لماذا يرفض علماء الدين الدعوات العشوائية غير المنضبطة لتجديد التراث؟
كثر الحديث خلال السنوات الماضية وحتى الآن بين الباحثين والمهتمين بالعلوم الإسلامية، وحتى من الباحثين في شئون الجماعات الإسلامية عن ضرورة تجديد الفقه وتحديث نظرة المسلمين للتراث والعصر وربطهم باللغة المناسبة به.
يعتبرون التجديد الطريق الوحيد للقضاء على التيارات الدينية المتطرفة، التي تجد في مثل هذه الظروف فرصة كبرى لتوسيع قاعدة شعبيتها في الشارع العربي والإسلامي مهما اختفت عن الساحة وتوارت عنها.
أسئلة حائرة
لكن هناك أسئلة حائرة، ربما لايسألها من يدعون للتجديد بشكل عشوائي ومتسرع وغير مدروس: هل التجديد قضية سهلة، وكيف يمكن ذلك، ولماذا يتردد كبار رجال الدين الإسلامي من المؤسسات ذات الثقل التاريخي ــ الأزهر في مصر ــ في الاقتراب من هذه القضية.
ما سر تعامل العلماء بحذر شديد، رغم الضغوط الشديدة التي تمارس عليهم من أنصار التنوير والحداثة، الذين لديهم تخوف كبير من عدم معالجة أسباب تنامي تيار الإسلام السياسي وتوسع رقعته دون غيره من التيارات المدنية.
قضية صعبة
يقول الدكتور إبراهيم المطرودي، الباحث والأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الإمام بالسعودية، إن قضية التجديد ليست بهذه السهولة التي يتحدث عنها البعض، بل هناك عدة معوقات شديدة التعقيد.
لفت المطرودي إلى أن أول قضية تقف أمام التحديث، هي التقيد بالمذاهب في العالم الإسلامي، واختلاف علماء ومفكري كل دولة ورؤيتهم للتجديد، مضيفا: يجب أولا دراسة مسائل العلم القديمة وجمع شتات ما كتب من التراث وتقديمه لأهل العلم، ثم بناء خطة على ذلك غايتها الترجيح في المسائل المختلفة وجمع المتفرّق.
يرى أستاذ اللغة العربية، أن هناك إشكالية صعبة للغاية، وهي النظر إلى التراث ليست باعتباره نتاجا بشريّا، بل وحي من السماء، ولهذا توحد بالنسبة لهم مع الدين، فابتعدوا عن مراجعته والشك فيه، فغاب السؤال وتم التضييق على أصحابه.
أضاف: غياب السؤال الدائم أدى لتراجع الشك المحفز كما في الفلسفة ومذاهبها، وهي فضيلة غائبة عن المنطقة العربية، موضحا أن تغييب الأسئلة يعني غلق باب السعي والاجتهاد وتفضيل الراحة والاكتفاء بما وصلنا إليه.
اختتم الباحث مؤكدا ضرورة التعامل مع القضية بأساليب أخرى دون أن نغفل أهمية التجديد، والنظر إلى الفوائد التي ستجنيها المجتمعات العربية من قراءة النص الديني بالعقل ولغة العصر، على حد قوله.