العلمانيون الأفغان.. أي مصير ينتظرهم بعد تولي طالبان حكم البلاد؟
يعيش العلمانيون الأفغان حالة من الرعب الشديد، بسبب عودة حركة طالبان الحتمية لحكم أفغانستان، حيث تكن لهم الحركة الأصولية المتشددة عداء شديدًا، ولا تنسى للنخب العلمانية الحروب الفكرية التي شنتها ضدها طوال 20 عاما، لكن السؤال: ما هي الخيارات أمام التيار العلماني أمام جماعة جهادية ترفض أي فكرة معارضة لأدبياتها؟
تكتيك قديم
أي تحليل تاريخي للحالة الأفغانية، يؤكد أن العلمانيين لا يصمدون كثيرا أمام أي تهديد جدي لهم، ولن يكون أمامهم إلا الفرار من البلاد، كما حدث من قبل بعد إسقاط الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينات القرن الماضي، وتولي حركة طالبان حكم البلاد.
عاد العلمانيون الأفغان إلى بلادهم بعد نزع السلطة من بين أنياب حركة طالبان عام 2001، واستطاعوا تقوية نفوذهم، وكان أغلبهم مقرب للغاية من السلطة المدنية وخاصة في حكم الرئيس الحالي أشرف غني، الذي أفسح لهم المجال داخل دواوين الحكومة وأجهزة الدولة والإعلام لتفكيك بنية التشدد في البلاد، وحتى يحمي إنجازات العقديين الماضيين، ولاسيما حقوق المرأة وحرية التعبير والديمقراطية.
ويدعم شائعات هروب العلمانيون الأفغان خارج البلاد تقارير من أجنحة حركة طالبان الإعلامية التي تزعم إختفائهم من على مواقع التواصل بعد تقدم الحركة في السيطرة على كل المدن، إذ يعرف العلمانيون جيدا أن الحركة لا تتسامح مطلقا مع الأفكار التي تدعو لفصل الدين عن السياسة وتعتبر أصحابها «كفارًا» يجب أن يقام عليهم الحد.
أحكام ثابتة
لدى المنظومة الفقهية للحركة أحكام ثابتة مفادها أن العلمانيون أناس عقولهم مغرمة بالكفر ومعاداة الإسلام وأصحاب ميول عدوانية للشريعة والنظام الإسلامي، كما تعتبرهم من أنصار الاستعمار، وهي باقة اتهامات ترددها أغلب التيارات الدينية الإسلامية بمستوياتها للتيار العلماني، لكن عندما تصبح حركة جهادية على مشارف حكم البلاد، يعني ذلك أن حياة العلمانيين وليس حريتهم فقط في خطر كبير.
المواجهة والصراع
رغم تأكيد حركة طالبان أنها تفتح أيديها لكل الأفغان، لكن التيار العلماني بالنسبة لها آمر آخر، بعد أن أعلنت بوضوح أن النظام المقبل سيكون إسلاميًا على الطريقة الطالبانية، وبالتالي لن يكون أمام العلمانيين إلا الهجرة لأوروبا أو الاستمرار وعدم التفريط في المكتسبات التي حققوها خلال العقديين الماضيين.
يدعم مطالبات عدم تخلي العلمانيون عن مكتسباتهم عرقيات الطاجيك والهزارة والأوزبك وهم من مؤيدي الرؤية العلمانية والقيم الحديثة التي أرساها التواجد الأمريكي في البلاد، وتسلموا بموجبها حصص كبيرة من جميع مستويات السلطة.
يطالب أصحاب هذا الطرح بتأسيس عرقية البشتون بالتعاون مع العرقيات الأخرى جماعات ضغط قوية في جنوب وشرق أفغانستان تمنع طالبان من افتراس البلاد، وربما تعول أمريكا على هؤلاء، باعتبارهم الآن الخط الخلفي لتأخير عملية أسلمة البلاد لأطول فترة ممكنة.