رئيس التحرير
عصام كامل

6 سنوات صنعت معجزة انتصار أكتوبر!


"بسم الله.. الله أكبر بسم الله.. بسم الله"، "رايحين شايلين في ايدنا سلاح.. راجعين رافعين رايات النصر"، "سمينا وعدينا وايد المولى ساعدتنا"، "وعدينا الهزيمة يا مصر يا عظيمة"، "عااااش عااااش.. عاش اللى قال للرجال عدوا القناة.. عاااش"، "صباح الخير يا سينا"، "خللى السلاح صاحى.. صاحى".


هذه الأغانى وغيرها الكثير تحمل في النفس أعظم اللحظات التي عاشتها الأمة العربية، لحظات انتظرتها الملايين العربية ست سنوات كاملة ومنذ نكسة 5 يونيو 67، أو اليوم الذي انكسر فيه الحلم العروبى، كانت اصعب لحظات عاشتها الشعوب العربية التي انكسر فيها جيوشها أمام العدو الصهيونى، وعلى مدى السنوات الست كان الرجال يقدمون الغالى والنفيس من أجل إعادة بناء القوات المسلحة..

دمرو "إيلات" أكبر مدمرة في السلاح البحرى الصهيونى، فجروا ميناء "إيلات" العسكري بكل ما فيه من سفن حربية، وقدمت مصر شهداء جددا، كان رأسهم البطل الفذ الفريق "عبد المنعم رياض" رئيس الأركان وسط جنوده، وأثناء بناء حائط الصواريخ كان يسقط يوميا شهداء بالعشرات، ولم يعبأ الأبطال وأكملوا بناء حائط الصواريخ، وسقطت الفانتوم أسطورة السلاح الجوى الصهيونى، وعبرت قواتنا الخاصة القناة دمرت واسرت واشعلت الجبهة واستعادة الثقة في الشارع العربى، وكانت حرب الاستنزاف الخطوة الأهم لاستعادة الروح والثقة..

الروح للمقاتل المصرى خاصة والعربى عامة، وثقة الشارع المصرى والعربى في قواته المسلحة التي ظلمت أشد الظلم في حرب يونيو 67، لأنها لم تحارب لفساد قيادتها العسكرية وسوء التقدير للقرار السياسي.

في الخامس من اكتوبر 1973 كنا نتابع الدوري الكروى المصرى كالعادة، والحياة عادية تماما، الاعلام لا شىء جديد فيه، ونام العالم نوما عميقا ليلة السادس من أكتوبر 73، ولكنه صحى ظهيرة هذا اليوم على معجزة مصرية، معجزة بكل المقاييس، كيف تجاوزت القوات المسلحة أكبر مانع مائى في العالم في عز النهار، وبطول جبهة أطول من 175 كيلو مترا، الغريب في هذا الأمر أن العلوم العسكرية تقول هذا قرار خطأ تماما، لأن هذا يعرض الجيش للتدمير أثناء عبوره، خاصة أن هناك مواسير النابالم زرعها الكيان الصهيونى في مياه القناة، ولم يسبق أن حدث جيشا عبر مانع مائى بهذا الطول..

العالم لم يصدق، العدو جن جنونه، المصريين والعرب هللت قلوبهم قبل حناجرهم، وارتفع العلم المصرى مخضب بدماء الشهداء على أرض سيناء الغالية، وعادت مصر تغنى وتسعد بانتصار طال انتظاره منذ نكسة يونيو 67، وهنا لا بد أن نشير إلى دور الرئيس "محمد أنور السادات" الذي تحمل الغضب من الجبهة الداخلية الضاغطة عليه بسرعة اتخاذ قرار الحرب، إلا أنه اتخذه برؤية وفى توقيت رائع غير متوقع من الجميع..

ونود الإشارة إلى أن وزير الحربية الفريق أول "أحمد إسماعيل على"، والفريق "سعد الشاذلى" رئيس الأركان، واللواء "محمد عبدالغنى الجمسى" رئيس العمليات، وآلاف الأبطال الذين لا يعرف أحد أسماءهم، وإن كان بعض الشهداء يعلمهم الرأى العام مثل الشهيد "إبراهيم الرفاعى" بطل الصاعقة الفذ.

ويغنى عبدالحليم حافظ "خللى السلاح صاحى.. خللى السلاح صاحى" لماذا؟ يقول حليم "عدونا غدار"!

وبعيدا عن ما حدث سياسيا، فاننا اليوم ما أحوجنا إلى روح أكتوبر المجيدة، الروح التي قلبت الهزيمة إلى نصر، حولت اليأس إلى أمل، خلقت التحدى والعزيمة لمحو آثار هزيمة مفاجئة لجيش لم يحارب، ما أحوجنا إلى هذه الروح وأبنائنا يحاربون عدوا أشبه بشبح، ملامحه تتغير، هو الذي يحدد مكان المعركة، عدو تسانده قوى الشر الصهيونية، المتأسلمة، قطر، تركيا، الإخوان المجرمين، أننا في حاجة إلى روح أكتوبر من الشعب، فمن يصدق أنه في طوال فترة حرب أكتوبر لم تحدث جريمة واحدة، بلاغ واحد للشرطة بسرقة أو قتل أو أي شىء، الروح نشدد بها سواعد وقلوب شبابنا الذي يدافع عنا في مواجهة الإرهاب..

ما أحوجنا إلى أن نكون على قلب رجل واحد، لنواجه أعداء الامة داخليا وخارجيا، نواجه الإرهاب ومن يموله من تركيا وقطر وبنى صهيون والغرب، أكتوبر ليست مجرد حرب انتصر فيها الجيش المصرى، بل إنها أيقونة التاريخ العسكري المعاصر، التي تعد دراستها وأخذ العبر والدروس لأنها كثيرة.. كثيرة.. ولا تزال تصلح للاستعانة بها في معاركنا التي تواجه أمتنا العربية الآن.

تحيا مصر.. بدماء شهداء انتصار أكتوبر.
تحيا مصر.. بدماء شهداء محاربة الإرهاب.
تحيا مصر ببساطة شعبها الطيب الوفى المخلص لترابها.. تحيا مصر.
الجريدة الرسمية