رئيس التحرير
عصام كامل

الحبس الاحتياطي في محكمة البرلمان.. أبو زيد: بيانات المنظمات الأجنبية مغرضة ومحرضة.. ورمزي: إجراء احترازي وشائع عالميا

الحبس الاحتياطي في
الحبس الاحتياطي في محكمة البرلمان
هل تحول الحبس الاحتياطي في مصر من إجراء احترازي ينص عليه القانون وفق شروط ومدد محددة إلى عقوبة مفتوحة تخالف الدستور والقانون وحقوق الإنسان، بالشكل الذي أغرى عددًا من الجهات الأجنبية والمغرضة إلى المزايدة على مصر، والادعاء بأنها تخالف المواثيق الحقوقية الدولية؟


وبعيدًا عن هذه المزايدة الرخيصة والوصاية المرفوضة، فإنه لا ينبغي أيضًا أن ندفن رؤوسنا في الرمال، ونقر ونعترف بأن هناك إشكالية جديرة بطرحها للنقاش الهادئ والموضوعي من جميع الأطراف ذات الصلة والاختصاص، ليس مسايرة لأية أصوات خارجية، مهما كانت دوافعها، ولكن من منطلق وطني لا يقبل ريبًا أو شكًا، لا سيما أن هناك متهمين ذاقوا ويلات الحبس الاحتياطي، قبل أن تتم تبرئتهم، ويحكم لهم القضاء بتعويضهم.

أزمة التجديد
اللافت أن المجلس القومي لحقوق الإنسان طالب في وقت سابق دون طائل أو مردود بإيجاد حلول لمشكلة تجديد الحبس الاحتياطي لمدد طويلة دون الإحالة للمحاكمة الجنائية، منوهًا خلال اجتماعه برئاسة محمد فائق إلى أن عديدًا من القضايا تم توجيه اتهامات جديدة لم توجه للمتهمين فور القبض عليهم، ويعاد حبسهم احتياطيا بعد انتهاء المدة القانونية التي تستوجب الإفراج عنهم بقوة القانون.

وطالب المجلس بضرورة العمل على الإفراج عمن انتهت مدة الحبس الاحتياطي بقوة القانون حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي لعقوبة بدون حكم قضائي، وهو ما لم يحدث، رغم مرور فترات طويلة على هذا الاجتماع.. التفاصيل في سطور هذا الملف.

مجلس النواب
الحبس الاحتياطي واحد من أبرز الملفات التي تتسبب في تعرض مصر للهجوم في ملف حقوق الإنسان، لاسيما أن هناك العديد ممن يتعرضون لهذه العقوبة بما يتنافى مع القاعدة القانونية "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".

وفي مجلس النواب الماضي، تمت الموافقة على تعديلات المادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية، بشأن مدد الحبس الاحتياطي، والتي وضعت حدا أقصى سنتين في بعض الجرائم التي تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام لكن الإشكالية هنا أن بعض المتهمين الذين يتم حبسهم احتياطيا لفترة طويلة في كثير من الأحيان يتم تبرئتهم، أو الحكم عليهم بالحبس على سبيل المثال بفترة أقل من التي تم قضاؤها احتياطيا.

ونصت التعديلات الأخيرة على قانون الإجراءات الجنائية في شأن الحبس الاحتياطي: "لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على ثلاثة أشهر في مواد الجنح ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة".

ويجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة، وفقًا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 140 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم".

وجاء في الفقرة الثانية: "إذا كانت التهم المنسوبة إليه جناية لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على خمسة أشهر إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بالحبس أو التدابير مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير على حسب الأحوال.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز ستة أشهر في الجنح، واثنا عشر شهرًا، للحبس، وثمانية عشر شهرًا ما دون ذلك، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام".

تعديلات الحبس الاحتياطي
هذه التعديلات التي تم إدخالها رأى البعض أنها تقضي بأن الحبس الاحتياطي عقوبة، وفي إشارة إلى الانتقاص من حقوق المتهم والمحبوس احتياطيا، والأمر الذي تتخذه بعض المنظمات الدولية ذريعة للهجوم على مصر في ملف حقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، نفى النائب محمد عبد الحكيم أبو زيد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، الحاجة إلى أي تعديلات تشريعية في شأن الحبس الاحتياطي، مؤكدا أنه يتم في أضيق الحدود.

مشيرًا إلى أن الحبس الاحتياطي يكون له مبرراته وهو سلطة تقديرية للقاضي، مؤكدا أن المحبوس احتياطيا وله محل إقامة معروف، ولا يوجد خشية منه في الهروب أو التأثير على سير التحقيقات في القضايا يتم الإفراج عنه بناء على طلب محاميه.

وأوضح "أبو زيد"، أن حالات عدم الإفراج عن المتهم إذا كان هناك مبرر لذلك، ويكون محكومًا بقانون الإجراءات الجنائية، مشيرًا إلى أن هناك بعض قضايا الجنايات التي قد يكون فيها الإفراج عن المتهم سببًا في التأثير على سير التحقيقات، أو أنه ليس له محل إقامة معلوم مما يساعده على الهرب، لافتًا إلى أنه في كثير من الأحيان لا يتم الإفراج عن المتهم في قضايا الجنايات خشية على حياته، لا سيما في القضايا المتعلقة بالقتل أو التعرض لأي شخص بأي شكل من الأشكال.

وقال النائب: في هذه الحالة يكون القاضي حريصًا على منع تفاقم الجريمة بإبقاء المتهم محبوسًا على ذمة القضايا، لافتًا إلى أن محامي المتهم في حال قدم مبررًا للمحكمة يتم الإفراج عنه فورًا.

إجراء احترازي

واتفق معه في الرأي النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، مشيرًا إلى أن الحبس الاحتياطي إجراء احترازي، ومعمول به في كل قوانين العالم.



وقال النائب: لا يوجد بلد سواء متقدم أو في العالم الثالث، إلا ويتضمن قانون الإجراءات الجنائية بها نصوصًا خاصة بالحبس الاحتياطي مع اختلاف مسمياته، مشيرًا إلى أن هناك بعض الدول تطلق عليه "التوقيف".

وتابع رمزي: ليس من المعقول ألا يتم حبس متهم جنائي احتياطيا، مشيرا إلى أن إلغاء هذه العقوبة يعرقل النيابة في إنجاز العدالة.

ولفت إلى أن المادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية، بشأن مدد الحبس الاحتياطي، وضعت حدا أقصى سنتين فقط إذا كانت العقوبة الحبس المؤبد أو الإعدام، مؤكدا أنه لا يوجد استبداد أو تعسف في الحبس الاحتياطي، وأوضح عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، أن التعديل الذي أدخله البرلمان الماضي وضع حدا لزيادة المدد، لاسيما وأنه كان في السابق الحبس الاحتياطي مفتوحا.

المنظمات الدولية
من جانبه رأى عاطف المغاوري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أنه في الفعل هناك حاجة لإعادة النظر في تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وتحديدًا فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي.

وقال النائب: هذا التعديل ليس امتثالًا لرأي المنظمات الدولية، التي تهاجم مصر بسبب ملف حقوق الإنسان، لا سيما وأن هذا الملف يتخذه البعض ذريعة للتدخل في شئون الدول وهو أمر مرفوض تمامًا.

وتابع: تعديل ما يتعلق بالحبس الاحتياطي في القانون الهدف الأساسي منه حماية المواطنين وتحقيق شروط العدالة الناجزة، وبما يضمن حقوق كافة الأطراف (المتهم - المجني عليه - الدولة).

المعايير المزدوجة
وأشار مغاوري، إلى أن المنظمات الدولية تعمل بمعايير مزدوجة في ملف حقوق الإنسان، مستشهدا بغض الطرف عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل على سبيل المثال أمام الرأي العام العالمي بالصوت والصورة في حق الشعب الفلسطيني، سواء بالقتل أو السجن الذي يتجاوز مائة سنة في بعض الحالات.

وأوضح عضو مجلس النواب، أن مدة الحبس الاحتياطي طويلة، وفي بعض القضايا يخرج المتهم بريئا، لذا فإن فلسفة التعديل سواء قامت به الحكومة أو قام به نواب البرلمان، يجب أن تنصب على تخفيف هذه المدة من ناحية، ومن ناحية أخرى تعويض المتهم في حال براءته، أو إذا ما تم الحكم عليه بمدة أقل من الفترة التي قضاها محبوسا احتياطيا.

وأشار النائب عاطف مغاوري، إلى أن أي عمل بشري قابل للتعديل من أجل تحقيق المرجو منه، مؤكدا أنه لابد من قياس الأثر التشريعي لكل قانون، ومعرفة مدى قدرته علي تحقيق الأهداف المرجوة منه.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية