باحث: الفقه ليس محصورا في الحلال والحرام ولكل عصر مستجداته
قال على الرباعي، الكاتب والباحث في الشئون الإسلامية، أن الفقه ليس محصوراً في الحلال والحرام، فالمباح أوسع الأحكام، والأصل في الأشياء الإباحة، وهناك مباح بذاته ومباح لغيره، مثل المباح للضرورة، والمباح بالعُرف، والمباح بالسكوت عنه.
لفت الباحث إلى أن الفقه يحتاج إلى فهم خاص يتجاوز الفهم العادي، مردفا: يحتاج إلى عقلية تكون قادرة على الاستنباط والتقليد والمحاكاة، وفق روح النصوص القطعية التي جاءت بالتيسير ورفع الحرج وحفظ المصالح والمقاصد.
أوضح الرباعي أن بعض العصور ورد فيها ما سمي بفقه النوازل، وهي معالجات فقهية لمستجدات عصر ما، لافتا إلى أن الفقه الإسلامي بحاجة إلى الثورة على تقليديته ليتجاوز أبواب الرق وأحكام أمهات الأولاد، إلى فقه رقمي يستوعب العصر.
ودون الحاجة لتطبيق حكم قضية سابقة، على قضية حالية بذريعة التشابه، فالعلة قد لا تكون مبرراً كافياً لاصدار الحكم، والرأي الاجتهادي ليس حكم الله.
تابع: التركة الفقهية ثقيلة، واستدعاء وجهات نظر فقهاء عاشوا قبل ألف عام مدعاة لأزمات، نظراً لاختلاف الظروف وتبدل الأحوال، وتغير موازين القوى.
أضاف: فقهاء المذاهب لم لكن يجنح بهم خيالهم إلى أزمنة أبعد من الزمن الذي عاشوا فيه، فلم يصدروا أحكاماً لفقه التعايش أو حقوق الإنسان وحرية الاختيار، ولا فقه الأقليات في المجتمع المسلم، مما يتعذر معه في ظل معطيات عصر العِلم قياسه على غائب.
تابع: الغائب محكوم بزمن وظروف وأفهام خاصة بع، ولكل عصر فقهه، موضحا أن الدساتير الوطنية بديل عملي وتطبيق للشورى بموجب قوله تعالى وشاورهم في الأمر.
استكمل: الفقه العربي كلاسيكي، ومن الخطأ أن يكون في وادٍ والمجتمع في واد آخر وبينهما عمر موازٍ لعمر سيدنا نوح عليه السلام، لافتا إلى أن الفقهاء من الطبيعي أن يتأقلمون سريعاً مع عصور التحولات، ويعيشون ويعايشون العصرنة بدءاً من ملبسهم إلى مركبهم وتعاملاتهم ومقتنياتهم.
أضاف: لدينا في الإسلام فقه العصر الأندلسي، الذي تميز عن أصله التقليدي وكان نموذجاً عصريا، انفتح على معطيات الزمان والمكان والإنسانية ولم يصطدم معها، ولم يهوّل من تداعيات التغيير والتطوير، ما يؤكد متانة الفقه ومكانته وقابليته للتجديد.
واختتم: يجب تجاوز تصورات بعض المتعصبين للموروث الفقهي، الذين يتصورون أن العالم سيظل على صورة واحدة خاضعة للتقاضي التقليدي، والفتوى الجامدة، فلم لم يعد عالمنا بحسب تقسيم الفقه، دار إسلام ودار حرب إلا في الذهنية الحادة، ومن المغالطة تصوير العالم على أنه يسير للوراء.