رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الإمام المَنسي!

منح مركز القاهرة للدراسات الإستراتيجية جائزة "الإمام الليث بن سعد العالمية" فى نسختها الأولى، للدكتور أسامة الأزهرى؛ تقديرًا لإنجازه موسوعة "جمهرة أعلام الأزهر الشريف". وبحسب البيان الصادر عن المركز.. فإن الجائزة تهدف فى الأساس إلى الاستحضار الدائم لمكانة شيخ الإسلام الإمام "الليث بن سعد"، إمام أهل مصر، وأحد أعظم أئمة الفقه على مر التاريخ.


 الليث بن سعد، فاق في علمه وفقهه، إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، بشهادة الإمام الشافعى وغيره من علماء وفقهاء زمانه، غير أن تلامذة "الليث" لم يقوموا بتدوين تراثه ونشره في الآفاق، مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، فصار معروفًا بـ"الإمام المنسي".
 
الإمام الشافعي- الذى حاول أن يجمع من تراثه وآثاره قدر ما يستطيع- عانى كثيرًا فى سبيل هذا الغرض، كما عانى الأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي المعاناة ذاتها وهو يجمع ما ورد عنه ليضمنه فى كتابه "الأئمة التسعة".

لأنَّه ليسَ زمنَكَ يا خالدُ

شهد الكثير من كبار العلماء والفقهاء للإمام الليث بن سعد-الذى عاش بين عامي 713م-791م؛ فقال عنه الشافعي كما تقدم: "الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا بتسجيل تراثه وعلمه"، وقال الفضل بن زياد: "الليث كثير العلم، صحيح الحديث"، فيما قال الحافظ أبو نعيم: "كان الليث فقيه مصر ومُحدثها"، وقال ابن سعد: "كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه"، وقال ابن وهب: "لولا مالك والليث لضلَّ الناس"، فيما وصفه ابن بكير: "كان الليث فقيه البدن، عربي اللسان، يُحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر، حسن المذاكرة"، كما قال "العسقلاني": "إن علم التابعين في مصر تناهى إلى الليث بن سعد".

فضلا عن علمه الغزيز وفقهه الراسخ، لم يكن أحد أكرمَ ولا أجودَ من الليث بن سعد فى زمانه، فقد كان ذا ثروة كبيرة، لم يبخل بها يومًا على فقير، ولم يرد سائلا، كان يُطعمُ النَّاس في الشتاء "الهرائس بعسل النَّحل وسمن البقر"، وفي الصيف يدعوهم إلى "سويق اللوز في السُكَّر"، أما هو فكان يأكل الخبز والزيت، وقيل في سيرته: "إنه لم تجب عليه زكاة قط؛ لأنه كان جوادًا سخيًا كريمًا يعطي الفقراء في أيام السنة، فلا ينقضي العام عنه حتى ينفقها ويتصدق بها".

تجسَّد الليث بن سعد الإسلام خلقًا وعملًا، كان منهجه وسطيًّا، وكان إسلامه إسلام عز وكرامة ومروءة ونخوة؛ لذا ظلت سيرته لامعة وسمعته طيبة رغم رحيله  منذ عشرات القرون، وهو ما دفع مركز القاهرة للدراسات الإستراتيجية إلى تسمية جائزته باسمه، دون غيره من أكابر العلماء المتقدمين والمتأخرين..

اختطاف العميد والفيلسوف!

ولكن هل ينتهى الأمر عند هذا الحد، أم أن هذا الفقيه الاستثنائى يستحق تكريمًا استثنائيا، سواء بتجديد مسجده وضريحه بالقاهرة، وتعريف الأجيال الجديدة، به وبدوره وعلمه وفقهه لا سيما فى مسقط رأسه بمدينة طوخ بمحافظة القليوبية، وهل يذهب أسامة الأزهرى الفائز بالجائزة التى تحمل اسم الإمام الليث إلى مسجده ويقدم من خلاله بعضًا من حلقاته المتلفزة، أو يتدخل مانح الجائزة والفائز بها بما يمتلكانه من نفوذ طاغٍ وعلاقات نافذة لإنتاج عمل فني كبير عنه يُخلّد سيرته ويُظهر جانبًا مُشرقًا من وجوه الإسلام التي عكر صفوَها وصفوَه شيوخُ التطرف والتشدد والاسترزاق والترندات واستبدال الزوجات؟

إذا كان تلامذة الليث بن سعد تسببوا فى إهدار تراثه ولم يُدونوه، فهل حان الوقت لأن نرد للرجل بعضًا مما يستحق، وعدم الاكتفاء بالمتاجرة باسمه والتمسح فيه دون مردود إيجايى يرد له بعضًا من اعتباره المفقود؟
Advertisements
الجريدة الرسمية