بروتوكولات حكماء صهيون.. خرافة أرثوذكسية صدقها المسلمون (1)
إذا سماؤك يوما تحجبت بالغيوم فلا تغمض جفونك وتحلم بأنه خلف الغيوم نجوم، ولكن
شمر عن ساعديك، واصنع مصباحا يضئ ليلك ونهارك، لأن الوهم يغتال الروح بعد أن يقتل العقل.
والحق أن من تسكره الكلمات الرنانة يظل طوال عمره غارقا في أوهامه التي تفوق في خبلها سكرة الحشاشين، وبمثل هؤلاء لا يمكن أن تنهض المجتمعات، لأنها لا تتقدم إلا بجد أبنائها واجتهادهم، شريطة أن ينتبهوا أولا من سكرتهم.
وتأتي الدراسة التي بين أيدينا من أجل نقض –بمعنى هدم– وليس نقد الأفكار، التي تعوق العقل الجمعي المصري عن الاستيقاظ من غفوته التي قاربت القرون الثمانية، مستندة في ذلك على الحقائق العلمية التي تخاطب العقول وليس الكلمات الرنانة التي تدغدغ المشاعر فتنام العقول، ولربما أغضبت كلماتنا الكسالى والمنتفعين من بقاء الوضع على ما هو عليه، ولكن هذا لا يثنينا عن هدم الأفكار التي تقف عائقا في طريق تقدم المصريين وعلى رأسها نظرية المؤامرة.
نظرة تاريخية
غاب المصريون 6 قرون كاملة عن ركب الحضارة وذلك طوال حكم الهمج المماليك ثم العثمانيين الأشد همجية، وصادف أنه خلال هذه القرون كان الغرب يصحو من غفوته ويقفز بالحضارة الإنسانية خطوات واسعة في ركب الحضارة والتقدم، فلما بدأ المصريون يتململون من رقادهم في أوائل القرن التاسع عشر، شعروا بعظم الهوة التي بينهم وبين الغرب، وأصيبوا بصدمة عنيفة زلزلت أرواحهم ولم توقظ عقولهم.
المصريون بين جدال الحاضر وتزييف التاريخ
وبدلا من أن يسعى المصريون إلى محاولة اللحاق بركب الحضارة والاستفادة من تجارب الغرب التي أوصلتها إلى أعلى درجات الحضارة الإنسانية، إذا بالعقل الجمعي المصري يلجأ إلى الحيل الدفاعية التي تهدأ مشاعره، وتساعد عقله على الاستمرار في غفوته، وجاءت على رأس هذه الحيل نظرية المؤامرة.
وخلاصة نظرية المؤامرة أن الغرب تآمر ضد مصر وباقي بلاد العرب كي يمنعها من التقدم، وتظل تابعة له سياسيا واقتصاديا، وكأن الغرب هو الذي أمر المصريين طوال قرون الغفلة أن يعتنقوا التواكل دينا يتقربون به إلى الله، ويركنون إلى الدعة والكسل، وبدلا من العمل الجاد القائم على أسس علمية دقيقة، ينتظرون الكرامات وخوارق العادات التي روج لها رجال الدين والدراويش خلال تلك القرون المظلمة.
ولو أن أحدا لجأ إلى العلم لعرف السبب الحقيقي لتخلف المصريين طوال 600 سنة وهو الأمر الذي كشفت عنه عدد من الدراسات الاجتماعية التي تناولت تلك الحقبة، ومن أبرزها كتاب الدكتور توفيق الطويل - أستاذ كرسي الأخلاق بقسم الدراسات الفلسفية والنفسية بكلية الآداب بجامعة القاهرة- «التصوف في مصر إبان العصر العثماني»، الصادر عام 1939، وسيجد القارئ أننا أمام شعب يتخلى عن العلم إلى الجهل، وعن العمل إلى الكسل، وعن التخطيط إلى التواكل، ويجلس منتظرا كرامات الأولياء التي ستحل له كل أزماته، ولربما في سبيل ذلك تنازل عن ماله وقدم زوجته هدية لأحد السدنة، كما ذكر ذلك المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي في كتابه الأهم «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» نظرا لمعاصرته الأحداث.
ومن البديهي أن نقول إن رجال الدين ممثلين في خريجي الأزهر ودعاة الجامعات الإسلامية وشيوخ الطرق الصوفية هم أهم المروجين لنظرية المؤامرة التي يخطط لها الغرب الكافر ضد الشرق المسلم، لأنها ببساطة تنفي عنهم - خاصة رجال الأزهر– أنهم كان السبب المباشر في تخلف المجتمع المصري طوال هذه القرون بسبب جمودهم الفكري وغلق باب الاجتهاد، واكتفائهم بشرح المتون أو اختصار الحواشي، بل وعدائهم للعلوم الدنيوية مثل الطب والكيمياء والفلك، كما أن نظرية المؤامرة تعزز من مكانتهم الاجتماعية وما يتبعها من منافع مادية.
مأساة «الروهينجا» بين صراع النفط وتشنج المسلمين
ثم جاء القوميون في بدايات القرن العشرين وزاد انتشارهم حتى وصلوا إلى سدة الحكم في منتصف القرن المنصرم، فحملوا لواء نظرية المؤامرة بجد وإخلاص كما فعل قبلهم رجال الدين، حتى إنهم حولوا نظرية المؤامرة من مجرد فكرة إلى حالة من الهوس العقلي والنفسي وذلك لسببين:
الأول: صنع عدو لا يعرف عنه الكثير يهدد الشعب المصري مما يعزز الهوية الاجتماعية وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالانتماء المشترك عند الأفراد، وهذا عين ما يريده القوميون لأنه يقوي الأيديولوجية التي أتت بهم إلى سدة الحكم، وتجعل رحيلهم عن السلطة جزءا من نظرية المؤامرة التي يروجون لها.
الثاني: أن العدو الخفي الذي صنعته نظرية المؤامرة في العقل الجمعي هو السبب في استمرار تخلف المصريين عن ركب الحضارة خاصة أنه لم تعد هناك حجة لذلك بعد انتشار المدارس والجامعات وما ترتب على ذلك من زيادة عدد المتعلمين، وأن الواقع يقول إن هؤلاء المتعلمين –باستثناء بسيط- مجرد مرددين لما تم تلقينه لهم في مختلف مراحل التعليم دون وجود مناهج قادر ةعلى شحذ العقل وتنمية المهارات البحثية والنقدية.
أما الأهم فإن هذا العدو الخفي الذي صنعته نظرية المؤامرة، يعد سببا لتفسير الهزائم العسكرية التي تلقتها مصر تحت راية هؤلاء القوميين العرب.
والحق أن من تسكره الكلمات الرنانة يظل طوال عمره غارقا في أوهامه التي تفوق في خبلها سكرة الحشاشين، وبمثل هؤلاء لا يمكن أن تنهض المجتمعات، لأنها لا تتقدم إلا بجد أبنائها واجتهادهم، شريطة أن ينتبهوا أولا من سكرتهم.
وتأتي الدراسة التي بين أيدينا من أجل نقض –بمعنى هدم– وليس نقد الأفكار، التي تعوق العقل الجمعي المصري عن الاستيقاظ من غفوته التي قاربت القرون الثمانية، مستندة في ذلك على الحقائق العلمية التي تخاطب العقول وليس الكلمات الرنانة التي تدغدغ المشاعر فتنام العقول، ولربما أغضبت كلماتنا الكسالى والمنتفعين من بقاء الوضع على ما هو عليه، ولكن هذا لا يثنينا عن هدم الأفكار التي تقف عائقا في طريق تقدم المصريين وعلى رأسها نظرية المؤامرة.
نظرة تاريخية
غاب المصريون 6 قرون كاملة عن ركب الحضارة وذلك طوال حكم الهمج المماليك ثم العثمانيين الأشد همجية، وصادف أنه خلال هذه القرون كان الغرب يصحو من غفوته ويقفز بالحضارة الإنسانية خطوات واسعة في ركب الحضارة والتقدم، فلما بدأ المصريون يتململون من رقادهم في أوائل القرن التاسع عشر، شعروا بعظم الهوة التي بينهم وبين الغرب، وأصيبوا بصدمة عنيفة زلزلت أرواحهم ولم توقظ عقولهم.
المصريون بين جدال الحاضر وتزييف التاريخ
وبدلا من أن يسعى المصريون إلى محاولة اللحاق بركب الحضارة والاستفادة من تجارب الغرب التي أوصلتها إلى أعلى درجات الحضارة الإنسانية، إذا بالعقل الجمعي المصري يلجأ إلى الحيل الدفاعية التي تهدأ مشاعره، وتساعد عقله على الاستمرار في غفوته، وجاءت على رأس هذه الحيل نظرية المؤامرة.
وخلاصة نظرية المؤامرة أن الغرب تآمر ضد مصر وباقي بلاد العرب كي يمنعها من التقدم، وتظل تابعة له سياسيا واقتصاديا، وكأن الغرب هو الذي أمر المصريين طوال قرون الغفلة أن يعتنقوا التواكل دينا يتقربون به إلى الله، ويركنون إلى الدعة والكسل، وبدلا من العمل الجاد القائم على أسس علمية دقيقة، ينتظرون الكرامات وخوارق العادات التي روج لها رجال الدين والدراويش خلال تلك القرون المظلمة.
ولو أن أحدا لجأ إلى العلم لعرف السبب الحقيقي لتخلف المصريين طوال 600 سنة وهو الأمر الذي كشفت عنه عدد من الدراسات الاجتماعية التي تناولت تلك الحقبة، ومن أبرزها كتاب الدكتور توفيق الطويل - أستاذ كرسي الأخلاق بقسم الدراسات الفلسفية والنفسية بكلية الآداب بجامعة القاهرة- «التصوف في مصر إبان العصر العثماني»، الصادر عام 1939، وسيجد القارئ أننا أمام شعب يتخلى عن العلم إلى الجهل، وعن العمل إلى الكسل، وعن التخطيط إلى التواكل، ويجلس منتظرا كرامات الأولياء التي ستحل له كل أزماته، ولربما في سبيل ذلك تنازل عن ماله وقدم زوجته هدية لأحد السدنة، كما ذكر ذلك المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي في كتابه الأهم «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» نظرا لمعاصرته الأحداث.
ومن البديهي أن نقول إن رجال الدين ممثلين في خريجي الأزهر ودعاة الجامعات الإسلامية وشيوخ الطرق الصوفية هم أهم المروجين لنظرية المؤامرة التي يخطط لها الغرب الكافر ضد الشرق المسلم، لأنها ببساطة تنفي عنهم - خاصة رجال الأزهر– أنهم كان السبب المباشر في تخلف المجتمع المصري طوال هذه القرون بسبب جمودهم الفكري وغلق باب الاجتهاد، واكتفائهم بشرح المتون أو اختصار الحواشي، بل وعدائهم للعلوم الدنيوية مثل الطب والكيمياء والفلك، كما أن نظرية المؤامرة تعزز من مكانتهم الاجتماعية وما يتبعها من منافع مادية.
مأساة «الروهينجا» بين صراع النفط وتشنج المسلمين
ثم جاء القوميون في بدايات القرن العشرين وزاد انتشارهم حتى وصلوا إلى سدة الحكم في منتصف القرن المنصرم، فحملوا لواء نظرية المؤامرة بجد وإخلاص كما فعل قبلهم رجال الدين، حتى إنهم حولوا نظرية المؤامرة من مجرد فكرة إلى حالة من الهوس العقلي والنفسي وذلك لسببين:
الأول: صنع عدو لا يعرف عنه الكثير يهدد الشعب المصري مما يعزز الهوية الاجتماعية وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالانتماء المشترك عند الأفراد، وهذا عين ما يريده القوميون لأنه يقوي الأيديولوجية التي أتت بهم إلى سدة الحكم، وتجعل رحيلهم عن السلطة جزءا من نظرية المؤامرة التي يروجون لها.
الثاني: أن العدو الخفي الذي صنعته نظرية المؤامرة في العقل الجمعي هو السبب في استمرار تخلف المصريين عن ركب الحضارة خاصة أنه لم تعد هناك حجة لذلك بعد انتشار المدارس والجامعات وما ترتب على ذلك من زيادة عدد المتعلمين، وأن الواقع يقول إن هؤلاء المتعلمين –باستثناء بسيط- مجرد مرددين لما تم تلقينه لهم في مختلف مراحل التعليم دون وجود مناهج قادر ةعلى شحذ العقل وتنمية المهارات البحثية والنقدية.
أما الأهم فإن هذا العدو الخفي الذي صنعته نظرية المؤامرة، يعد سببا لتفسير الهزائم العسكرية التي تلقتها مصر تحت راية هؤلاء القوميين العرب.