حكومة من بنها
يحكى التاريخ، أنه مع بدايات إنشاء السكك الحديدية فى مصر، كانت
"بنها" أولى المحطات التى تتوقف بها كل القطارات المتجهة من القاهرة إلى محافظات
الوجه البحري، ونظرا لقربها، صار عرفا لدى محصلى القطارات استثناء كل الركاب الذين
سينزلون تلك المحطة من قطع التذاكر، وكان يكفي المواطن البنهاوى أن يقول للمحصل فقط
"أنا من بنها" ليتركة دون تذكره.
إلا أن كثيراً من ركاب القطارات اتخذوا من تلك العبارة وسيلة سهلة للهروب من التذاكر، إلى جانب استئذان ركاب القطارات المزدحمة فى الجلوس حتى "بنها" ثم النزول واستقلال قطارات أخرى إلى وجهتهم الأصلية، نظرا لأن المحطة تعد حتى اليوم محطة تبادلية.
ومن هنا جاءت مقولة "عامل من بنها" التى تعامل بها مجلس النواب الماضى، وحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، مع المصريين خلال إعداد وإقرار "قانون الشهر العقارى" رقم 186 لسنة 2020 الذى وافق عليه البرلمان السابق فى أغسطس الماضى.
وعلى الرغم من أن الحكومة قد اضطرت تحت ضغط غضب الشارع، لتأجيل العمل بالقانون حتى نهاية العام الحالى، إلا أن الواقع يقول إنها تعاملت مع المصريين مثل الذين كانوا يدعون أنهم "من بنها" ولم تراع الظروف الاقتصادية للمواطن الذى تحمل دون كلل كل الأعباء الثقيلة لـ "برنامج الإصلاح الاقتصادى" وما تتطلبه من زيادة في أسعار كافة السلع والخدمات، ورفع لكافة أشكال الدعم عن المحروقات والكهرباء والمياه والغاز، وأن العقل كان يتطلب التمهل قبل استحداث قوانين ترهق كاهله بأعباء جديدة.
شنطة سعدية
الواقع يقول: إن الحكومة قد تعجلت فى إعداد وإقرار وتوقيت تطبيق هذا القانون، وإنها لم تدرك أن المواطن يحتاج لأن يلتقط أنفاسه، خاصة وأنه مازال هناك من لم يستطع حتى اليوم توفير قيمة المبلغ المطلوب لسداد الـ 25% المطلوبة لاتمام جدية التصالح التى أقرها قانون "مخالفات البناء" والذى حمل أغلب المواطنين بموجبه قيمة مخالفات لم يرتكبوها، فى عقارات دفعوا فيها "شقى العمر" للحصول على وحدات سكنية بسيطة تأويهم وأولادهم..
ورغم ذلك قررت الحكومة أن تزيد من معاناة المواطن، وتتبع "قانون التصالح" بقانون جديد يجبرهم على توثيق عقود تلك الوحدات في الشهر العقارى، بل والأكثر من ذلك، أنها حظرت "طبقا لأحكام القانون الجديد" على شركات الكهرباء والمياه والغاز، وغيرها، مد الوحدات السكنية بالمرافق والخدمات، سوى بعد تقديم سند الملكية الذى يحمل ختم ورقم الشهر العقارى.
الواقع يقول: أن الحكومة تعاملت مع المواطن بالفعل على أنها "من بنها" وادعت أنه لا إجبار على توثيق العقود، ثم عادت وأكدت أنه لن يحق للمواطن إدخال أية مرافق أو خدمات دون تقديم العقد الموثق، ثم أكدت أن قيمة رسوم التوثيق لأي شقة لن يتجاوز ال، 2000 جنيه، ثم عادت وأكدت انه يوجد رسوم أخرى سيدفعها المواطن في أماكن أخرى لا علاقة لها برسم التوثيق.
للأسف الحكومة لم تذكر أنها قررت بموجب هذا القانون "مرمطة" المواطن، وجعله يدور "كعب داير" على العديد من الجهات لإنهاء الأوراق المطلوبة، بل وتحميله رسوم ثقيلة و"غير معلنة" غير رسم الشهر العقارى، مثل دفع 1% من قيمة العقد للتصديق من "نقابة المحامين" ثم دفع 2,5% أخرى من قيمة العقد ك "ضريبة تصرفات" ثم دفع رسوم آخرى قيمة "الرسم الهندسى" ثم تحمل أعباء إقامة دعوى تشمل رسوم تختلف طبقا لقيمة العقد، وضرائب، ودمغات، وأتعاب محاماة، ورسم دعوى، واخيرا دفع "الأمانة القضائية" والتى تمثل 75% قيمة رسم إشهار الحكم بالشهر العقارى، لحين استكمال باقى المبلغ عند التسجيل.
حكومة "كله تمام"
واقع تطبيق القانون فى الشارع يحتم على الحكومة ألا تتعامل على أنها "من بنها" وتدرك أن التشريع بصيغته الحالية يشكل عبئا ماليا ثقيلا، وتعقيدا إداريا محبطا، سوف ينعكس بالسلب على المواطن والاقتصاد القومى، نظرا لما سيحدثه من شلل فى حركة البيع والشراء، وتوقف لدورة رأس المال، وتجميد العمل بقطاع البناء، والإضرار بشكل مباشر بملايين العاملين فيه، وأنه لابد من مراعاة ذلك عند تعديل مواد القانون ومناقشته أمام البرلمان.
فلا خلاف على أنه ليس هناك مصري لا يؤيد ما تقوم به الحكومة من إصلاحات اقتصادية، وتنموية، وإدارية، وتنظيمية، لإعادة بناء ما افسدته أنظمة سابقة، ولا اعتراض على الأهداف السامية للقانون، من ضبط لمنظومة الملكية، وتخفيف من كم النزاعات القضائية عليها، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب إرهاق المواطن ماديا وإداريا.
أتمنى ألا تتعامل الحكومة مع تعديلات القانون بذات منطق من كانوا يدعون أنهم "من بنها" وتدرك واقع المعاناة التى تحملها المواطن المصرى خلال السنوات الأخيرة، واختصار إجراءات التوثيق فى إجراء وشباك واحد، وقصر المقابل على "رسم التوثيق" فقط، بدلا من تحميل المواطن ما لا يطيق.. وكفى.
إلا أن كثيراً من ركاب القطارات اتخذوا من تلك العبارة وسيلة سهلة للهروب من التذاكر، إلى جانب استئذان ركاب القطارات المزدحمة فى الجلوس حتى "بنها" ثم النزول واستقلال قطارات أخرى إلى وجهتهم الأصلية، نظرا لأن المحطة تعد حتى اليوم محطة تبادلية.
ومن هنا جاءت مقولة "عامل من بنها" التى تعامل بها مجلس النواب الماضى، وحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، مع المصريين خلال إعداد وإقرار "قانون الشهر العقارى" رقم 186 لسنة 2020 الذى وافق عليه البرلمان السابق فى أغسطس الماضى.
وعلى الرغم من أن الحكومة قد اضطرت تحت ضغط غضب الشارع، لتأجيل العمل بالقانون حتى نهاية العام الحالى، إلا أن الواقع يقول إنها تعاملت مع المصريين مثل الذين كانوا يدعون أنهم "من بنها" ولم تراع الظروف الاقتصادية للمواطن الذى تحمل دون كلل كل الأعباء الثقيلة لـ "برنامج الإصلاح الاقتصادى" وما تتطلبه من زيادة في أسعار كافة السلع والخدمات، ورفع لكافة أشكال الدعم عن المحروقات والكهرباء والمياه والغاز، وأن العقل كان يتطلب التمهل قبل استحداث قوانين ترهق كاهله بأعباء جديدة.
شنطة سعدية
الواقع يقول: إن الحكومة قد تعجلت فى إعداد وإقرار وتوقيت تطبيق هذا القانون، وإنها لم تدرك أن المواطن يحتاج لأن يلتقط أنفاسه، خاصة وأنه مازال هناك من لم يستطع حتى اليوم توفير قيمة المبلغ المطلوب لسداد الـ 25% المطلوبة لاتمام جدية التصالح التى أقرها قانون "مخالفات البناء" والذى حمل أغلب المواطنين بموجبه قيمة مخالفات لم يرتكبوها، فى عقارات دفعوا فيها "شقى العمر" للحصول على وحدات سكنية بسيطة تأويهم وأولادهم..
ورغم ذلك قررت الحكومة أن تزيد من معاناة المواطن، وتتبع "قانون التصالح" بقانون جديد يجبرهم على توثيق عقود تلك الوحدات في الشهر العقارى، بل والأكثر من ذلك، أنها حظرت "طبقا لأحكام القانون الجديد" على شركات الكهرباء والمياه والغاز، وغيرها، مد الوحدات السكنية بالمرافق والخدمات، سوى بعد تقديم سند الملكية الذى يحمل ختم ورقم الشهر العقارى.
الواقع يقول: أن الحكومة تعاملت مع المواطن بالفعل على أنها "من بنها" وادعت أنه لا إجبار على توثيق العقود، ثم عادت وأكدت أنه لن يحق للمواطن إدخال أية مرافق أو خدمات دون تقديم العقد الموثق، ثم أكدت أن قيمة رسوم التوثيق لأي شقة لن يتجاوز ال، 2000 جنيه، ثم عادت وأكدت انه يوجد رسوم أخرى سيدفعها المواطن في أماكن أخرى لا علاقة لها برسم التوثيق.
للأسف الحكومة لم تذكر أنها قررت بموجب هذا القانون "مرمطة" المواطن، وجعله يدور "كعب داير" على العديد من الجهات لإنهاء الأوراق المطلوبة، بل وتحميله رسوم ثقيلة و"غير معلنة" غير رسم الشهر العقارى، مثل دفع 1% من قيمة العقد للتصديق من "نقابة المحامين" ثم دفع 2,5% أخرى من قيمة العقد ك "ضريبة تصرفات" ثم دفع رسوم آخرى قيمة "الرسم الهندسى" ثم تحمل أعباء إقامة دعوى تشمل رسوم تختلف طبقا لقيمة العقد، وضرائب، ودمغات، وأتعاب محاماة، ورسم دعوى، واخيرا دفع "الأمانة القضائية" والتى تمثل 75% قيمة رسم إشهار الحكم بالشهر العقارى، لحين استكمال باقى المبلغ عند التسجيل.
حكومة "كله تمام"
واقع تطبيق القانون فى الشارع يحتم على الحكومة ألا تتعامل على أنها "من بنها" وتدرك أن التشريع بصيغته الحالية يشكل عبئا ماليا ثقيلا، وتعقيدا إداريا محبطا، سوف ينعكس بالسلب على المواطن والاقتصاد القومى، نظرا لما سيحدثه من شلل فى حركة البيع والشراء، وتوقف لدورة رأس المال، وتجميد العمل بقطاع البناء، والإضرار بشكل مباشر بملايين العاملين فيه، وأنه لابد من مراعاة ذلك عند تعديل مواد القانون ومناقشته أمام البرلمان.
فلا خلاف على أنه ليس هناك مصري لا يؤيد ما تقوم به الحكومة من إصلاحات اقتصادية، وتنموية، وإدارية، وتنظيمية، لإعادة بناء ما افسدته أنظمة سابقة، ولا اعتراض على الأهداف السامية للقانون، من ضبط لمنظومة الملكية، وتخفيف من كم النزاعات القضائية عليها، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب إرهاق المواطن ماديا وإداريا.
أتمنى ألا تتعامل الحكومة مع تعديلات القانون بذات منطق من كانوا يدعون أنهم "من بنها" وتدرك واقع المعاناة التى تحملها المواطن المصرى خلال السنوات الأخيرة، واختصار إجراءات التوثيق فى إجراء وشباك واحد، وقصر المقابل على "رسم التوثيق" فقط، بدلا من تحميل المواطن ما لا يطيق.. وكفى.