدينة 6 أكتوبر قام ببيع شقته، واستخدام قرض من البنوك لاستكمال عملية البناء والإنشاءات، بالتشارك مع ابنته، غير أنه كان سعيدا للغاية بذلك، موضحا أن طهارة ذمته المالية تمثل له حائط الصد الأول في مواجهة أي شيء، قائلا ليس لدي ما أخاف أو أخجل منه في مشواري لأخضع لأي أحد.
اكتشاف بخيت بيومي
من الكواليس في حياة حمدي الكنيسي الإعلامية أيضا أنه هو مكتشف الشاعر ومؤلف الأغاني بخيت بيومي حيث كان الراحل سببا في بزوغ نجم بيومي في عالم الفن، وذلك بعد إيمان الكنيسي بموهبته وإصراره على تقديم بيومي معه في حلقات عديدة من برنامج قصاقيص، الذي كان يذاع في إذاعة صوت العرب ويقدمه الكنيسي في بداية حياته الإعلامية.
20 ساعة عمل
ليس مبالغة أيضا ذكر عدد ساعات العمل لحمدي الكنيسي خلال رئاسته للإذاعة، فقد كان الرجل يعمل لمدة 20 ساعة يوميا ، ولا يكاد يذهب إلى بيته ليستريح فقد كان في ذلك الوقت صاحب أكثر من نصف دستة مناصب، تأتي رئاسة الإذاعة على رأسها، ويليها أمين عام مهرجان الإذاعة والتليفزيون ،ووكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، ومناصب أخرى عديدة آنذاك وجميعها كان يقودها بنجاح ، نظرا لأن وقته كله كان للعمل في ذلك الوقت.
افرول الجيش
من المواقف التي كان حمدي الكنيسي يرويها ويسعد بها دائما هي حكاية إصرار قيادات الإذاعة على تواجده في استديو 46 مرتديا افرول القوات المسلحة إبان حرب أكتوبر، وذلك بهدف إلهاب حماس المطربة ََوردة خلال تسجيلها أغنية "وانا على الربابة بغني " ليعطيها النظر إلى الكنيسي في زي الجندي الشعور والإحساس العالي بما ظهر جليا في أدائها للأغنية بالفعل.
وزارة الإخوان
من الحكايات والأسرار التي كان الكنيسي يرويها أيضا أنه تلقى عروضا ليكون وزيرا للإعلام في آخر 11 عاما بعضا منها حسب رأيه كان يفكر في قبولها أو التراجع عنها والأخرى كان يتمناها لكن لم تتم لظروف ما لا يعلمها، بينما العرض الوحيد الذي رفضه مطلقا ولم يهتم به نهائيا بل أعلن أنه عار إعلامي لمسيرته حسب ذكره لي ذلك في إحدى جلساتنا سويا كان من جماعة الإخوان الإرهابية الذين رشحوه وزيرا للإعلام ،وتحدث معه الراحل عصام العريان القيادي الإخواني في ذلك الأمر إلا أن الكنيسي رفض تماما ذلك الترشيح.
مصير إسكان عاملو ماسبيرو
ولع الكنيسي بالخدمات العامة وانحيازه إلى مشروع إقرار وإنشاء نقابة الإعلاميين واكبه اهتمام أيضا بمشروعات إسكانية لأبناء الإذاعة والتليفزيون لذا كان الراحل حريصا علي إنشاء جمعية للإسكان الاجتماعي لزملائه العاملين في مبني ماسبيرو ظل هو رئيسها ويتابع مشروعاتها حتى آخر 4 شهور من سنوات عمره، حيث عقد آخر اجتماعاته بمسئولي الجمعية في الإذاعة قبل وفاته بأشهر قليلة، ليطمئن ويتابع خطوات وعمل الجمعية ، لتوفير مشروعات سكنية لأعضائها من أبناء ماسبيرو.