جمال عبد الناصر وهيكل وصحافة الستينات.. «موسى» و«صلاح» وثالثهما «حمروش» يتحدثون.. ما تيسر من سيرة «الجورنالجي الأوحد» و«الزعيم»
الحديث عن علاقة جمال عبد الناصر بهيكل صعب أن تُروى من جانب واحد أو أن يحتكرها أحد، فالجورنالجي والزعيم جمعتهما مواقف أكثر من أن تحصى وكواليس لم تُكشف حتى الآن.
لكن هناك من استطاع فك الطلاسم قليلًا والكشف عن المستور في حدود المستطاع.
موسى صبري.. «ماكنش صحفي سياسي بالمعني الصحيح»
«هيكل» قبل 1952 مكانش صحفي سياسي بالمعني السياسي، عمره ما كان صحفي سياسي أو لعب دورًا في المسرح السياسي الداخلي، بعكس مصطفي أمين مثلًا الذي كان كما قلت لك نجم المسرح السياسي في الصحافة المصرية.
أما هيكل فقد امتاز بتحقيقاته الصحفية الخارجية مثل حرب فلسطين وإيران، والكوليرا، وفي بداية الثورة كان عدد كبير من الصحفيين يتصل بعبد الناصر، كان هناك مصطفى آمين، على أمين، إحساس عبد القدوس، أحمد أبو الفتوح، حسين فهمي، حلمي سلام، بل إنني أقول إن مصطفى أمين خاض كل معارك عبد الناصر بتكليف من عبد الناصر نفسه.
أحمد حمروش:.. «ناصر» كان يحتاج وجود «هيكل»
في بداية ثورة يوليو 1952 لم يكن محمد حسنين هيكل أقرب الصحفيين إلى جمال عبد الناصر، فقد كان هناك صحفيون آخرون مثل إحسان عبد القدوس، مصطفى أمين، حسين فهمي، وأحمد أبو الفتح، وكل هؤلاء كانوا أصدقاء لجمال عبد الناصر، وهناك نقطة هامة وهي أن هيكل حينما تعرف على عبد الناصر لم يكن صحفيًا مبتدئا، فقد كان وقتها يشغل منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، بل إنه تولى هذا المنصب فعلا قبل قيام ثورة يوليو 1952.
والنقطة الثالثة: أن هيكل كان أكثر الصحفيين حرصًا وفهمًا لطبيعة المرحلة، وأيضا رغبة في الاستفادة من وجوده قريبًا من زعيم هذه الثورة، فإذا كان هيكل قد أثر على عبد الناصر كي يجعل منه الصحفي الوحيد، فأنا أقول إن هذا غير ممكن ومستحيل لأنه ضد طبيعة جمال عبد الناصر شخصيًا.
وأقول أيضا أن عبد الناصر كان محتاجًا لهيكل وكان يتبادل معه الأفكار والحوار مثل مبارة في الشطرنج، ولكن في النهاية كان هناك رأي لعبد الناصر ورأي لهيكل، وكثيرًا ما اختلفوا بل كصيرًا ما أدى خلافهما في الرأي إلى أحداث كان من الممكن أن تأتي لمصر بالمصائب.
صلاح حافظ.. «صائغ أفكار الزعيم الغامضة»
هيكل التصق بعبد الناصر، وصار بينهما نوع من الثقة الشخصية، وهيكل كان مفيدًا لعبد الناصر، أولًا لأنه كاتب وصحفي كويس، فكان يستطيع أن يصوغ حتى الأفكار الغامضة في ذهن وعقل عبد الناصر، أقصد أنه كان يتأمل أفكار عبد الناصر، وعندما يتصدى لكتابتها فقد كان يجسدها ويعطيها صيغة تريح عبد الناصر، وثانيًا فإن هيكل كان يدرك عكس الآخرين من كبار الصحفيين أن الحاكم محتاج إلى من يمده بالمعلومات، لا أن يطلب منه المعلومات والأخبار.
وأنا أذكر قصة رويت لي ذات مرة، وحدثت في مؤتمر باندونج، كان عبد الناصر يصطحب معه لحضور هذا المؤتمر أسماء صحفية كبيرة منها هيكل، إحسان عبد القدوس، حسين فهمي، وآخرين المهم أن هؤلاء الصحفيين لاحظوا أن عبد الناصر دائم الانفراد بهيكل، وكثيرًا ما يجلسان سويًا لفترات طويلة، وفي إحد المرات دخل رئيس تحرير عليهما، وعندما تنبه عبد الناصر لدخوله، أشار له بيده بما يعني: انتظر قليلًا في الخارج حتى ننتهي من حديثنا.
وغضب رئيس التحرير وحكى لزملائه ذلك الموقف، وصمموا على مفاتحة عبد الناصر في الأمر، وفي المساء اجتمعوا بعبد الناصر، وطلبوا من زميلهم أن يتكلم فصمت، واستوضح عبد الناصر الأمر، فقال أحدهم: يا ريس إحنا رؤساء تحرير، وعاوزينك تدينا أخبار زي هيكل عشان ننشرها في صحفنا، ونريد أن تجلسس معنا كما تفعل مع هيكل وتحكي لنا أسرار ما يحدث في المؤتمر، ونظر عبد الناصر إليهم بدهشة قائلا: أنا معكم ليل نهار، وأنا لا املك معلومات أقولها لكم، أنا أجلس مع هيكل لأنه يأتي لي بمعلومات وأخبار.
أريد أن أقول باختصار إن هيكل كان يخدم عبد الناصر، وكان مفيدًا له كزعيم وحاكم.
هذا الموقع الذي شغله هيكل يجعله في رأيي أحد المسئولين عما أصاب الصحافة، وعما كان يشكو منه الصحفيون في عهد الثورة، فهو بهذه المكانة لم ينجح في أن يجعل للصحافة موقعًا أكثر احترامًا من جانبه الثورة، ولا أريد أن أقول إن هيكل شارك في أن يجعل الصحافة تهان بسهولة، ولكن اكتفي بأن أقول إنه لم ينجح في أن يرد عائلة «الاضطهاد الثوري» عن الصحافة والصحفيين.
لقد رأى هيكل ولمس بنفسه هموم الصحافة قبل أن يصبح في هذا الموقع الممتاز، فكان من المنتظر منه بعد أن صارت له هذه المكانة عند عبد الناصر أن يحمي الصحافة من هذه الغائلة – ليس من باب الولاء المهني، وأنا لا أتكلم من الناحية المهنية، ولكن أتكلم من باب الفائدة السياسية للبلد فعلًا.
لكن هناك من استطاع فك الطلاسم قليلًا والكشف عن المستور في حدود المستطاع.
موسى صبري.. «ماكنش صحفي سياسي بالمعني الصحيح»
«هيكل» قبل 1952 مكانش صحفي سياسي بالمعني السياسي، عمره ما كان صحفي سياسي أو لعب دورًا في المسرح السياسي الداخلي، بعكس مصطفي أمين مثلًا الذي كان كما قلت لك نجم المسرح السياسي في الصحافة المصرية.
أما هيكل فقد امتاز بتحقيقاته الصحفية الخارجية مثل حرب فلسطين وإيران، والكوليرا، وفي بداية الثورة كان عدد كبير من الصحفيين يتصل بعبد الناصر، كان هناك مصطفى آمين، على أمين، إحساس عبد القدوس، أحمد أبو الفتوح، حسين فهمي، حلمي سلام، بل إنني أقول إن مصطفى أمين خاض كل معارك عبد الناصر بتكليف من عبد الناصر نفسه.
أحمد حمروش:.. «ناصر» كان يحتاج وجود «هيكل»
في بداية ثورة يوليو 1952 لم يكن محمد حسنين هيكل أقرب الصحفيين إلى جمال عبد الناصر، فقد كان هناك صحفيون آخرون مثل إحسان عبد القدوس، مصطفى أمين، حسين فهمي، وأحمد أبو الفتح، وكل هؤلاء كانوا أصدقاء لجمال عبد الناصر، وهناك نقطة هامة وهي أن هيكل حينما تعرف على عبد الناصر لم يكن صحفيًا مبتدئا، فقد كان وقتها يشغل منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، بل إنه تولى هذا المنصب فعلا قبل قيام ثورة يوليو 1952.
والنقطة الثالثة: أن هيكل كان أكثر الصحفيين حرصًا وفهمًا لطبيعة المرحلة، وأيضا رغبة في الاستفادة من وجوده قريبًا من زعيم هذه الثورة، فإذا كان هيكل قد أثر على عبد الناصر كي يجعل منه الصحفي الوحيد، فأنا أقول إن هذا غير ممكن ومستحيل لأنه ضد طبيعة جمال عبد الناصر شخصيًا.
وأقول أيضا أن عبد الناصر كان محتاجًا لهيكل وكان يتبادل معه الأفكار والحوار مثل مبارة في الشطرنج، ولكن في النهاية كان هناك رأي لعبد الناصر ورأي لهيكل، وكثيرًا ما اختلفوا بل كصيرًا ما أدى خلافهما في الرأي إلى أحداث كان من الممكن أن تأتي لمصر بالمصائب.
صلاح حافظ.. «صائغ أفكار الزعيم الغامضة»
هيكل التصق بعبد الناصر، وصار بينهما نوع من الثقة الشخصية، وهيكل كان مفيدًا لعبد الناصر، أولًا لأنه كاتب وصحفي كويس، فكان يستطيع أن يصوغ حتى الأفكار الغامضة في ذهن وعقل عبد الناصر، أقصد أنه كان يتأمل أفكار عبد الناصر، وعندما يتصدى لكتابتها فقد كان يجسدها ويعطيها صيغة تريح عبد الناصر، وثانيًا فإن هيكل كان يدرك عكس الآخرين من كبار الصحفيين أن الحاكم محتاج إلى من يمده بالمعلومات، لا أن يطلب منه المعلومات والأخبار.
وأنا أذكر قصة رويت لي ذات مرة، وحدثت في مؤتمر باندونج، كان عبد الناصر يصطحب معه لحضور هذا المؤتمر أسماء صحفية كبيرة منها هيكل، إحسان عبد القدوس، حسين فهمي، وآخرين المهم أن هؤلاء الصحفيين لاحظوا أن عبد الناصر دائم الانفراد بهيكل، وكثيرًا ما يجلسان سويًا لفترات طويلة، وفي إحد المرات دخل رئيس تحرير عليهما، وعندما تنبه عبد الناصر لدخوله، أشار له بيده بما يعني: انتظر قليلًا في الخارج حتى ننتهي من حديثنا.
وغضب رئيس التحرير وحكى لزملائه ذلك الموقف، وصمموا على مفاتحة عبد الناصر في الأمر، وفي المساء اجتمعوا بعبد الناصر، وطلبوا من زميلهم أن يتكلم فصمت، واستوضح عبد الناصر الأمر، فقال أحدهم: يا ريس إحنا رؤساء تحرير، وعاوزينك تدينا أخبار زي هيكل عشان ننشرها في صحفنا، ونريد أن تجلسس معنا كما تفعل مع هيكل وتحكي لنا أسرار ما يحدث في المؤتمر، ونظر عبد الناصر إليهم بدهشة قائلا: أنا معكم ليل نهار، وأنا لا املك معلومات أقولها لكم، أنا أجلس مع هيكل لأنه يأتي لي بمعلومات وأخبار.
أريد أن أقول باختصار إن هيكل كان يخدم عبد الناصر، وكان مفيدًا له كزعيم وحاكم.
هذا الموقع الذي شغله هيكل يجعله في رأيي أحد المسئولين عما أصاب الصحافة، وعما كان يشكو منه الصحفيون في عهد الثورة، فهو بهذه المكانة لم ينجح في أن يجعل للصحافة موقعًا أكثر احترامًا من جانبه الثورة، ولا أريد أن أقول إن هيكل شارك في أن يجعل الصحافة تهان بسهولة، ولكن اكتفي بأن أقول إنه لم ينجح في أن يرد عائلة «الاضطهاد الثوري» عن الصحافة والصحفيين.
لقد رأى هيكل ولمس بنفسه هموم الصحافة قبل أن يصبح في هذا الموقع الممتاز، فكان من المنتظر منه بعد أن صارت له هذه المكانة عند عبد الناصر أن يحمي الصحافة من هذه الغائلة – ليس من باب الولاء المهني، وأنا لا أتكلم من الناحية المهنية، ولكن أتكلم من باب الفائدة السياسية للبلد فعلًا.