التعليم وسياسة "يسلام على الإنسانية"
من المعقول والمنطقي أن كل وزير يكون مسئولا مسئولية
تامة عن شؤون وزارته وتدبيرها، والتخطيط لها تخطيطا ينهض بسياسة الدولة في إطار خطة
موضوعة تسير عليها كل الوزارات، قد تكون قصيرة الأمد أو طويلة، ويتفاعل الوزير مع رئيس
الوزراء –رئيسه المباشر- في تنفيذ خطة إنجاح وزارته، وكل ذلك في إطار الخطة الكبرى
التي وضعت ووافق عليها بالطبع رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الشورى، وبذلك يكون
كل مسئول عند مسؤولياته، يحاسب على التقصير ويهنأ بالتوفيق والسداد، ولكن أن يأتي وزير
فيُرجع سياسة وزارته لأوامر رئيس الجمهورية فإنه بذلك يهرب من مسؤوليته، ويجعلها في
رقبة رئيس الجمهورية، وهو بذلك طبعا يريد إغلاق باب النقد لسياسته في الوزارة بأنه
لا يفعل سوى تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية في تسيير وزارته هو.
هذه المقدمة هي بالضبط ما حدث مع السيد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقى، في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ يوم الإثنين التاسع عشر من إبريل الحالي، لمناقشة تقرير لجنة التعليم والبحث العلمى بالشيوخ بشأن مشروع قانون بتعديل قانون التعليم المقدم من الحكومة، بشأن نظام الثانوية العامة التراكمى، والذى أعلنت رفضها له فى تقريرها، قال الدكتور طارق شوقى: "رئيس الجمهورية طلب أن يكون نظام الامتحانات إلكترونية وسنقوم بتنفيذ ذلك".
هيمنة البنك الدولي
وهنا نأتي لجملته التي دائما ما يستخدمها لإرهاب منتقديه "رئيس الجمهورية طلب ذلك أو وافق على ذلك أو أمر بذلك" ألخ، فهذه الجمل تعني ألا تنتقدوا نظامي وإلا أنتم بذلك تنتقدون الرئيس، وأن الرئيس هو من أمر بذلك، وبذلك يخرج السيد الوزير من مهام سلطاته ومسئولياته ليضعها في عنق الرئيس، مرهبا من ينتقده بأنه يعارض الرئيس وسياسة الدولة.
وكان من المفترض أن يدافع سيادته عن سياسته وعن مشروعه الذي وضعه للنهوض بالتعليم المصري كما يردد، وأن يدافع عن هيمنة البنك الدولي على ذلك المشروع المزعوم لتطوير التعليم، فهو مشروع من ابتكار وإعداد وإشراف البنك الدولي، ففي 21 أبريل 2018 وقعت الحكومة المصرية والبنك الدولي اتفاقية قرض بقيمة 500 مليون دولار لصالح مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر..
ويهدف المشروع الذي يستمر خمس سنوات – كما جاء على صفحة البنك الدولي – إلى إعادة عملية التعلُّم إلى الفصل الدراسي من خلال وضْع نظام موثوق به لتقييم أداء الطلاب والامتحانات؛ أي أن نظام التابلت من البنك الدولي وبإشرافه، فكان ينبغي على السيد الوزير أن ينسب ذلك النظام والتطوير إلى البنك الدولي الذي يشرف على ذلك، حيث يشرف من جانب البنك الدولي 28 موظفا و"خبيرا"، وليس لرئيس الجمهورية .
سقطة الوزير
وعندما واجه أعضاء مجلس الشورى سيادة الوزير –وهم متخصصون ومنهم من هو أعلى منه تخصصا وخبرة– بالمخاوف من سقوط نظام الشبكات في أثناء امتحانات الثانوية العامة على التابلت، وما في ذلك من خطر داهم على الأمن القومي المصري ومستقبل الطلاب وأولياء الأمور، قال سيادته :" لم أت لمجلسكم الموقر من أجل مناقشة ذلك الأمر فهو من سلطة الوزير المختص، ولكن أتينا لمناقشة مشروع القانون المتعلق بالنظام التراكمى والتحسين ".
فهو يهرب بطريقة غير كريمة وفيها تعال واضح، فمن المفترض كوزير أن تجيب عن التساؤلات والمخاوف في أي شيء يخص وزارتك لا أن تهرب بذلك، ثم لتخرج من ذلك الأمر تقول "رئيس الجمهورية طلب أن يكون نظام الامتحانات الكترونية وسنقوم بتنفيذ ذلك".
وقال الوزير: "إن تعديلات قانون التعليم بشأن الثانوية العامة، وتحويلها لنظام تراكمى، ليست وليدة اللحظة وإنما فى إطار المشروع القومى لتطوير التعليم". وبالفعل جعل الثانوية العامة على ثلاث سنوات ليس وليد اللحظة، فقد سبق ذلك تجربة الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق، عندما قرر أن تكون الثانوية العامة سنتين بدلا من سنة واحدة، وسمى هذا النظام بنظام التحسين، وكانت النتيجة صادمة ومخيبة للآمال وزادت الأعباء على الأسر المصرية، وبعد مرور 7 سنوات قرر د. حسين كامل بهاء الدين إلغاء نظام التحسين. فإذا بالدكتور طارق شوقي يقرر إعادة النظام ولكن على ثلاث سنوات!
رسوم التحسين
ولفت شوقى، إلى أن مجانية التعليم منصوص عليه في الدستور، ولكنه غير مطبق على أرض الواقع، بسبب حجم الأموال التي يتم دفعها أولياء الأمور في الدروس الخصوصية، فكيف نلوم على وزارة التربية والتعليم فى فرض رسوم زهيدة على عملية التحسين التى من المزمع إقرارها؟ يعني وزير التعليم بدلا من أن يعالج مشكلة تحميل أولياء الأمور أموال باهظة في سبيل تعليم أبنائهم، ويدرك أن الخطأ في ذلك يقع على سياسة التعليم التي جعلت الطالب يلجأ للدروس الخصوصية بدلا من المدارس، يعاقب سيادته أولياء الأمور فيقول لهم: إذا كنتم مغفلين عندما تدفعون أموالكم للدروس الخصوصية، فلماذا لا تكونوا مغفلين عندما تطلب الحكومة منكم أن تدفعوا لها هي بدلا من الدروس والمدرسين؟
وهو نفس ما فعله وزير التموين، عندما وجد أن الأفران تسرق من حجم رغيف الخبز، فبدلا من أن يكون حجم الرغيف 110 جراما تعطيه للمواطن 90 جراما، وبدلا من محاسبة الافران قرر سيادته أن هذه السرقة من حق وزارته هو وليس من حق الأفران، فقرر أن يكون حجم الرغيف 90 جراما، وبذلك يدخل الفارق جيب الوزارة بدلا من اصحاب الأفران، "ويسلام على الإنسانية يسلام على الحنية " .
هذه المقدمة هي بالضبط ما حدث مع السيد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقى، في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ يوم الإثنين التاسع عشر من إبريل الحالي، لمناقشة تقرير لجنة التعليم والبحث العلمى بالشيوخ بشأن مشروع قانون بتعديل قانون التعليم المقدم من الحكومة، بشأن نظام الثانوية العامة التراكمى، والذى أعلنت رفضها له فى تقريرها، قال الدكتور طارق شوقى: "رئيس الجمهورية طلب أن يكون نظام الامتحانات إلكترونية وسنقوم بتنفيذ ذلك".
هيمنة البنك الدولي
وهنا نأتي لجملته التي دائما ما يستخدمها لإرهاب منتقديه "رئيس الجمهورية طلب ذلك أو وافق على ذلك أو أمر بذلك" ألخ، فهذه الجمل تعني ألا تنتقدوا نظامي وإلا أنتم بذلك تنتقدون الرئيس، وأن الرئيس هو من أمر بذلك، وبذلك يخرج السيد الوزير من مهام سلطاته ومسئولياته ليضعها في عنق الرئيس، مرهبا من ينتقده بأنه يعارض الرئيس وسياسة الدولة.
وكان من المفترض أن يدافع سيادته عن سياسته وعن مشروعه الذي وضعه للنهوض بالتعليم المصري كما يردد، وأن يدافع عن هيمنة البنك الدولي على ذلك المشروع المزعوم لتطوير التعليم، فهو مشروع من ابتكار وإعداد وإشراف البنك الدولي، ففي 21 أبريل 2018 وقعت الحكومة المصرية والبنك الدولي اتفاقية قرض بقيمة 500 مليون دولار لصالح مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر..
ويهدف المشروع الذي يستمر خمس سنوات – كما جاء على صفحة البنك الدولي – إلى إعادة عملية التعلُّم إلى الفصل الدراسي من خلال وضْع نظام موثوق به لتقييم أداء الطلاب والامتحانات؛ أي أن نظام التابلت من البنك الدولي وبإشرافه، فكان ينبغي على السيد الوزير أن ينسب ذلك النظام والتطوير إلى البنك الدولي الذي يشرف على ذلك، حيث يشرف من جانب البنك الدولي 28 موظفا و"خبيرا"، وليس لرئيس الجمهورية .
سقطة الوزير
وعندما واجه أعضاء مجلس الشورى سيادة الوزير –وهم متخصصون ومنهم من هو أعلى منه تخصصا وخبرة– بالمخاوف من سقوط نظام الشبكات في أثناء امتحانات الثانوية العامة على التابلت، وما في ذلك من خطر داهم على الأمن القومي المصري ومستقبل الطلاب وأولياء الأمور، قال سيادته :" لم أت لمجلسكم الموقر من أجل مناقشة ذلك الأمر فهو من سلطة الوزير المختص، ولكن أتينا لمناقشة مشروع القانون المتعلق بالنظام التراكمى والتحسين ".
فهو يهرب بطريقة غير كريمة وفيها تعال واضح، فمن المفترض كوزير أن تجيب عن التساؤلات والمخاوف في أي شيء يخص وزارتك لا أن تهرب بذلك، ثم لتخرج من ذلك الأمر تقول "رئيس الجمهورية طلب أن يكون نظام الامتحانات الكترونية وسنقوم بتنفيذ ذلك".
وقال الوزير: "إن تعديلات قانون التعليم بشأن الثانوية العامة، وتحويلها لنظام تراكمى، ليست وليدة اللحظة وإنما فى إطار المشروع القومى لتطوير التعليم". وبالفعل جعل الثانوية العامة على ثلاث سنوات ليس وليد اللحظة، فقد سبق ذلك تجربة الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق، عندما قرر أن تكون الثانوية العامة سنتين بدلا من سنة واحدة، وسمى هذا النظام بنظام التحسين، وكانت النتيجة صادمة ومخيبة للآمال وزادت الأعباء على الأسر المصرية، وبعد مرور 7 سنوات قرر د. حسين كامل بهاء الدين إلغاء نظام التحسين. فإذا بالدكتور طارق شوقي يقرر إعادة النظام ولكن على ثلاث سنوات!
رسوم التحسين
ولفت شوقى، إلى أن مجانية التعليم منصوص عليه في الدستور، ولكنه غير مطبق على أرض الواقع، بسبب حجم الأموال التي يتم دفعها أولياء الأمور في الدروس الخصوصية، فكيف نلوم على وزارة التربية والتعليم فى فرض رسوم زهيدة على عملية التحسين التى من المزمع إقرارها؟ يعني وزير التعليم بدلا من أن يعالج مشكلة تحميل أولياء الأمور أموال باهظة في سبيل تعليم أبنائهم، ويدرك أن الخطأ في ذلك يقع على سياسة التعليم التي جعلت الطالب يلجأ للدروس الخصوصية بدلا من المدارس، يعاقب سيادته أولياء الأمور فيقول لهم: إذا كنتم مغفلين عندما تدفعون أموالكم للدروس الخصوصية، فلماذا لا تكونوا مغفلين عندما تطلب الحكومة منكم أن تدفعوا لها هي بدلا من الدروس والمدرسين؟
وهو نفس ما فعله وزير التموين، عندما وجد أن الأفران تسرق من حجم رغيف الخبز، فبدلا من أن يكون حجم الرغيف 110 جراما تعطيه للمواطن 90 جراما، وبدلا من محاسبة الافران قرر سيادته أن هذه السرقة من حق وزارته هو وليس من حق الأفران، فقرر أن يكون حجم الرغيف 90 جراما، وبذلك يدخل الفارق جيب الوزارة بدلا من اصحاب الأفران، "ويسلام على الإنسانية يسلام على الحنية " .