رحلة في عقل "إخواني" (5)
يتناول الكتابين
الثاني والثالث ضمن المناهج التربوية لجماعة الإخوان مجموعة جديدة من الموضوعات تندرج
تحت صورة أهداف يراد تحققها في عضو الجماعة، بحيث تساهم في تكوين شخصيته بالشكل الذي
يتوافق مع طبيعة الجماعة ويحقق أهدافها.
"في رحاب الإسلام"
يتناول كتاب فى رحاب الإسلام بعض الأهداف، وهي:
الهدف الأول: أن يعرف الفرد أن الإسلام منهج حياة:
يؤكد الكتاب من خلال هذا الهدف على مفهوم شمولية العبادة الذي تحدث عنه كتاب "من مبادئ الإسلام"، ويوضح ضرورة تحقيق هذه الشمولية بإقامة مجتمع مسلم تطبق فيه الشريعة، ويؤسس لمفهوم الجهاد باعتباره وسيلة لنشر الدعوة وليس فقط للدفاع، كما يؤسس هذا الهدف لمفهوم الحاكمية عند حديثه عن صفة الربانية التي يتسم بها الإسلام، مستعينًا بالكثير من كلمات سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق"، حيث جاء في أحد مواضعه "وبهذا تقرر في الأصول الإسلامية أن المشرع الوحيد هو الله، فهو الذي يأمر وينهي ويحلل ويحرم ويكلف ويلزم بمقتضى ربوبيته وألوهيته".
الهدف الثاني: أن يؤمن الفرد بوجوب الدعوة إلى الله:
ويتحدث الكتاب عن هذا الهدف من عدة جوانب؛ فيذكر أولًا أن أهداف الدعوة هي إما إقامة مجتمع إسلامي جديد أو إصلاح مجتمع إسلامي قائم، وأنها فريضة شرعية وضرورة واقعية، وعن صور الدعوة يقول بأن لها صورتان: صورة فردية وهي التي يقوم بها الشخص بمفرده دون أن يكون منتميًا لجماعة، وصورة جماعية تتحقق حين يمارس الشخص وظيفة الدعوة في إطار جماعة ينتمي إليها ويعمل معها لتحقيق أهداف الدعوة، وهي الصورة التي يحث عليها الكتاب لأنها الأكثر فاعلية وفق رؤيته، وهذا ما سيتضح من خلال الهدف التالي.
الهدف الثالث: أن يؤمن الفرد بوجوب العمل الجماعي و تتحقق لديه الرغبة الأكيدة للانضمام للجماعة:
يأتي هذا الهدف بمثابة ذروة سنام الأهداف السابقة والنتيجة التي يعمل القائمون على عملية التربية في الجماعة على الوصول إليها؛ فبعد أن أدرك الفرد الغاية من خلق الإنسان وهي عبادة الله وأن هناك مفهومًا شاملًا لتلك العبادة، وبعد أن حصل على جرعة إيمانية تغير من سلوكياته وأخلاقه، وبعد أن عرف قيمة الحياة وسط آخرون يعينوه على تحقيق تلك الغاية وأنه بمفرده ربما لن يستطيع القيام بذلك على الوجه الأكمل، وبعد أن شَعُر بضرورة الاهتمام بآلام المسلمين ومتاعبهم في شتى بقاع الأرض، وأيقن بوجوب الدعوة إلى الله وأنها فريضة شرعية وضرورة واقعية، فإنه تأتي بعد ذلك نتيجة مفادها أنه من أجل كل ما سبق فإن على الفرد أن ينضم لجماعة الإخوان وأن يعمل من خلالها لأن ذلك هو السبيل لإقامة الدين.
محن وأزمات
الهدف الرابع: أن يقدر الفرد على مواجهة منعطفات الطريق:
لابد في هذه المرحلة أن يتم تهيئة الفرد نفسيًا لفكرة المحنة وأنها حتمية ولا مفر منه طالما أن الفرد يعمل مع جماعة تمثل الإسلام وتسعى لتطبيقه، فالجماعة تدرك أن طريقها ليس مفروشًا بالورود وأنه ليس ممهدًا ولا ناعمًا سهلًا، فهي تعلم من أول يوم أن الصدام هو طريقها وأن المحن والأزمات ملازمة لها دومًا، وقد قالها لهم البنا منذ زمن بعيد بأنه ما إن يعلم الناس حقيقة دعوتكم حتى يحاربونها بشتى الطرق وسوف تُسجنون وتُقتلون وتُصادر أموالكم وتُفصلون من وظائفكم، وليس هذا لأنهم يسلكون طريق الأنبياء كما يقولون بل لأن فكرتهم ومشروعهم صداميٌ بامتياز، فلذلك كانت المحن والأزمات حتمية.
يدرس الفرد في هذا الهدف الأخير الذي يسبق مرحلة البيعة والانضمام الرسمي للجماعة مباشرةً جرعةً مكثفةً سوف يحتاج إليها بعد ذلك لا شك، عن طبيعة الطريق الذي يسير فيه وما ينتظره هناك، وعن الثواب العظيم الذي يقترن بعظم المحن والابتلاءات، وعن التحذير من التراجع حتى لا يُعد من المتساقطين المنافقين الذين لم يبلغوا دنيا ولا آخرة، وعن كيفية الثبات على ذلك الطريق وبما يستعين به على ذلك، كلها أمورًا لابد من تهيئة الفرد عليها حتى إذا ما صادف أزمة بسبب انتمائه للجماعة فلا يجزع وإذا وجد نفورًا أو اعراضًا من بعض الناس فلا ييأس أو يتعجب، وإذا رأى الفشل دائمًا حليفًا له ولجماعته فلا يرجع ولا يتدبر بل يتأكد أنه بذلك على الطريق الصحيح؛ فيستمر ولا يبالي!
هنا يكون الفرد قد ترسخ لديه أن الدعوة والعمل للإسلام من خلال جماعة هو أمر ضروري، وفي ذات الوقت تهيأ نفسيًا للعديد من المشكلات والأزمات، وتحصن فكريًا من المراجعة وإعادة التفكير واكتشاف الأخطاء ومعالجتها، ويكون أهلًا لتأدية البيعة.
" في نور الإسلام"
بعد تأدية الفرد للبيعة يصبح عضوًا رسميًا بجماعة الإخوان، لتبدأ مرحلة تربوية جديدة يتم تدريس كتاب فى نور الإسلام خلالها، والذي يتناول بعض الموضوعات التي تعمل على ربطه بشكل أكبر بالجماعة نفسيًا وفكريًا، منها موضوعًا يركز فيه على فكرة البعد عن الجدال والمراء وهي وسيلة يتم إلباسها لباسًا دينيًا ترسخ داخل الفرد ثقافة الاتباع وتعمل على تطويعه وتُسهّل قيادته، كما يتناول الكتاب ثلاثة أركان من أركان البيعة العشر، وهذه الأركان وضعها البنا وجعل بيعة الفرد للجماعة قائمة على تحققها وهي أمور يجب توافرها سواء على مستوى الوعي أو السلوك عند الفرد، وهذه الأركان هي "الفهم، الإخلاص، العمل، الجهاد، التضحية، الطاعة، الثبات، التجرد، الأخوة، الثقة".
وقد اختار الكتاب الأركان الثلاث الأولى وهم الفهم والإخلاص والعمل، ويُقصد بركن الفهم كما شرحه البنا "إنما أريد بالفهم أن توقن أن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز"، وهذه الأصول العشرين هي قواعد صاغها البنا في جمل قصيرة منها ما يتعلق بالعقيدة أو الفقه ويُراد منها توحيد فهم الإخوان تجاه تلك الأمور، أما الركن الثاني فهو ركن الإخلاص وهو يعني إخلاص النية لله في كل عمل يتعلق بالدعوة وعد ابتغاء أي مصلحة إلا الثواب من الله، ويسرد الكتاب بعضًا نماذج من الصحابة وإخلاصهم في الكثير من أعمالهم كما يعرض نماذج من الإخوان أيضًا، في تعمد دائم لإزالة الفوارق والتوحيد بين رسالة الإسلام وبين دعوة الإخوان، وبين جيل الصحابة وبين أفراد الجماعة ليترسخ في الأذهان أن الثاني امتدادٌ للأول ليستمد قدسيته منه، والركن الأخير هو ركن العمل، ويُقصد به تلك المراحل أو الأهداف السبع التي تحدث عنها البنا وهي تبدأ بإصلاح الفرد وصولًا إلى أستاذية العالم.
كما يتناول الكتاب موضوعًا أخيرًا يتعلق بتفنيد ما يسميه بـ "الشبهات" التي تثار حول الجماعة، ويحذر الأفراد من بعض صور الانحراف عن الجماعة، ويذكر أمثلة ونماذج من الممارسات والأفكار تُعد في نظر الإخوان انحرافًا عن الطريق الصحيح، منها؛ إهمال عنصر الوحدة وقوة الرابطة بين الأفراد، إهمال المحافظة على قوة بنيان الجماعة والالتزام بشروطها، عدم الاهتمام بالجهاد، الاشتراك في حكومة لا تحكم بما أنزل الله، تغليب الجدال والنقاش على العمل، تعدد الجماعات والزعامات، والخلاف والانشقاق، والتنازل عن إسم "الإخوان المسلمين".
"في رحاب الإسلام"
يتناول كتاب فى رحاب الإسلام بعض الأهداف، وهي:
الهدف الأول: أن يعرف الفرد أن الإسلام منهج حياة:
يؤكد الكتاب من خلال هذا الهدف على مفهوم شمولية العبادة الذي تحدث عنه كتاب "من مبادئ الإسلام"، ويوضح ضرورة تحقيق هذه الشمولية بإقامة مجتمع مسلم تطبق فيه الشريعة، ويؤسس لمفهوم الجهاد باعتباره وسيلة لنشر الدعوة وليس فقط للدفاع، كما يؤسس هذا الهدف لمفهوم الحاكمية عند حديثه عن صفة الربانية التي يتسم بها الإسلام، مستعينًا بالكثير من كلمات سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق"، حيث جاء في أحد مواضعه "وبهذا تقرر في الأصول الإسلامية أن المشرع الوحيد هو الله، فهو الذي يأمر وينهي ويحلل ويحرم ويكلف ويلزم بمقتضى ربوبيته وألوهيته".
الهدف الثاني: أن يؤمن الفرد بوجوب الدعوة إلى الله:
ويتحدث الكتاب عن هذا الهدف من عدة جوانب؛ فيذكر أولًا أن أهداف الدعوة هي إما إقامة مجتمع إسلامي جديد أو إصلاح مجتمع إسلامي قائم، وأنها فريضة شرعية وضرورة واقعية، وعن صور الدعوة يقول بأن لها صورتان: صورة فردية وهي التي يقوم بها الشخص بمفرده دون أن يكون منتميًا لجماعة، وصورة جماعية تتحقق حين يمارس الشخص وظيفة الدعوة في إطار جماعة ينتمي إليها ويعمل معها لتحقيق أهداف الدعوة، وهي الصورة التي يحث عليها الكتاب لأنها الأكثر فاعلية وفق رؤيته، وهذا ما سيتضح من خلال الهدف التالي.
الهدف الثالث: أن يؤمن الفرد بوجوب العمل الجماعي و تتحقق لديه الرغبة الأكيدة للانضمام للجماعة:
يأتي هذا الهدف بمثابة ذروة سنام الأهداف السابقة والنتيجة التي يعمل القائمون على عملية التربية في الجماعة على الوصول إليها؛ فبعد أن أدرك الفرد الغاية من خلق الإنسان وهي عبادة الله وأن هناك مفهومًا شاملًا لتلك العبادة، وبعد أن حصل على جرعة إيمانية تغير من سلوكياته وأخلاقه، وبعد أن عرف قيمة الحياة وسط آخرون يعينوه على تحقيق تلك الغاية وأنه بمفرده ربما لن يستطيع القيام بذلك على الوجه الأكمل، وبعد أن شَعُر بضرورة الاهتمام بآلام المسلمين ومتاعبهم في شتى بقاع الأرض، وأيقن بوجوب الدعوة إلى الله وأنها فريضة شرعية وضرورة واقعية، فإنه تأتي بعد ذلك نتيجة مفادها أنه من أجل كل ما سبق فإن على الفرد أن ينضم لجماعة الإخوان وأن يعمل من خلالها لأن ذلك هو السبيل لإقامة الدين.
محن وأزمات
الهدف الرابع: أن يقدر الفرد على مواجهة منعطفات الطريق:
لابد في هذه المرحلة أن يتم تهيئة الفرد نفسيًا لفكرة المحنة وأنها حتمية ولا مفر منه طالما أن الفرد يعمل مع جماعة تمثل الإسلام وتسعى لتطبيقه، فالجماعة تدرك أن طريقها ليس مفروشًا بالورود وأنه ليس ممهدًا ولا ناعمًا سهلًا، فهي تعلم من أول يوم أن الصدام هو طريقها وأن المحن والأزمات ملازمة لها دومًا، وقد قالها لهم البنا منذ زمن بعيد بأنه ما إن يعلم الناس حقيقة دعوتكم حتى يحاربونها بشتى الطرق وسوف تُسجنون وتُقتلون وتُصادر أموالكم وتُفصلون من وظائفكم، وليس هذا لأنهم يسلكون طريق الأنبياء كما يقولون بل لأن فكرتهم ومشروعهم صداميٌ بامتياز، فلذلك كانت المحن والأزمات حتمية.
يدرس الفرد في هذا الهدف الأخير الذي يسبق مرحلة البيعة والانضمام الرسمي للجماعة مباشرةً جرعةً مكثفةً سوف يحتاج إليها بعد ذلك لا شك، عن طبيعة الطريق الذي يسير فيه وما ينتظره هناك، وعن الثواب العظيم الذي يقترن بعظم المحن والابتلاءات، وعن التحذير من التراجع حتى لا يُعد من المتساقطين المنافقين الذين لم يبلغوا دنيا ولا آخرة، وعن كيفية الثبات على ذلك الطريق وبما يستعين به على ذلك، كلها أمورًا لابد من تهيئة الفرد عليها حتى إذا ما صادف أزمة بسبب انتمائه للجماعة فلا يجزع وإذا وجد نفورًا أو اعراضًا من بعض الناس فلا ييأس أو يتعجب، وإذا رأى الفشل دائمًا حليفًا له ولجماعته فلا يرجع ولا يتدبر بل يتأكد أنه بذلك على الطريق الصحيح؛ فيستمر ولا يبالي!
هنا يكون الفرد قد ترسخ لديه أن الدعوة والعمل للإسلام من خلال جماعة هو أمر ضروري، وفي ذات الوقت تهيأ نفسيًا للعديد من المشكلات والأزمات، وتحصن فكريًا من المراجعة وإعادة التفكير واكتشاف الأخطاء ومعالجتها، ويكون أهلًا لتأدية البيعة.
" في نور الإسلام"
بعد تأدية الفرد للبيعة يصبح عضوًا رسميًا بجماعة الإخوان، لتبدأ مرحلة تربوية جديدة يتم تدريس كتاب فى نور الإسلام خلالها، والذي يتناول بعض الموضوعات التي تعمل على ربطه بشكل أكبر بالجماعة نفسيًا وفكريًا، منها موضوعًا يركز فيه على فكرة البعد عن الجدال والمراء وهي وسيلة يتم إلباسها لباسًا دينيًا ترسخ داخل الفرد ثقافة الاتباع وتعمل على تطويعه وتُسهّل قيادته، كما يتناول الكتاب ثلاثة أركان من أركان البيعة العشر، وهذه الأركان وضعها البنا وجعل بيعة الفرد للجماعة قائمة على تحققها وهي أمور يجب توافرها سواء على مستوى الوعي أو السلوك عند الفرد، وهذه الأركان هي "الفهم، الإخلاص، العمل، الجهاد، التضحية، الطاعة، الثبات، التجرد، الأخوة، الثقة".
وقد اختار الكتاب الأركان الثلاث الأولى وهم الفهم والإخلاص والعمل، ويُقصد بركن الفهم كما شرحه البنا "إنما أريد بالفهم أن توقن أن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز"، وهذه الأصول العشرين هي قواعد صاغها البنا في جمل قصيرة منها ما يتعلق بالعقيدة أو الفقه ويُراد منها توحيد فهم الإخوان تجاه تلك الأمور، أما الركن الثاني فهو ركن الإخلاص وهو يعني إخلاص النية لله في كل عمل يتعلق بالدعوة وعد ابتغاء أي مصلحة إلا الثواب من الله، ويسرد الكتاب بعضًا نماذج من الصحابة وإخلاصهم في الكثير من أعمالهم كما يعرض نماذج من الإخوان أيضًا، في تعمد دائم لإزالة الفوارق والتوحيد بين رسالة الإسلام وبين دعوة الإخوان، وبين جيل الصحابة وبين أفراد الجماعة ليترسخ في الأذهان أن الثاني امتدادٌ للأول ليستمد قدسيته منه، والركن الأخير هو ركن العمل، ويُقصد به تلك المراحل أو الأهداف السبع التي تحدث عنها البنا وهي تبدأ بإصلاح الفرد وصولًا إلى أستاذية العالم.
كما يتناول الكتاب موضوعًا أخيرًا يتعلق بتفنيد ما يسميه بـ "الشبهات" التي تثار حول الجماعة، ويحذر الأفراد من بعض صور الانحراف عن الجماعة، ويذكر أمثلة ونماذج من الممارسات والأفكار تُعد في نظر الإخوان انحرافًا عن الطريق الصحيح، منها؛ إهمال عنصر الوحدة وقوة الرابطة بين الأفراد، إهمال المحافظة على قوة بنيان الجماعة والالتزام بشروطها، عدم الاهتمام بالجهاد، الاشتراك في حكومة لا تحكم بما أنزل الله، تغليب الجدال والنقاش على العمل، تعدد الجماعات والزعامات، والخلاف والانشقاق، والتنازل عن إسم "الإخوان المسلمين".