رئيس التحرير
عصام كامل

ما السر في فرض السعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج ؟

الشيخ متولى الشعراوى
الشيخ متولى الشعراوى
تتجلى أجمل مشاعر الأمومة في قصص الأنبياء، كانت الأم هي المؤثر الأول في حياتهم، فنرى كيف تحملت السيدة هاجر زوج إبراهيم عليه السلام وحشة البرية وحدها إيمانا واحتسابا وقطعت أشواطا بين الصفا والمروة بحثا عن نقطة ماء لوليدها إسماعيل، فأضحت رحلتها عيدا يحتفل به المسلمون في موسم الحج من كل عام.


ويصبح السعى بين الصفا والمروة الركن الثالث من أركان الحج بعد ركنى الإحرام والطواف لقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم)، ويعني المشي بين الصفا والمروة ذهابا وإيابا سبعة أشواط ويشترط فيه النية، وأن يقول الله أكبر الله اكبر الله أكبر، عند الترقي، ومن سننه الوقوف على الصفا والمروة والدعاء، فما السر فى السعي فرض الصفا والمروة من شعائر الحج ؟

الشيخ الشعراوي يجيب 
يجيب فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، فيقول: إن الصفا والمروة شعيرتان من شعائر الله، وسر استيفاء هاتين الشعيرتين هي عندما ترك سيدنا إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر، وابنها اسماعيل عليه السلام بواد غير ذى زرع ولا ونيس، وليس فيه من مقومات الحياة إلا الهواء.

وذلك أمر غير طبيعي من أب وزوج مثل سيدنا ابراهيم، لكن ابراهيم كانت عابدا قانتا لله، يصدع بالأمر دون مراعاة لأسباب البشر.

يقين العبد فى ربه 
ولو كان إبراهيم سيظل معهما لسكتت هاجر ولم تفعل شيئا.. لأنه هنا كان سيتحمل عناء الفكر فى تدبير ضروريات الحياة، إلا أنه كان على رحيل، فلما سألته وعلمت ان ذلك عن أمر الله تعالى، قالت بيقين العبد فى ربه، وثقة المؤمن فى إلهه: إذن لا يضيعنا.

هاجر زوج إبراهيم 
وذلك هو أول درس للغافلين الذين يذكرون الأسباب وينسون خالق الأسباب، ثم يقرن هذا الدرس بدرس آخر وهو ألا تهمل الأسباب، لأن الأسباب من عطاء الله، فإن جوارح المؤمن تعمل وقلبه يتوكل، وكذلك كانت هاجر زوجة إبراهيم.

 بئر زمزم 
فكما أنها توكلت على الله فى ترك زوجها لها ولطفلها كانت ذات نصيب فى الجهاد بالسبب فى الدرس الثاني.. ذهبت إلى الصفا لعلها تجد مظهرا للحياة يدل على ماء، فلم تجد، سعت إلى المروة، ثم عادت إلى الصفا وظلت هكذا سبعة أشواط.. وعادت مجهدة متعبة لكنها غير يائسة ولا غاضبة ولا ساخطة.. لأن لها رصيدا من الإيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى لإيمانها بأن سيدها إبراهيم لا يفعل ذلك من تلقاء نفسه، بل هو أمر الله فاستسلمت لقضائه.

رحمة الله واسعة 
وكان ربها عند حسن ظنها به لأن السماء كانت رحيمة بها وبولدها، فقد تفجر الماء عند قدمي الطفل الذي لا حول له ولا قوة ببئر زمزم، أعظم ماء في الأرض وأطعمه.

وهكذا يجزي الله المتوكل، فيرزقه من حيث لا يحتسب، ولكن بعد أن يبذل المستطاع من الجهد بقوة إيمانه بالله.
الجريدة الرسمية