حكومة "كله تمام"
قصة تصفية
"مصنع الحديد والصلب" تؤكد أنه مازال فى مصر مسئولون يعملون بثقافة
"كله تمام" التى عفى عليها الزمن، وتجاوزتها كل حكومات الدول المتقدمة، التى
تتعامل بشفافية مطلقه مع مشكلات شعوبها، ليس بهدف الحفاظ على المنصب، وبل بهدف الصالح
العام للبلاد.
و"كله تمام" باختصار، هى ثقافة كارثية، تتلخص فى إقدام المسئول على تقديم معلومات مغلوطة ومخالفة للحقيقة عن القطاع الذى يترأسه، طمعا فى كسب رضا القيادة، رغم علمه يقينا أن عرضه المزيف سوف يعود على القطاع والعاملين به بمزيد من التدهور.
وهو للأسف ما قام به المسئولون عن وزارة قطاع الأعمال، وشركة الحديد والصلب خلال السنوات الماضية والذين ساروا جميعا بذات ثقافة "كله تمام" وتركوا الشركة تصل إلى تلك المرحلة الكارثية من الخسائر، وفضلوا الحفاظ على مناصبهم التى تدر عليهم ملايين الجنيهات، عن تقديم حقيقة الانهيار الذى تتعرض له الشركة، ووضعه بأمانة أمام قياداتهم.
اللى اختشوا ماتوا
ولعل أغرب ما يثير الدهشة فى كارثة شركة الحديد والصلب، أنه فى الوقت الذى يصر فيه الدكتور "هشام توفيق" وزير قطاع الأعمال على تصفية الشركة نظرا لخسائرها الكارثية، نجد أن كل شركات الحديد التابعة للقطاع الخاص قد حققت خلال تلك الفترة أرباحا هائلة، بل وأحدثت توسعات، وخلقت الآلاف من فرص العمل، وفتحت أسواقا ضخمة للتصدير للعديد من دول فى العالم.
وعلى ذات ثقافة "كله تمام" أكدت المعلومات، أن الإدارات المتعاقبة للشركة، قد أقدمت لسنوات عديدة على تقديم بيانات مغلوطة عن تحقيق أرباح "وهمية" وإخفاء خسائر "حقيقية" مستخدمة تقييم أصول الشركة من الأراضى والتى وصلت قيمتها فى ذلك الحين إلى 4092 مليون جنيه، لإيهام الشعب والقيادة بتحقيق أرباح.
ونتيجة لاستخدام ثقافة "كله تمام" أرجعت الجمعية قرار التصفية إلى تدنى المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة، وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه أجور العاملين ومستلزمات الإنتاج والتشغيل، ووصول الخسائر فى 30 يونيو 2020 إلى 8.2 مليار جنيه، أي ما يعادل 54،7% من نسبة حقوق المساهمين.
وتبقى التساؤلات الأبرز فى الأزمة الآن، هل من الممكن أن تتخلى الحكومة عن ثقافة "كله تمام" التى أدت بذلك الصرح الصناعى الضخم إلى هذا المصير، والبحث عن بدائل تمكن شركة الحديد والصلب من الاستمرار والتخلص من كارثة الديون والخسائر، أم أن قرار التصفية تم حسمه دون رجعة، وأن الأمر بات لا يحتمل سماع صوت مخالف، لدرجة إقدام هيئة مكتب مجلس النواب على حفظ الاستجواب المقدم من الزميل العزيز "مصطفى بكرى" إلى وزير قطاع الأعمال، بحجة أن قرار تصفية الشركة لم يكن بقرار من الوزير، ولكنه كان بقرار من الجمعية العمومية للشركة، وهو سبب أعتقد أنه كان من الممكن تعديله، واستمرار الاستجواب، وعرض الحقيقة أمام الشعب.
أرواح المصريين يا حكومة
يقينى، أن إمكانية استمرار الشركة والتخلى عن قرار التصفية يمكن أن يتم، ولكن بشرط تخلى الحكومة عن سياسة "كله تمام" واستغلال قيمة تعويض العمال المقدر بمليارى جنيه كجزء من إعادة الهيكلة، وإعادة النظر فى الدراسة التي سبق وأن أعدها مجلس إدارة الشركة، والتي تتحدث عن إمكانية تقليص الخسائر خلال 3 سنوات، خاصة بعد انخفاض عدد العاملين بالشركة من 18 إلى 7 آلاف عامل، نتيجة الخروج التلقائي إلى المعاش.
فى الوقت الذى تؤكد فيه المعلومات، أن هناك إهدارا للمال العام، وأخطاء وفروق أسعار فى عمليات تقييم أراضى الشركة تصل قيمتها إلى ما يزيد على 11 مليار جنيه، وذلك بعد أن طرح مجلس الإدارة قطعتى أرض تبلغ مساحتهما 595 فدانا، مقابل تسوية جزء من مديونيات الشركة، وتم تقييمهما بنحو 1236 مليون جنيه، أي بسعر 494 جنيها للمتر الواحد، الذى تبلغ قيمته فى تلك المنطقة القريبة من نهر النيل نحو 15 ألف جنيه، أى أن القيمة الحقيقية للأرض لا تقل عن 12.4 مليار جنيه، وليس 1.2 مليار جنيه طبقا لعملية التقييم التى طرحها مجلس الإدارة.
أعتقد أن خطورة الأمر تفرض على البرلمان والحكومة ضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق لإعادة مراجعة بيانات الشركة، وتكوين رؤية حقيقية وشفافة، تمكن من علاج النتائج الكارثية التى خلفتها ثقافة "كله تمام" التى سارت على نهجها كل الإدارات المتعاقبة للشركة، إلى أن وصلنا إلى ذلك الوضع المؤلم الذى أوشك أن يطيح بصرح وطنى عظيم.. وكفى.
و"كله تمام" باختصار، هى ثقافة كارثية، تتلخص فى إقدام المسئول على تقديم معلومات مغلوطة ومخالفة للحقيقة عن القطاع الذى يترأسه، طمعا فى كسب رضا القيادة، رغم علمه يقينا أن عرضه المزيف سوف يعود على القطاع والعاملين به بمزيد من التدهور.
وهو للأسف ما قام به المسئولون عن وزارة قطاع الأعمال، وشركة الحديد والصلب خلال السنوات الماضية والذين ساروا جميعا بذات ثقافة "كله تمام" وتركوا الشركة تصل إلى تلك المرحلة الكارثية من الخسائر، وفضلوا الحفاظ على مناصبهم التى تدر عليهم ملايين الجنيهات، عن تقديم حقيقة الانهيار الذى تتعرض له الشركة، ووضعه بأمانة أمام قياداتهم.
اللى اختشوا ماتوا
ولعل أغرب ما يثير الدهشة فى كارثة شركة الحديد والصلب، أنه فى الوقت الذى يصر فيه الدكتور "هشام توفيق" وزير قطاع الأعمال على تصفية الشركة نظرا لخسائرها الكارثية، نجد أن كل شركات الحديد التابعة للقطاع الخاص قد حققت خلال تلك الفترة أرباحا هائلة، بل وأحدثت توسعات، وخلقت الآلاف من فرص العمل، وفتحت أسواقا ضخمة للتصدير للعديد من دول فى العالم.
وعلى ذات ثقافة "كله تمام" أكدت المعلومات، أن الإدارات المتعاقبة للشركة، قد أقدمت لسنوات عديدة على تقديم بيانات مغلوطة عن تحقيق أرباح "وهمية" وإخفاء خسائر "حقيقية" مستخدمة تقييم أصول الشركة من الأراضى والتى وصلت قيمتها فى ذلك الحين إلى 4092 مليون جنيه، لإيهام الشعب والقيادة بتحقيق أرباح.
ونتيجة لاستخدام ثقافة "كله تمام" أرجعت الجمعية قرار التصفية إلى تدنى المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة، وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه أجور العاملين ومستلزمات الإنتاج والتشغيل، ووصول الخسائر فى 30 يونيو 2020 إلى 8.2 مليار جنيه، أي ما يعادل 54،7% من نسبة حقوق المساهمين.
وتبقى التساؤلات الأبرز فى الأزمة الآن، هل من الممكن أن تتخلى الحكومة عن ثقافة "كله تمام" التى أدت بذلك الصرح الصناعى الضخم إلى هذا المصير، والبحث عن بدائل تمكن شركة الحديد والصلب من الاستمرار والتخلص من كارثة الديون والخسائر، أم أن قرار التصفية تم حسمه دون رجعة، وأن الأمر بات لا يحتمل سماع صوت مخالف، لدرجة إقدام هيئة مكتب مجلس النواب على حفظ الاستجواب المقدم من الزميل العزيز "مصطفى بكرى" إلى وزير قطاع الأعمال، بحجة أن قرار تصفية الشركة لم يكن بقرار من الوزير، ولكنه كان بقرار من الجمعية العمومية للشركة، وهو سبب أعتقد أنه كان من الممكن تعديله، واستمرار الاستجواب، وعرض الحقيقة أمام الشعب.
أرواح المصريين يا حكومة
يقينى، أن إمكانية استمرار الشركة والتخلى عن قرار التصفية يمكن أن يتم، ولكن بشرط تخلى الحكومة عن سياسة "كله تمام" واستغلال قيمة تعويض العمال المقدر بمليارى جنيه كجزء من إعادة الهيكلة، وإعادة النظر فى الدراسة التي سبق وأن أعدها مجلس إدارة الشركة، والتي تتحدث عن إمكانية تقليص الخسائر خلال 3 سنوات، خاصة بعد انخفاض عدد العاملين بالشركة من 18 إلى 7 آلاف عامل، نتيجة الخروج التلقائي إلى المعاش.
فى الوقت الذى تؤكد فيه المعلومات، أن هناك إهدارا للمال العام، وأخطاء وفروق أسعار فى عمليات تقييم أراضى الشركة تصل قيمتها إلى ما يزيد على 11 مليار جنيه، وذلك بعد أن طرح مجلس الإدارة قطعتى أرض تبلغ مساحتهما 595 فدانا، مقابل تسوية جزء من مديونيات الشركة، وتم تقييمهما بنحو 1236 مليون جنيه، أي بسعر 494 جنيها للمتر الواحد، الذى تبلغ قيمته فى تلك المنطقة القريبة من نهر النيل نحو 15 ألف جنيه، أى أن القيمة الحقيقية للأرض لا تقل عن 12.4 مليار جنيه، وليس 1.2 مليار جنيه طبقا لعملية التقييم التى طرحها مجلس الإدارة.
أعتقد أن خطورة الأمر تفرض على البرلمان والحكومة ضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق لإعادة مراجعة بيانات الشركة، وتكوين رؤية حقيقية وشفافة، تمكن من علاج النتائج الكارثية التى خلفتها ثقافة "كله تمام" التى سارت على نهجها كل الإدارات المتعاقبة للشركة، إلى أن وصلنا إلى ذلك الوضع المؤلم الذى أوشك أن يطيح بصرح وطنى عظيم.. وكفى.