محمد حسان الذي أعرفه
التقيته في عام ١٩٩١ في المملكة العربية السعودية وبالتحديد في مدينة بريدة، حيث كان يعمل وقتها أمام مسجد الراجحي في مزارع رجل الأعمال السعودي الشهير عبد العزبز الراجحي، ولأنه -أي الشيخ محمد حسان- يمتاز باللباقة والإلقاء الجميل جذب إليه قلوب المصريين علاوة على بعض السعوديين، فهو يحمل الفكر السلفي الذي يعتمد على العلم ثم الدعوة، وأشهد أن الرجل كان بعيدا كل البعد عن العمل السياسي أو الاهتمام بشئونها وقتها، فكان وقته يقضيه بين تسجيل القرآن الكريم في تسجيلات أحد الإسلامية ببريدة وبين القراءة في مكتبته الملحقة بمسجده الذي يخطب فيه.
وكان في مجلسه الخاص الذي كنا نجتمع به فيه كان يوصينا بالعلم قبل كل شيء وكان يستنكر ما تفعله بعض الجماعات من انتهاج العنف مسلكا لتمكين الإسلام من الحكم على حد زعمهم، وكان يقول إن منهج جماعات العنف هو منهج مبتدع وليس من الدين في شيء، وكان حريصا على نشر الألفة بين الشباب والبعد بهم عن التعصب للرايات الحزبية ويقول دعوها فإنها منتنة، فإنها من دعوى الجاهلية وقد سمعت منه كلمة لم أنسها أن الضابط صاحب المعصية أحب إليه من الشاب المبتدع الذي يدعي أنه يعمل للدين.
رأى الشيخ بن عثيمين
وكان تبرير موقفه ذلك بأن الإنسان بصفة عامة صاحب المعصية معصيته على نفسه، أما المبتدع فبدعته في الدين وعليها يضل الكثيرين، وعندما وقعت أحداث قتل السائحين وأعمال الإرهاب والقتل من قِبل الجماعة الإسلامية، كان يندد بتلك الأعمال ويقول عنها لا يجوز فعلها، وقد جمع مجموعة من الشباب السلفي ذهب معهم إلى الشيخ بن عثيمين رحمه الله لسؤاله على حكم قتل السائحين الأجانب في مصر، فكانت إجابة الشيخ بن عثيمين واضحة وسمعتها أنا بنفسي وكنت أنا من وجه إليه هذا السؤال فقال لا يجوز وهذا الفعل مخالف للشرع لأنهم في أمان حاكم البلاد، ولا يجوز لأحد الرعية أن يفعل أمرا ليس عليه أمر الناس في البلاد.
وكان محمد حسان يجلس مع شباب الجماعة الإسلامية لشرح موقفهم ورأيهم من قتل السياح والشيخ يظل مصرا على موقفه الذي أخذه من الشيخ بن عثيمين أنه لا يجوز قتل السياح لأنهم في أمان حاكم دولة مسلمة، وعلى رغم إنكار شباب الجماعة الإسلامية عليه واتهامه أنه يوالي الحاكم إلا أنه لم يتراجع عن قوله وظل متمسكا به.
مواقف محمد حسان
دارت الأيام دورتها وعدت إلى مصر كما عاد إليها محمد حسان، وبعد أن قضيت عشر سنوات في السجن وخرجت سمعت أن محمد حسان قد ذاع صيته في ربوع الديار المصرية وأصبحت له قناة فضائية وحصل على الدكتوراة من إحدى الجامعات المفتوحة، وسمعت له كغيري كثيرا من الخطب والندوات ولم أحاول التواصل معه لما رأيت من كثرة ارتباطاته الدعوية والإعلامية في قناته الفضائية، ولكن بعد ثورة يناير رأيته كغيري قد خاض في السياسة على استحياء لان ظروف البلاد وقتها تسمح له بذلك.
وحتى يتماهى مع الوضع القائم في البلاد رأيته يتقرب من الإخوان على إستحياء أيضا، وكان من الذين يلتقون بمرسي في القصر الرئاسي وألقى كلمة في الإحتفال الذي أقيم في استاد القاهرة ودعى فيها إلى الجهاد في سوريا علانية، هذه الدعوة التي قال عنها مؤخرا في شهادته أمام المحكمة أن الشباب فهمها خطأ.
والذي أعلمه عن محمد حسان لأني أعرفه أنه متقلب الآراء والأفكار والمواقف وهذا لطبيعته المسالمة، ففي أيام مبارك كان يغض الطرف عن التوريث فكانت قناته تبث دون قيود، وفي ظل حكم المجلس العسكري كان يتولى التفاوض والصلح في الأمور العامة، وكانت له مقابلات مع الرئيس السيسي وقتها، وفي حكم الإخوان كان يرى أن الإخوان جماعة تربط الدنيا بالدين وأثنى على فكر سيد قطب! ودعا إلى الجهاد في سوريا في المؤتمر الشهير بحضور مرسي في إستاد القاهرة، وقبل ذلك كله كان أثناء عمله بالسعودية يحمل فكر ومنهج علماء السعودية.
أما قراءتي في شهادة محمد حسان أمام المحكمة فهي موضوع مقالي القادم.