رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة إلى وزير الداخلية

موقفان متناقضان لا أعرف تفسيرا لهما، الأول أن زميلا صحفيا معنا سرقت محتويات شقته وتمكن من تقديم كافة المعلومات والتفاصيل حول اللص، بل قدم فيديو كاملا للص الذي استولى على محتويات حرمه من مصوغات ذهبية وأموال سائلة وما إلى ذلك، والسادة الضباط بقسم الهرم تعرفوا على اللص، حيث ثبت أنه مسجل خطر سرقات، ووعد السادة الضباط بأن الفارق الزمنى بين معرفتهم بالجانى وبين القبض عليه لن يستغرق سوى أيام قليلة، إلا أن الأيام مضت تنهشها أيام ، وقلب زميلنا ياسر نصر يدق مع كل "رنة هاتف" لعل الأمن قد توصل للجانى، قبل أن ينفق "شقى عمره"،غير أن هاتف المباحث لم يرن.


صديقنا ياسر يعاود التواصل مع السيد رئيس المباحث بشكل دوري، وعادة ما يكون الرد أن السادة الضباط مشغولون في قضية مهمة، أيقن ياسر أن سرقة "شقى عمره" ليس قضية مهمة، وظل يتواصل مع أصدقاء وأقارب ومسئولين لعل قلب الضباط يحن عليه، ويتم إلقاء القبض على الجانى دون جدوى، وهو الآن تستبد به فكرة أن يتحول إلى ضابط مباحث يبحث في القضية، ويراقب أقارب الجانى لعله يستطيع القبض عليه، لكن مشكلة المجنى عليه ياسر نصر أنه وان وجد الجانى هل يستطيع القبض عليه؟!

ايمن يونس.. في مرمى القصف

بالطبع ستكون العملية مكلفة للغاية، وقد تكلفه حياته، فصديقنا ياسر لا يجيد إلا مهنة القلم، أما الجانى فقد يكون خبيرا فذا في استخدام السلاح، ولاشك أن سيادته- أي اللص- خبير أيضا بفنون الضرب، وبالتالي فإن مغامرة ياسر محفوفة بالمخاطر، فماذا تفعل لو كنت مكانه.

الواقعة الثانية وعلى مرأى من سكان واحد من أبهى أبراج المعادى الجديدة.. مشهد لضابط برتبة رائد، يصطحب معه ثلاثة من قوة نقطة شرطة الجزيرة، والجزيرة لمن لا يعرف تقع في قلب حى الزمالك، ولا يجوز لها أن تخرج بقواتها إلى منطقة تابعة لقسم شرطة آخر!! لحصار منزل والدة أحد كبار المحامين، والمحامى نفسه لم يكن يعرف لماذا جاءوا إلى منزل تسكنه والدته المسنة – ٧٩ سنة- وليست لديه دراية بجريمته النكراء.

الأكثر دهشة أنه وبعد الحصار الذي دام لأكثر من أربع ساعات بالتمام والكمال، ظهر وبان أن المحامى صدر ضده حكم غيابى في قضية شيكات مرتبطة بعمليات بيع وشراء، وتواصل الضابط رئيس القوة مع المحامى وأبلغه بأنه يحاصر منزل والدته لحين تسليمه نفسه.. سأل المحامى عن السبب فقيل له إنه صدر ضده حكم غيابى في قضية شيكات.. تساءل المحامي : وما علاقة أمى بقضية لا أعرف عنها شيئا؟! كما أن أمى تقيم في المعادى وأنا أقيم ومكتبى أيضا في حى الزمالك؟!

طلب المحامى من الضابط الانصراف، لأن المنزل يخص والدته وهي سيدة مسنة ويقع سكنها بعيدا عن الدائرة التي يعمل بها الضابط وفريق قوته الذي يحاصر المنزل، فلم يكتف السيد الضابط بحصاره بل حقق مع أمن العمارة وسأل أفرادهم واحدا واحدا عن المترددين على المنزل، وأسئلة نظن أنها خارج اختصاص ضابط يعمل بنقطة شرطة الجزيرة، وهو يحاصر منزلا في المعادى!!

النخبة والحاشية

تواصل المحامي مع مكتبه ليلا لينتقل إلى نقطة شرطة الجزيرة للاستعلام عن الأمر، وبالفعل تبين أن هناك حكما غيابيا صادرا ضد المحامي، وقام مكتبه بالمعارضة في ذات الليلة بالنيابة.. وساعتها فقط تم فك حصار الأم المسنة.

لم يفرط المحامي في حقه حيث إن صدور حكم قضائي غيابى لا يستلزم تحرك قوات من محل عملها إلى منطقة أخرى على أطراف القاهرة لتحاصر بيت الأم حتى يقوم المحامي بتسليم نفسه.. تقدم المحامي الكبير بشكوى إلى تفتيش الداخلية، وذهب بنفسه للإدلاء بأقواله وحتى تاريخه لم يتم التحقيق في الأمر.

المدهش أن السيد الضابط الذي تحرك بقواته من الزمالك إلى المعادى لحصار منزل سيدة مسنة، لأن هناك حكما قضائيا غيابيا صادرا ضد ابنها تقع في دائرة عمله عدة قضايا وأحكام نهائية لم يقم على تنفيذها أي والله!!

الكلام هنا للسيد وزير الداخلية إذ إن مثل هذه الممارسات تشوه الوجه المضيء لما قامت وتقوم به وزارة الداخلية من أعمال مجيدة ونحن على يقين أنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح.
الجريدة الرسمية