رئيس التحرير
عصام كامل

اللغة النوبية.. السحر الذى أفشل خطط العدو!

فى شهر إبريل ذكرى عزيزة على كل المصريين بل والعالم العربى وهى عيد تحرير سيناء، والبعض بسطحية يعتقد أن الذى حررها هو اتفاقية كامب ديفيد، والحقيقة إن الذى أعادها دماء الشهداء من أبنائنا فى حرب الاستنزاف وحرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، لقد أدرك العدو الصهيونى أنه مستحيل أن يستمر فى سيناء، بعد أن ذاق بطولات وبسالة المقاتل المصرى، ودفع العدو ثمنا غاليا من جنوده بين قتلى بالآلاف والمصابين وأيضا أسرى بالمئات، وملحمة أكتوبر المجيدة لها أبطال لم يطلقوا طلقة واحدة منهم البطل أحمد إدريس الذى سبق أن كتبت عنه كثيرا، البطل الذى كرمه الرئيس السيسى بعد أن كتبت عنه أسبوع، وأرى أن إعادة الكتابة عنه درسا للأجيال القادمة وخاصة الشباب.


حرب أكتوبرالتى كتبت جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيونى فى كتابها "حياتى" ليس أشق على نفسى من الكتابة عن اكتوبر 1973.. حرب يوم الغفران.. ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أتركه للآخرين، ولكنى أكتب كارثة ساحقة، وكابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيا معى طول العمر!"

فكرة اللغة النوبية
وفى نفس الكتاب حاولت الدفاع عن وزير دفاعها المهزوم موشى ديان بعد أن ناله سهام اتهامه بالتقصير من الجميع، المفارقة الغريبة أن هذا البلطجى عندما تحقق له النصر فى معركة يونيو 67 كان مغرورا ولكنه أبدى حزنه لأنه انتظر على التليفون حتى يتصل به "ناصر" معلنا الاستسلام ولم يحدث، وعندما عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس فى ظهر العاشر من رمضان. السادس من أكتوبر ونال هزيمة تتحدث عنها المراكز البحثية العسكرية حتى الآن، لم يكن حزينا فقط ولكنه فقد كل شىء ، وانتهى للآبد.

نرى بعض اللقاءات الساذجة والمعادة والمكررة، مع أبطال أتصور أن البعض منهم زهد هذه الحوارات المملة والتى تفتقد الإعداد الجيد لها، وكثيرا من المقدم لا ثقافة له لديه ولا وعى ويكون الأداء مجرد إثبات حالة للأسف الشديد!

اليوم سأذكر قصة بطل لا يعرفه إلا القليل النادر، هو الحاج أحمد إدريس؟ من يعرفه؟ كم مرة تم استضافته فى إعلامنا؟ إنه البطل الذى حل أصعب المشكلات التى واجهت جمال عبدالناصر أثناء حرب الاستنزاف، وهى الشفرة التى يتم استخدامها فى الحرب، فشلت مصر فى ايجاد شفرة لا يستطيع العدو الصهيونى التعرف عليها، حتى سمع الصول أحمد إدريس -النوبة مسقط رأسه- المشكلة من قائد كتيبته، فتحدث قائلا إن حل المشكلة سهل للغاية، فاللغة النوبية فهى لغة نتحدث بها ولا تكتب!

فكرة أحمد إدريس
تقدم قائد الكتيبة بالفكرة إلى أعلى قيادة فاذا يتم إستدعاء الصول أحمد إدريس ابن النوبة من رئاسة الجمهورية، ويقول عم الحاج أحمد إدريس عن هذا: انتظرت فى مكتب الرئيس السادات الذى كان قد تولى رئاسة الجمهورية، وكان ذلك فى عام 1971، وكنت ارتجف من الخوف والرعب، فلأول مرة سألتقى مع رئيس جمهورية، وعندما دخل الرئيس السادات، شعر بارتباكى، فابتسم ووضع يده على كتفى لإزالة التوتر! ثم قال: فكرتك ممتازة.. ولكن كيف ننفذها؟

فقلت: لابد من جنود يتحدثون اللغة النوبية وهؤلاء موجودون فى النوبة وحاليا متوفرون بقوات حرس الحدود! فابتسم السادات قائلا: بالفعل كنت قائدا بقوات حرس الحدود وأعرف جنودا كثيرين في هذا السلاح!.. ولا ينسى البطل أحمد إدريس أن الرئيس السادات طالبه بعدم الافصاح عن هذا السر، وهدده بالاعدام لو اخبر به أحد!

وكانت فكرة عبقرية من ابن تراب مصر أحمد إدريس ونجحت نجاحا مذهلا، وظلت سرا حتى عام 1994 وتم تغيير شفرة القوات المسلحة! ومثلما كانت الفكرة العبقرية للضابط المهندس باقى زكى يوسف ابن تجربة السد العالى الذى اهتدى الى استخدام المياه فى اختراق السواتر الرملية، ليثبت دائما وأبدا عبقرية المقاتل المصرى فى مواجهة الصعاب!

بطولات

فى الوقت الذى نتحدث بكلام مكرر فإن الغرب لايزال يتحدث عن بطولتنا الفذة، فمثلا الميجور الانجليزى جنرال هوكلى: عبقرية ومهارة القادة والضباط والجنود المصريين هما الإنجاز الهائل لحرب أكتوبر، كان العنصر البشرى أقوى أسلحة الجيش المصرى"!.. ويؤكد الكولونيل الأمريكى دوبجى: كفاءة التخطيط والأداء للعبور لا يمكن لجيش آخر أن يفعل أفضل منهما!

لابد من الإستفادة من حرب أكتوبر، فهناك إنجازات حدثت وظروف صعبة شهدتها الحرب يجب أن يقتدى بها الجميع خاصة أن حرب أكتوبر تعد أكبر حرب فى العالم بعد الحرب العالمية الثانية، فحتى يومنا هذا لم نجد حربا بهذا النطاق وبهذا الحجم، هذا ما يقوله اللواء محمود خلف أحد أبطال قوات الصاعقة خلال الحرب، ويردده كل وطنى ينتمى لتراب مصر أم الدنيا!

الجريدة الرسمية