ما حكم الدين من مرتكب المعاصي والمحرمات والأمر بها؟
كشف علماء الدين حكم الشريعة الإسلامية فيمن يرتكب المحرمات والمعاصي المنهي عنها في الكتاب والسنة كقتل المسلم، وهتك عرضه ونهب ماله من غير حق شرعي؟
ويجيب فضيلة الشيخ أحمد هريدي مفتي الديار عام 1964 فقال: أجمع المسلمون على أن من أنكر ما ثبتت فرضيته كالصلاة والصوم، أو حرمته كالقتل والزنا بمصدر تشريعى قطعي في ثبوته عن الله تعالى ودلالته على الحكم، وتناقله جميع المسلمين كان خارجا عن ربقة الإسلام لا تجري عليه أحكامه ولا يعتبر من أهله.
الكتاب والسنة
وقال الإمام ابن تيمية في مختصر فتاواه " ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة، أو جحد تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش والظلم والخمر والزنا والربا.
أو جحد حل بعض المباحات المتواترة كالخبز واللحم والنكاح فهو كافر مرتد.
وعلى ذلك فالمسلم العاقل الذى المحرمات المنصوص على حرمتها في الكتاب والسنة كقتل المسلم وهتك العرض وأخذ المال من غير حق شرعى، أو يأمر غيره بارتكابها معتقدا جواز هذه الأعمال يكون جاحدا لتحريم المحرمات المتواترة، ومنكرا لحرمة ما ثبت حرمته بدليل قطعى فيكون كافرا مرتدا آثما.
المسلم العاصي
أما من يرتكب المحرمات وهو يعلم بحرمتها ومن يأمر بارتكابها وهو يعلم بعدم جوازها فيكون مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا، ولا يخرج بذلك عن ربقة الإسلام.
كما أجابت دار الإفتاء المصرية أيضا بأن المسلم يحرص على رضا الله تعالى في كل أموره بفعل ما أمره الله به، واجتناب ما نهاه الله عنه، وقد يقع من المسلم شيء من الزلل أو الغفلة تجعله يقع في المعصية ومخالفة الشرع، وإذا حصل من الإنسان شيء من ذلك فعليه المبادرة بالاستغفار والتوبة عما وقع فيه، وقد بين القرآن الكريم حال المسلم إذا وقعت منه الذنوب والمعاصي، قال الله تعالى في سورة الزمر: ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ).
موجبة العقوبة
كما أن المعصية في الأصل سبب من أسباب غضب الله تعالى، وموجبة للعقوبة في الآخرة، بل قد تؤثر على حياة الإنسان في الدنيا، فتجعله مضطربًا في سلوكه وعلاقته بالآخرين، ولا يصاحبه التوفيق في أعماله وأوقاته، سواء لاحظ ذلك بالفعل أو لم يلاحظه، ولذلك فإنّ الله تعالى شرع لنا في الإسلام طرقًا كثيرة للتوبة من المعاصي واستدراك ما فات.
الكبائر من الذنوب
فإذا كانت المحرمات التي وقع فيها العبد كبيرة من الكبائر، كالردة والزنا والربا وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقذف المحصنات وقتل النفس وأكل مال اليتيم، فإنه يجب عليه وجوبا عينيا أن يتوب منها، والتوبة تتحقق بأمور ثلاثة: أن يقلع عن المعصية فورا، ويعزم على عدم العودة إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأن يجد في قلبه ندما على ما قصر فيه فيستغفر الله على ما كان، فإذا فعل ذلك غفر الله تعالى له كما وعد، قال الله تعالى فى سورة الشورى: ( وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ). كانت المعصية متعلقة بحق من حقوق الناس كأن يأخذ مال أحد، فيجب عليه أيضا أن يعيد الحق لصاحبه.
الصغائر من الذنوب
وأما إذا كانت المعصية أو المحرمات دون الكبائر، فإن الله تعالى جعل لها أسبابا كثيرة للمغفرة رحمة منه وفضلا، ولو شاء لما عفا عن شيء، ومن هذه الأسباب: التوبة بحسب الشروط المذكورة آنفًا، وإسباغ الوضوء، والمشي إلى المساجد، والسجود، وصوم رمضان، وقيام الليل، واجتناب الكبائر، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله ) رواه مسلم.