رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس صراع العواصم لامتلاك «القاتل الصامت».. واشنطن صاحبة النصيب الأكبر.. موسكو تعيد البناء.. و«بكين» و«برلين» تحاولان ركوب «قطار التسليح»

الغواصات الأمريكية
الغواصات الأمريكية
سلاح الغواصات.. أو «القاتل الصامت» الذي تعمل كبرى دول العالم على تحقيق الاستفادة القصوى منه على عدة أصعدة عسكرية من بينها الردع والاستطلاع في الوقت الحالي، وتتنافس على تطويرها وامتلاك أكبر عدد منها من أجل السيطرة على قاع البحار.


لا سيما بعد ظهور ذلك النوع من الأسلحة كعامل مؤثر للغاية في الحروب، وهو ما اتضح جليًا في استخدام ألمانيا لها خلال الحرب العالمية الثانية.

القاتل الصامت
ويمكن تقسيم الغواصات العسكرية إلى نوعين، الأول، غواصات بإمكانها أن تبقى لفترات غير محدودة تحت سطح الماء، لأنها تعمل بالطاقة النووية، ويطلق عليها «غواصات نووية» ولكنها تكلفتها عالية للغاية وتعتمد عليها الدول الكبرى، ويتم إضافة الصواريخ النووية العابرة للقارات إليها ويمكنها أن تصل إلى أي مكان حول العالم.

أما الثانية فهي غواصات الديزل الكهربائية وهي غواصات ذات قدرة محدودة على البقاء تحت سطح الماء، وتحتاج كل فترة محددة أن تعود إلى  قواعدها للتزود بالوقود كما أنها تحتاج أثناء مهمتها للطفو على السطح لشحن خلايا الطاقة بالأكسجين اللازم لتشغيل محركاتها.



الأسطول الأقوى 
الولايات المتحدة الأمريكية، تمتلك 68 غواصة، وقد يكون أسطولها من الغواصات الأقوى على الإطلاق، على اعتبار أن معظم الغواصات الأمريكية نووية، وتعد الفئة الغالبة على الغواصات الأمريكية هي فئة «لوس أنجلوس»، فيوجد منها 40 غواصة داخل الخدمة.

وتم بناءها فيما بين عامي 1970 و1990، وهي قادرة على أن تغوص إلى عمق أكثر من 300 متر، لكن بدأت مؤخرا الولايات المتحدة في استبدال هذه الغواصات بغواصات متطورة من فئة «فرجينيا»، ومن بين أهم فئات الغواصات الأمريكية، «يو أس أس أوهايو»، وهي أكبر غواصة صنعتها البحرية الأمريكية.

وتعمل على الطاقة النووية مثل كل الغواصات الأمريكية حيث مصدر طاقتها هو مفاعل نووي يوفر طاقة كافية لتشغيل محركيها الذين يوجهان دفة القيادة، وحجمها الهائل يسمح لها بحمل 154 صاروخ توماهوك موجه، وكل صاروخ قادر على حمل رأس شديد الانفجار، ما يعني أنها قادرة على حمل 50% أكثر من سفن الصواريخ الموجه ونحو 4 أضعاف ما يمكن لأحدث غواصة أمريكية حملة.

وتشير البحرية الأمريكية، بحسب «سي إن إن»، إلى أن مدى الغواصة غير محدود وأنها قادرة على البقاء تحت الماء لا يحدها سوى الاضطرار للخروج والتزود بالإمدادات الغذائية لطاقمها، ورغم أن الرءوس النووية التي تحملها تم نزعها إلا أنها تبقى واحدة من أكثر الأسلحة الأمريكية رعبا، إن لم تكن أكثرها التي تجوب المحيط الهادئ.

وتعتبر الغواصة أوهايو واحدة من أكثر الغواصات قدرة على التخفي بصمت، ودخت الخدمة في العام 1981 وتعتبر مثالا لقوة الردع الأمريكية.

روسيا.. إعادة البناء بعد انهيار الاتحاد
أما فيما يتعلق بـ«موسكو»، العدو التقليدي لـ «واشنطن»، فرغم عدم الاهتمام من جانب روسيا بتطوير الغواصات في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أنها خلال السنوات الماضية حرصت على توفير التمويل الكافي لتطويرها، وتمتلك 64 غواصة، من بينها نحو 30 غواصة نووية، وخلال الوقت الحالي يتم بناء غواصات جديدة بنشاط.

وفي وقت قريب، أعلنت روسيا عن إطلاق الغواصة «ماجادان» التي تعمل بالديزل والكهرباء من المشروع 636.3 لأسطول المحيط الهادئ، ومؤخرا أمرت وزارة الدفاع الروسية بتنفيذ 3 غواصات نووية روسية مناورة طفت بها في آن واحد من تحت الجليد لأول مرة في التاريخ، وتحمل إحدى الغواصات حاملات الصواريخ النووية.

وأطلقت في المناورة طوربيدا من منصته التي ارتفعت عن الجليد، كما كشفت «موسكو» في وقت سابق ضمن استعراض القوى أمام العالم، عن مخبأ بحري سري للغواصات السوفيتية تم إنشاؤه بعد الحرب الوطنية العظمى في شبه جزيرة القرم، وهو عبارة عن نفق بحري نافذ حفر على عمق 216 مترا في جبال القرم المطلة على البحر الأسود بالقرب من بلدة بالاكلافا، وبلغ طوله 800 متر.

واستخدم النفق بعد الحرب لإصلاح الغواصات السوفيتية وتزويدها بصواريخ نووية تم تخزينها في مستودع تحت الماء يتصل بالنفق البحري، ويتواجد فيه الغواصات السوفيتية صغيرة الحجم من طراز «ماليوتكا وشوكا» والتي شكلت أساسا لأسطول البحر الأسود السوفيتي وقت الحرب العالمية الثانية.

الصين.. غواصات «بكين» تحمل «صواريخ»
الصين، هي الأخرى اتخذت خطوات مصارعة في سباق التسلح بـ«القاتل الصامت»، حيث وضعت خطة ضخمة لتوسيع وتطوير أسطولها من الغواصات خلال السنوات الأخيرة، وتمتلك 79 غواصة، من بينها نحو 50 غواصة تعمل بالديزل والكهرباء.

وبالإضافة إلى ذلك فإن «بكين» لديها عدة غواصات نووية مزودة بصواريخ باليستية، وتعد الغواصات الصينية «تايب- 039 إيه» التي يطلق عليها اسم «ياوان» نتاج سنوات من الأبحاث الخاصة بتطوير الغواصات التقليدية ولكن بشكل سري.

وبحسب مجلة «ناشونال إنترست» فإن الهدف من ذلك هو إنتاج جيل من الغواصات قادرا على الوصول إلى أعماق أكبر تحت سطح الماء.

كوريا الشمالية.. غواصات من العصر السوفيتي
ومن بين القوى الكبرى التي تمتلك سلاح الغواصات، تأتي كوريا الشمالية بـ 36 غواصة، وكلها تعمل بالديزل والكهرباء، وسبق أن تمكنت إحدى غواصاتها من فئة «يونو» سفينة كورية جنوبية تسمى «تشهونان» في عام 2010، ولكن غواصات كوريا الشمالية قديمة.

ومع ذلك فإن الجزء الأكبر من أسطول الغواصات يتكون من غواصات العصر السوفييتي والغواصات الساحلية الصغيرة، ولكنها تتمكن من إتمام مهامها بنجاح خاصة في العمليات بالأحواض الضحلة وفي النهر، وخلال الحرب، يمكن استخدامها للاستطلاع في موانئ العدو ونقل القوات الخاصة إلى شواطئ العدو.

إيران.. «غواصات الملالي» تحمي الساحل
في حين تمتلك إيران 29 غواصة، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، بدأت بتطوير سفن وغواصات جديدة، وظلت القوات البحرية، تركز على العمليات والعمليات الساحلية في مياه الخليج، والغواصات الأكثر تطويرا هي ثلاث غواصات روسية تعمل بالديزل والكهرباء وتسمى «كيلو»، وقد بنيت في التسعينيات.

وتوفر هذه الغواصات لإيران القدرة على القيام بدوريات لأكثر من 11000 كيلومتر، وتمثل تهديدا حقيقيا لأي قوات بحرية تقترب من الساحل الإيراني فرنسا وتمتلك فرنسا 10 غواصات، ومؤخرا خططت لتزويد قواتها البحرية بـ 4 غواصات حاملة للصواريخ الباليستية، ضمن برنامج خاص بغواصات الجيل الثالث النووية.

ومن المقرر أن تتسلم البحرية الفرنسية الغواصة الأولى بحلول عام 2035 بينما سيتم تسليم الغواصات الثلاثة الأخرى خلال 15 عاما بمعدل غواصة كل 5 سنوات، وتعرف الغواصات الأربع في فرنسا باسم «سنل».

ومن المقرر أن تظل الغواصات الجديدة في الخدمة حتى عام 2090، ولكن ما يميزها أنها ستحمل جهاز «سونار» لكشف الأهداف المعادية يتم تثبيته في مقدمة الغواصة، إضافة إلى تقنيات الكشف عن الغواصات المعادية عن طريق بصمة الصوت.

ألمانيا.. محاولة أخيرة لركوب «قطار التسليح»
رغم وجود شركة تايسنكروب للصناعات البحرية والتي تصنع الغواصات على أراضيها، لكن ألمانيا تمتلك 6 غواصات فقط، ومؤخرا كشفت كل من ألمانيا والنرويج عن التوصل إلى اتفاق لشراء غواصات قدرت كلفتها بالمليارات، وبموجبه ستشتري ألمانيا والنرويج معًا 6 غواصات من طراز «تايب 212».

وتحصل ألمانيا على غواصتين في حين تحصل النرويج على 4 غواصات، وسيكلف المشروع النرويج نحو 45 مليار كرون، أي ما يعادل 4.5 مليار يورو تقريبا، وأفادت وزارة الدفاع النرويجية، في وقت لاحق، أن الموعد المتوقع للتسليم سيبدأ بين عامي 2028 و2030 على أقرب تقدير.

نقلًا عن العدد الورقي..،
الجريدة الرسمية