رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هؤلاء يُضحكون "كورونا"

عام جديد نستقبل لحظاته الأولى بالأمل بأن القادم أفضل.. بدأ حاملًا معه دعواتنا وآمانينا بأن ينتهي الوباء ونعود لحياتنا الطبيعية ما قبل كورونا ولكن إلى حين إسدال الستار عن الحدث الذي أزعج العالم بأكمله سيكون واجبًا على البعض التوقف عن التظاهر بمواجهته حتى لا يزيد الوباء الذي حوله البعض من "مأساة" إلى "ملهاة"..


ففي ظل انتشار الوباء كان مستغربًا أن يزدحم كوبري ستانلي بالإسكندرية احتفالًا بالعام الجديد دون أدنى اهتمام بالتباعد الاجتماعي.. وهو سلوك يضاف إلى تجاهل البعض لخطورة الوباء عبر مواجهته بإجراءات "شكلية" منها ما نجده في بعض الكافيهات والمطاعم والمولات ومنشآت أخرى والتي يقف أمام مدخلها عامل يحمل بيده جهاز لقياس الحرارة عن بعد غالبًا لا يهتم بقراءة نتائج الحرارة، أو النظر إلى الجهاز الذي لا يعمل في بعض الأحيان.

للإسكندرية وجوه أخرى

ونادرًا قد تجده يمنع أحدهم من الدخول لكنه التظاهر بمواجهة الوباء دون إجراء حقيقي لصده من منطلق أن الأهم هو تواجد الجهاز وليس منع المصابين من الاختلاط بالأصحاء.. إنه التمسك بالمظاهر الذي جعل "أداء الصلاة" لدى البعض مقدمًا على السلوكيات الحميدة والأخلاق والتقوى والإيمان.. والتواجد في المحاضرات مقدمًا على استيعاب مضمونها.. والحضور والانصراف في مواعيد العمل الرسمية مقدمًا على إتمام العمل ذاته.

حول البعض استخدام جهاز قياس الحرارة على بوابات المنشآت إلى خطوة روتينية ينفذونها دون منع فعلي لأي شخص من المرور بدلًا من كونها خطوة وقائية تمنع دخول المحتمل إصابتهم.. إنه التمسك بالمظاهر الذي يجعل البعض يرتدى الكمامة على ذقنه، بدلًا من فمه وأنفه، ظنًا منه أن وجودها معلقة فوق أذنيه يكفي لحمايته، أو هؤلاء الذين لا يهتمون بمدى تلوث الكمامة طالما يشعرون بالإطمئنان لكونها معهم أو يعيدون استخدامهم مرارًا وتكرارًا أو تجدهم يدخلون الكافيهات مرتدين الكمامة قبل أن يُسمح لهم بخلعها بمجرد المرور من الباب حتى يكاد كورونا نفسه أن ينفجر ضحكًا!

عندما تأملت خطوة قياس الحرارة قبل دخول بعض المنشأت تذكرت مشهد رأيته قبل عشر سنوات حينما اندلعت ثورة يناير وانفرطت قبضة الأمن لتظهر اللجان الشعبية عندها قرر أحد الشباب في شارعنا أن الوقت قد حان ليصنع "كمينه" الخاص.. كان قد أعياه البحث عن وظيفة في سنوات ما قبل الثورة لذا اعتقد إنه قد وجد ضالته في أن يعين نفسه رئيسًا لهذا الكمين..

ناظر الدواوين والسوشيال ميديا

لذلك أوقف السيارات أمام النقطة الأمنية التي صنعها ولم يسمح بمرور السيارات قبل أن يدور حولها ممسكًا بكلب بلدي أعياه الجوع مربوطًا بحبل غسيل، كان الجميع يعلمون بعدم جدوى هذا الإجراء، فالكلب المشرد يختلف عن نظيره المدرب.. فالأول يبحث عن الطعام في مقالب القمامة والثاني يكشف المخدرات والمتفجرات في السيارات.. استنكر الجميع العطلة غير المبررة وتكدس طابور السيارات فقد فهم قادة السيارات، والمارة في الشارع، والحطابين في الجبال النائية، والفلاحين في مزارعهم، والعجائز حول نار المدفأة أن هذا الإجراء لن يفيدهم في الكشف عن احتواء أحد السيارات على ممنوعات لكن الشاب تمسك باستكمال "صورة الكمين" فلم يسمح لأي سيارة بالمرور قبل فحصها من قِبل الكلب المسكين الذي  ربما كان يشم السيارات أملًا في إيجاد طعام يسد جوعه.

بين "الكلب البلدي" و"جهاز قياس الحرارة" الذي لا يهتم البعض باستخدامه بشكل حقيقي في الفحص يصبح المظهر لدى البعض أهم من الجوهر، والتمسك بمظاهر مواجهة الوباء أهم من مواجهته الفعلية.. قبل أيام أوقفني فرد أمن لتسليط جهاز قياس الحرارة على جبهتي بشكل روتيني دون النظر في الجهاز أو قراءته لأسأله بفضول (الحرارة طلعت كام؟) ليجيب ضاحكًا (معرفش الجهاز شكله مش شغال!).
Advertisements
الجريدة الرسمية