سيستجيب.. الله سيستجيب!

لن تستقر السنة التى توشك على الغروب تحت الرقم النحس ٢٠٢٠، في مكان طيب من ذاكرة المليارات من البشر. لو استطاع كل واحد منا أن يحفر حفرة عميقة في دماغه، ويلقي فيها بالاثنى عشر شهرا المريرة لهذه السنة لفعل. هي السنة التى ستحمل عنوان الكابوس عند التأريخ.. وعند استعادة ذكريات الأحباب والصحاب الذين خطفتهم منا غربان ٢٠٢٠.

ما زلنا نذكر كم كنا فرحين بالمزيكا في جناس الرقمين عشرين عشرين.. وكم تفاءلنا.. بقدوم سنة رائعة تحطم الملل وتبدده.. وإذا بنا نتوق اليوم إلى الملل وإلى الرتابة وإلى الاعتياد. كانت كلها مظاهر استقرار.. وعلامات طمأنينة.

اليوم تتبقى ساعات معدودات.. ونتهيأ لاستقبال عام جديد. بالطبع ليست المشاعر بلون الفراولة ولا طعمها.. بل المشاعر مرة وفيها توجس وتربص.. خوف وجزع.. لقد هجم الفيروس القاتل في نسخته الثانية هجمة ضارية، وباتت بيوتنا معازل جماعية.. وصفحات الفيس بوك سرادقات عزاء.

تغير المشهد.. ولكن!

شخصيا لم أعد أتصفح إلا بصعوبة. بعدها أتحسس رأسى فأجده في طنين. ليس بوسعنا تأجيل قدوم لحظة واحدة من الزمان ولا التعجيل بها. تلك الساعة الكونية الهائلة الدقيقة هي من أمر الله. مثلها مثل الروح. من أمر ربي. لكن بوسعنا أن ندعوا وأن نصلي. أن نتوسل وأن نحسن الظن بالله. بوسعنا أن نتعشم خيرا في خالق الخلق الرحمن الرحيم.

بوسعنا أن نصبر وأن نتواصى بالصبر. نحن في بلاء وابتلاء. ومن قلب المحن تولد الفسحات. ستأتي فسحة كبيرة . طاقة نور هائلة. موجات تليها موجات من النعم الإلهية. حبات الطمأنينة ستنزل على قلوب الصابرين كما تنزل حبات البرد.. تسكن مخاوفهم، وترد عنهم هجمات الجزع والفزع.

فقدنا أعزاء كثيرين.. ونخاف على أحباب وأصحاب.. وتطالعنا السماء من عل، ترى حالنا.. وفينا عباد مخلصون محتسبون يحبون الله ويدعون الدعوات الصادقات.

سيستجيب الله. نعم سيستجيب الله. ستنحسر جيوش الفيروس . سنسترد الهدوء والسكينة . سنعاود احتضان أطفالنا وزوجاتنا وحبيباتنا. فقدنا تلك المتعة الرائعة. الحضن هو الذراعان القويتان الحانيتان تلتفان حولك، تسكن فيهما وديعا مستسلما. تتنفس حاضنك . تشعر بالامان. ملايين البشر فقدوا نعمة وروعة الحضن والاحتضان. نعمة أن تضع رأسك على صدر من تحب. كتف من تحب. أن تنظر في عينيه لا تخاف أن تكون أنفاسه، محملة بالفيروس.

في بيتنا كورونا

هى سنة رعب . عام ٢٠٢٠سنة عرفت فيها البشرية أن الله قادر على أن يزلزلها بأدنى مخلوقاته. ستأتي السنة الجديدة، ولا علم لنا بما تحمله إلينا.. لكن املنا في الله كبير وعظيم. ولن يخيب الله رجاء المحبين. كم نتوق يالله الى الحياة التى كنا نعيشها. كم نشتاق الى التزاور.. والفرح.. بلا خوف. شئ من الخوف انزلته بنا فتأدبنا. نعم تأدبنا وسنحفظ الدرس ولن نتجبر ولن نفترى عليك كذبا..

يا رب بحق من رحلوا بأمرك.. وبحق حبيبك النبي محمد سيدنا ومولانا.. وبحق كل أنبيائك ورسلك.. سامحنا واغفر لنا وارحمنا.. نحن عبادك.. خلقتنا وأنت تعلم ضعفنا مهما تجبرنا.. لا تحاسبنا بما يصنع الطغاة والقساة. حاسبهم وحدهم. هم من ظلموا.. ظلمونا.
عام ٢٠٢١ عام الفرحة والعفو والرحمات.. بإذنك وحدك يا واحد يا أحد يا فرد ياصمد. اللهم استجب. اللهم استجب.