إنا كفيناك المستهزئين (2)
في مقال سابق كتبنا عن نصرة الله لنبيه وكيف سخر كل المخلوقات لذلك،
ورأينا ماذا فعل حصان سراقة حينما حاول صاحبه الوصول إلى النبي الكريم والنيل منه للحصول
على جائزة قريش وهي المائة ناقة التي كانت رصدتها لمن يدلها على النبي الكريم، كما
رأينا أيضا كيف حفظه الله في الغار وكيف أخرجه من مكة من بين أظهر الكافرين: "وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا
وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ".
أما في هذا المقال فسنتحدث عن حفظ الله لنبيه وكيف رفع ذكره وأعلى مرتبته حتى مع من ناصبوه العداء، وهو الأمر الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم فقد أخبر سراقة ووعده بسواري كسري ملك الفرس وهو ما تحقق في عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بزوال كسري وقيصر وفتح القسطنطينية وبلاد ما وراء البحر، وهي البلاد التي انتشر فيها الإسلام ولا يزال بأخلاق المسلمين وإظهارهم لمحاسن وأخلاقيات هذا الدين وتمسكهم بها.
إنا كفيناك المستهزئين
كما كان لهؤلاء الفضل في تعليم وتحبيب غير المسلمين للإسلام وكتب السير مليئة بالكثير من الوفود التي جاءت إلى رسول الله زاهدة في الإسلام ورجعت راغبة فيه ترجو ما عند الله، ولعل في قصة وفد نجران- وهي موجودة في كتب السيرة لمن أراد المزيد من الاطلاع- الكثير من الحكم والعبر التي تستحق أن تروى..
فعندما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (دعوهم) فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
وروى محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً، فأنزل الله عز وجل فيهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ*هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ*مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (65-68) سورة آل عمران.
فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ وقال رجل من نصارى نجران: أو ذلك تريد يا محمد وإليه تدعونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني ولا أمرني).
نعمة المنع
كما تروي كتب السيرة أيضا أنه عندما انطلق ذلك الوفد إلى المدينة وجلسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى عليه السلام؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى فيسرنا إن كنت نبياً أن نعلم ما تقول فيه؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى عليه السلام) فأصبح الغد وقد أنزل الله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ*الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ*فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (آل عمران 59 – 61)، فأبوا أن يقروا بذلك..
ولما لقي شرحبيل وهو أحد رجالات وفد نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني قد رأيت خيراً من ملاعنتك، فقال: (وما هو؟) قال شرحبيل: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعل وراءك أحداً يثرب عليك) فقال له شرحبيل: سل صاحبيَّ، فسألهما فقالا: ما يرِد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل.. بعدها أسلم وفد نجران ودخل في دين الإسلام.
أما في هذا المقال فسنتحدث عن حفظ الله لنبيه وكيف رفع ذكره وأعلى مرتبته حتى مع من ناصبوه العداء، وهو الأمر الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم فقد أخبر سراقة ووعده بسواري كسري ملك الفرس وهو ما تحقق في عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بزوال كسري وقيصر وفتح القسطنطينية وبلاد ما وراء البحر، وهي البلاد التي انتشر فيها الإسلام ولا يزال بأخلاق المسلمين وإظهارهم لمحاسن وأخلاقيات هذا الدين وتمسكهم بها.
إنا كفيناك المستهزئين
كما كان لهؤلاء الفضل في تعليم وتحبيب غير المسلمين للإسلام وكتب السير مليئة بالكثير من الوفود التي جاءت إلى رسول الله زاهدة في الإسلام ورجعت راغبة فيه ترجو ما عند الله، ولعل في قصة وفد نجران- وهي موجودة في كتب السيرة لمن أراد المزيد من الاطلاع- الكثير من الحكم والعبر التي تستحق أن تروى..
فعندما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (دعوهم) فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
وروى محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً، فأنزل الله عز وجل فيهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ*هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ*مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (65-68) سورة آل عمران.
فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ وقال رجل من نصارى نجران: أو ذلك تريد يا محمد وإليه تدعونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني ولا أمرني).
نعمة المنع
كما تروي كتب السيرة أيضا أنه عندما انطلق ذلك الوفد إلى المدينة وجلسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى عليه السلام؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى فيسرنا إن كنت نبياً أن نعلم ما تقول فيه؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى عليه السلام) فأصبح الغد وقد أنزل الله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ*الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ*فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (آل عمران 59 – 61)، فأبوا أن يقروا بذلك..
ولما لقي شرحبيل وهو أحد رجالات وفد نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني قد رأيت خيراً من ملاعنتك، فقال: (وما هو؟) قال شرحبيل: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعل وراءك أحداً يثرب عليك) فقال له شرحبيل: سل صاحبيَّ، فسألهما فقالا: ما يرِد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل.. بعدها أسلم وفد نجران ودخل في دين الإسلام.