التعليم بخطة البنك الدولي (6)
أعطى البنك الدولي معلومات مضللة عن نسبة الفقر
في مصر ليبرر إلغاء المجانية، حيث استند البنك في بياناته عن الفقر في مصر إلى تقارير
غير دقيقة تؤكد أن معدلات الفقر لا تزيد عن 28%، بينما في الحقيقة هي تتخطى 50% بنسبة
النصف تقريبا للشعب المصري، الأمر الذي يستلزم عدم إلغاء مجانية التعليم إلا بعد تخفيض
معدلات الفقر ووجود تنمية حقيقية تأتي من المصانع والتصدير وليس من الجباية وجيوب الناس،
وكارتة الطرق والضرائب، ورفع مقابل الانتفاع بالخدمات مثل الكهرباء والمياه والغاز وإلخ.
ولا ننسى القرار الأسود بتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه المصري في 3 نوفمبر عام 2016، الذي كان من شأنه زيادة معدلات الفقر بسبب التضخم الجامح، وزيادة الأسعار والمنتجات البترولية والكهرباء وفواتير الغاز وغيرها؛ مما سحب شريحة كبيرة من المجتمع المصري للفقر .
ولم تتعرض خطة البنك الدولي لإصلاح التعليم في مصر إلى الكثافات غير المحتملة للطلاب في الفصول الحكومية حيث تصل إلى 100 طالب في المتوسط، وفي بعض الأحياء والقرى الفقيرة تصل إلى أكثر من 70 طالبًا، والتي تمثل ثغرة إبليس في النظام التعليمي كله. وقد ترتب على تدني الأجور والمرتبات للمدرسين مع الكثافات المرتفعة جدًا في الفصول انتشار الدروس الخصوصية، التي تشكل جريمة من كبريات جرائم النظام التعليمي والتربوي المصري..
التعليم بخطة البنك الدولي (5)
وبرغم إشارة الخطة إلى الدروس الخصوصية فإنها لم تحفل كثيرًا بموضوع الكثافات، بسبب امتلاء العقل الباطن للخطة والقائمين عليها بالاستخدام المكثف للتكنولوجيا كبديل موضوعي للتواجد في الفصول المدرسية.
كما أن البنك الدولي جعل من الوسيلة غاية، فتصور أن شراء مليون تابلت سنويًا وتوزيعه على الطلاب، من شأنه تغيير قواعد وأداء الطلاب في منظومة تعليمية تعاني من مشكلات فوق تعليمية، أو قبل تعليمية من قبيل طبيعة البنية الاجتماعية بين طلاب الريف وطلاب المدينة، أو بين أبناء الأحياء الفقيرة وأبناء الأحياء الغنية، أو بين أبناء الطبقات البرجوازية الصغيرة من الموظفين وصغار التجار والباعة السريحة وبين أبناء رجال المال والأعمال وكبار المسئولين إلخ.
وأهملت الخطة واقع الحياة الحقيقية على الأرض لملايين الأطفال في سن قبل الإلزامي، ومعدلات التزايد السكاني، ونفقات المعيشة التي تدفع ملايين الأسر المصرية إلى تجنب إلحاق أولادهم بمرحلة رياض الأطفال، أو حتى بالتعليم العام.
كما أعاد البنك الدولي التفكير في نظام تقسيم مرحلة الثانوية العامة، وهى التجربة التي سبق وجربها وزير التعليم الأسبق د. حسين كامل بهاء الدين عام 1996، حينما قسم الشهادة الثانوية العامة إلى عامين دراسيين، على أساس حساب المتوسط التراكمي للطلاب، تحت تصور واهم بأن من شأن ذلك تخفيف العبء النفسي والمالي على الطلاب وعلى الأسر المصرية، وتخفيض الدروس الخصوصية، فكانت النتيجة عكسية وكارثية، حيث زاد العبء النفسي والمالي على الطلاب وأسرهم، كما زاد الإقبال على الدروس الخصوصية وانتعش بصورة غير مسبوقة.
كما لم تتعرض خطة البنك الدولي للتشوهات الراهنة في بنية النظام التعليمي المصري، وكان ينبغي لأي خطة تريد تعليما جيدا لمصر أن تتعرض لذلك فعلى مدى خمسين عاما، وتحديدا منذ عام 1974، تعرض النظام التعليمي المصري، إلى موجات وتيارات من الضغوط ناتجة عن التغيرات العميقة التي طرأت على المجتمع المصري من ناحية، وبسبب التآكل والضعف الذي نخر كالسوس في آليات العمل والقيم السائدة في بنية هذا النظام التعليمي.
التعليم بخطة البنك الدولي (4)
وبالنتيجة تغيرت بنية هذه المنظومة التعليمية، فانتشرت في البداية المدارس الخاصة بمصروفات، ثم تعمقت إلى المدارس الخاصة لغات بمصروفات أكبر، ثم دخل على الخط المدارس الدولية بعشرات الآلاف من الدولارات أو العملات الأجنبية سنويا.
وتعمق الفرز التعليمي مصاحبا للفرز الطبقي والاجتماعي، وبدلا من التنبه من جانب الدولة وأجهزتها إلى مخاطر هذه الظاهرة، تماشت وزارة التربية والتعليم – والتعليم الجامعي بعدها – لنيل نصيبها من الكعكة، فتحولت بعض المدارس الحكومية إلى مدارس تجريبية لغات بمصروفات، ومدارس تجريبية لغات متميزة، ومدارس المستقبل، ثم مدارس النيل في السنوات القليلة الماضية، وسقطت المدارس الحكومية من حسابات التطوير والاهتمام الحقيقي للدولة والقائمين عليها، بل إنهم لم يتوانوا في إلحاق أبنائهم وأحفادهم بتلك المدارس الجديدة!!
وبقدر الخطر على الهوية الوطنية والقومية المصرية والعربية، بقدر حالة الضياع والتيه الذي انتاب ملايين الأسر المصرية الفقيرة التي وجدت نفسها وأبناءها في مهب الريح، فلا دولة تسندهم، ولا قدرتهم المالية تسمح لهم بتعليم أولادهم، ومن هنا نشأ أكبر وأعمق حالة إحباط عانى وما زال يعاني منها المصريون وخصوصا أغلبيتهم الساحقة الذين كان التعليم بمثابة وسيلة للحراك الاجتماعي والهروب من حالة الفقر والضياع.
وهذه الحالة لم تقترب منها خطة البنك الدولي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم التي يترأسها وزير لم يتردد منذ الطلة الأولى له على شاشات القنوات التليفزيونية بالتصريح بأن مجانية التعليم هو من أوصل التعليم إلى ما وصل إليه من انهيار.
ولا ننسى القرار الأسود بتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه المصري في 3 نوفمبر عام 2016، الذي كان من شأنه زيادة معدلات الفقر بسبب التضخم الجامح، وزيادة الأسعار والمنتجات البترولية والكهرباء وفواتير الغاز وغيرها؛ مما سحب شريحة كبيرة من المجتمع المصري للفقر .
ولم تتعرض خطة البنك الدولي لإصلاح التعليم في مصر إلى الكثافات غير المحتملة للطلاب في الفصول الحكومية حيث تصل إلى 100 طالب في المتوسط، وفي بعض الأحياء والقرى الفقيرة تصل إلى أكثر من 70 طالبًا، والتي تمثل ثغرة إبليس في النظام التعليمي كله. وقد ترتب على تدني الأجور والمرتبات للمدرسين مع الكثافات المرتفعة جدًا في الفصول انتشار الدروس الخصوصية، التي تشكل جريمة من كبريات جرائم النظام التعليمي والتربوي المصري..
التعليم بخطة البنك الدولي (5)
وبرغم إشارة الخطة إلى الدروس الخصوصية فإنها لم تحفل كثيرًا بموضوع الكثافات، بسبب امتلاء العقل الباطن للخطة والقائمين عليها بالاستخدام المكثف للتكنولوجيا كبديل موضوعي للتواجد في الفصول المدرسية.
كما أن البنك الدولي جعل من الوسيلة غاية، فتصور أن شراء مليون تابلت سنويًا وتوزيعه على الطلاب، من شأنه تغيير قواعد وأداء الطلاب في منظومة تعليمية تعاني من مشكلات فوق تعليمية، أو قبل تعليمية من قبيل طبيعة البنية الاجتماعية بين طلاب الريف وطلاب المدينة، أو بين أبناء الأحياء الفقيرة وأبناء الأحياء الغنية، أو بين أبناء الطبقات البرجوازية الصغيرة من الموظفين وصغار التجار والباعة السريحة وبين أبناء رجال المال والأعمال وكبار المسئولين إلخ.
وأهملت الخطة واقع الحياة الحقيقية على الأرض لملايين الأطفال في سن قبل الإلزامي، ومعدلات التزايد السكاني، ونفقات المعيشة التي تدفع ملايين الأسر المصرية إلى تجنب إلحاق أولادهم بمرحلة رياض الأطفال، أو حتى بالتعليم العام.
كما أعاد البنك الدولي التفكير في نظام تقسيم مرحلة الثانوية العامة، وهى التجربة التي سبق وجربها وزير التعليم الأسبق د. حسين كامل بهاء الدين عام 1996، حينما قسم الشهادة الثانوية العامة إلى عامين دراسيين، على أساس حساب المتوسط التراكمي للطلاب، تحت تصور واهم بأن من شأن ذلك تخفيف العبء النفسي والمالي على الطلاب وعلى الأسر المصرية، وتخفيض الدروس الخصوصية، فكانت النتيجة عكسية وكارثية، حيث زاد العبء النفسي والمالي على الطلاب وأسرهم، كما زاد الإقبال على الدروس الخصوصية وانتعش بصورة غير مسبوقة.
كما لم تتعرض خطة البنك الدولي للتشوهات الراهنة في بنية النظام التعليمي المصري، وكان ينبغي لأي خطة تريد تعليما جيدا لمصر أن تتعرض لذلك فعلى مدى خمسين عاما، وتحديدا منذ عام 1974، تعرض النظام التعليمي المصري، إلى موجات وتيارات من الضغوط ناتجة عن التغيرات العميقة التي طرأت على المجتمع المصري من ناحية، وبسبب التآكل والضعف الذي نخر كالسوس في آليات العمل والقيم السائدة في بنية هذا النظام التعليمي.
التعليم بخطة البنك الدولي (4)
وبالنتيجة تغيرت بنية هذه المنظومة التعليمية، فانتشرت في البداية المدارس الخاصة بمصروفات، ثم تعمقت إلى المدارس الخاصة لغات بمصروفات أكبر، ثم دخل على الخط المدارس الدولية بعشرات الآلاف من الدولارات أو العملات الأجنبية سنويا.
وتعمق الفرز التعليمي مصاحبا للفرز الطبقي والاجتماعي، وبدلا من التنبه من جانب الدولة وأجهزتها إلى مخاطر هذه الظاهرة، تماشت وزارة التربية والتعليم – والتعليم الجامعي بعدها – لنيل نصيبها من الكعكة، فتحولت بعض المدارس الحكومية إلى مدارس تجريبية لغات بمصروفات، ومدارس تجريبية لغات متميزة، ومدارس المستقبل، ثم مدارس النيل في السنوات القليلة الماضية، وسقطت المدارس الحكومية من حسابات التطوير والاهتمام الحقيقي للدولة والقائمين عليها، بل إنهم لم يتوانوا في إلحاق أبنائهم وأحفادهم بتلك المدارس الجديدة!!
وبقدر الخطر على الهوية الوطنية والقومية المصرية والعربية، بقدر حالة الضياع والتيه الذي انتاب ملايين الأسر المصرية الفقيرة التي وجدت نفسها وأبناءها في مهب الريح، فلا دولة تسندهم، ولا قدرتهم المالية تسمح لهم بتعليم أولادهم، ومن هنا نشأ أكبر وأعمق حالة إحباط عانى وما زال يعاني منها المصريون وخصوصا أغلبيتهم الساحقة الذين كان التعليم بمثابة وسيلة للحراك الاجتماعي والهروب من حالة الفقر والضياع.
وهذه الحالة لم تقترب منها خطة البنك الدولي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم التي يترأسها وزير لم يتردد منذ الطلة الأولى له على شاشات القنوات التليفزيونية بالتصريح بأن مجانية التعليم هو من أوصل التعليم إلى ما وصل إليه من انهيار.