هل الاحترام مقابل جنيه؟
التفكير نعمة، ولكن كثرته ابتلاء، هذا ما فكرت فيه حينما توجهت في الصباح إلى بائع الخضراوات، وأشتريت منه أصنافًا بتسعة جنيهات، وعندما دفعتها له رد لي جنيهًا قائلًا ثمانية فقط لأنك رجلٌ محترم، فشكرته وانصرفت، وبينما أنا في طريقي للمنزل تخيلت حدوث هذه الواقعة لشخصين مختلفين، أحدهما أصابته سعادة غامرة، فلا زالت الدنيا بخير، وهذا البائع يُقدر أصحاب الخُلُق الطيب، أما الثاني فقد اعتبرها إهانة له وللاحترام نفسه، فهذا البائع الوقح جعل الاحترام بجنيه، لأن الاحترام لا يُقَدَّر بثمن، ثم ضحكت من هذا التفكير الزائد.
وعند عودتي إلى منزلي، وقبل احتساء القهوة طالعت ما نُشر بشأن واقعة الطفل الذي كاد أن يقتل شرطي المرور، وقبل أن أنصرف إلى موضوعٍ غيره راودني ذلك التفكير الزائد، وطالبني بإعادة قراءة ما نُشر مرةً ثانيةً بعد احتساء القهوة، والوقوف عند بعض التفاصيل لمعرفة أثر القهوة على التفكير الزائد، واستسلمت لتلك الفكرة، وعُدتُ مرة أخرة لقراءة ما يستجد عن هذا الموضوع.
هل تُحِب رسول الله ﷺ؟ (2)
وأول ما لفت نظري أن كل المستجدات استندت إلى تحريات الشرطة، وهي التي سطرت الواقعة حسبما تبين لها من شهادة الشهود وأقوال المجني عليه، وهو شرطي يمثل في هذه الواقعة الانضباط وسيطرة الدولة، وقادني التفكير الزائد إلى الدهشة من ظهور طفل يقود سيارة مرسيدس برعونة، وهو ما يعكس تدليلًا زائدًا كشف عنه لسان الأخصائي الاجتماعي الذي باشر حالة الطفل وفقًا لقانون الطفل الذي لا يُجيز حبس الأطفال إحتياطيًا.
وهنا قررت التوقف عن التفكير الزائد، حتى لا يُصوِر لي عقلي أن هناك من سعى لإنهاء الموضوع بشكل ودي، كما تناسيت ذلك الفيديو الذي استهزأ فيه الطفل بشرطي مرور آخر، وبملابس مختلفة، أي أنها لم تكن واقعة فريدة، ما أقبح التفكير الزائد.
ثم عاد إليّ التفكير الزائد في صورة وُسواسٍ قهري ليتساءل عن إمكانية اعتذار ذلك الطفل للشرطي، وقد تعامل معه بتلك العجرفة وكأنه رئيسه في العمل، وهو يسأله عن كمامته، ثم يسبه بأقذر الألفاظ التي لا نسمعها إلا من بعض أطفال الشوارع المساكين، لأن بعضهم يتسم بالخلق الطيب والقلب النقي.
اللامركزية الكاذبة.. وإفساد التعليم
وفجأة قفزت إلى ذاكرتي واقعة سيدة المحكمة، فجريمتها الأولى أنها لم ترتدِ الكمامة، وجريمتها الثانية سب الضابط رمز الانضباط وسيطرة الدولة، وسرعان ما عُدتُ للتفكير العادي وتذكرت أنه مُجرد طفل صغير، وشهرته حريقة، أما هي فتعمل مستشار وهي مهنة لها قدسيتها، ثم تساءلتُ عن مهنة والد الطفل وأولياء أمور أقرانه الذين كانوا معه بالسيارة، وسرعان ما نهرتُ نفسي عن ذلك التفكير الطبقي والعنصري.
وشعرت بأن أثر القهوة بدأ في الزوال، فتفَهَمتُ قبول الشرطي للاعتذار، فهو ولا شك أن قلبه الطيب سيجعله يتقبل اعتذار الطفل البريء «حريقة» الذي شعر بخطئه، كما أنه أدرك أنه أيضًا مُخطيء، فهو لم يرتدِ الكمامة، ولم يتجه لأخذ رقم السيارة من الخلف حرصًا على سلامته، كما أن تلك السقطة التي سقطها لن تؤثر عليه لأنه قوي البنيان، ويكفيه تكريم السيد وزير الداخلية.
ولكن بقايا القهوة اللعينة ذكرني بالتقرير الطبي لضابط واقعة سيدة المحكمة الذي أكد إصابته بخدوش في اليد تحتاج لعلاج أقل من واحد وعشرين يومًا ما لم تحدث مضاعفات، وتعجبت من قوة ذاكرتي التي حفظت التقرير.
ماذا حدث في عهد طارق شوقي؟ (2)
وقبل أن يزول أثر القهوة تمامًا لاحظت أن هناك من باع السيارة وهناك من اشتراها وهناك من اختلس مفتاحها، فتوقفت لأصب لعنتي على البن الغامق رافضًا الربط بين مُلابسات الواقعة وفيلم الزوجة الثانية التي كان من أشهر عِباراته «الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا».
وقررت الالتفات إلى موضوع آخر حين قرأت أن مالك السيارة سدد ضمانًا ماليًا قدره عشرة آلاف جنيه لإخلاء سبيله، ورفضت تصديق أننا سنشاهد طفل المرور بعد عشر سنواتٍ يؤدي اليمين القانونية، ليصبح وكيل نيابة المرور، وطردت التفكير الزائد من رأسي، ثم عدت لأتساءل، هل الاحترام بـ«جنيه»؟.. وللحديث بقية
وعند عودتي إلى منزلي، وقبل احتساء القهوة طالعت ما نُشر بشأن واقعة الطفل الذي كاد أن يقتل شرطي المرور، وقبل أن أنصرف إلى موضوعٍ غيره راودني ذلك التفكير الزائد، وطالبني بإعادة قراءة ما نُشر مرةً ثانيةً بعد احتساء القهوة، والوقوف عند بعض التفاصيل لمعرفة أثر القهوة على التفكير الزائد، واستسلمت لتلك الفكرة، وعُدتُ مرة أخرة لقراءة ما يستجد عن هذا الموضوع.
هل تُحِب رسول الله ﷺ؟ (2)
وأول ما لفت نظري أن كل المستجدات استندت إلى تحريات الشرطة، وهي التي سطرت الواقعة حسبما تبين لها من شهادة الشهود وأقوال المجني عليه، وهو شرطي يمثل في هذه الواقعة الانضباط وسيطرة الدولة، وقادني التفكير الزائد إلى الدهشة من ظهور طفل يقود سيارة مرسيدس برعونة، وهو ما يعكس تدليلًا زائدًا كشف عنه لسان الأخصائي الاجتماعي الذي باشر حالة الطفل وفقًا لقانون الطفل الذي لا يُجيز حبس الأطفال إحتياطيًا.
وهنا قررت التوقف عن التفكير الزائد، حتى لا يُصوِر لي عقلي أن هناك من سعى لإنهاء الموضوع بشكل ودي، كما تناسيت ذلك الفيديو الذي استهزأ فيه الطفل بشرطي مرور آخر، وبملابس مختلفة، أي أنها لم تكن واقعة فريدة، ما أقبح التفكير الزائد.
ثم عاد إليّ التفكير الزائد في صورة وُسواسٍ قهري ليتساءل عن إمكانية اعتذار ذلك الطفل للشرطي، وقد تعامل معه بتلك العجرفة وكأنه رئيسه في العمل، وهو يسأله عن كمامته، ثم يسبه بأقذر الألفاظ التي لا نسمعها إلا من بعض أطفال الشوارع المساكين، لأن بعضهم يتسم بالخلق الطيب والقلب النقي.
اللامركزية الكاذبة.. وإفساد التعليم
وفجأة قفزت إلى ذاكرتي واقعة سيدة المحكمة، فجريمتها الأولى أنها لم ترتدِ الكمامة، وجريمتها الثانية سب الضابط رمز الانضباط وسيطرة الدولة، وسرعان ما عُدتُ للتفكير العادي وتذكرت أنه مُجرد طفل صغير، وشهرته حريقة، أما هي فتعمل مستشار وهي مهنة لها قدسيتها، ثم تساءلتُ عن مهنة والد الطفل وأولياء أمور أقرانه الذين كانوا معه بالسيارة، وسرعان ما نهرتُ نفسي عن ذلك التفكير الطبقي والعنصري.
وشعرت بأن أثر القهوة بدأ في الزوال، فتفَهَمتُ قبول الشرطي للاعتذار، فهو ولا شك أن قلبه الطيب سيجعله يتقبل اعتذار الطفل البريء «حريقة» الذي شعر بخطئه، كما أنه أدرك أنه أيضًا مُخطيء، فهو لم يرتدِ الكمامة، ولم يتجه لأخذ رقم السيارة من الخلف حرصًا على سلامته، كما أن تلك السقطة التي سقطها لن تؤثر عليه لأنه قوي البنيان، ويكفيه تكريم السيد وزير الداخلية.
ولكن بقايا القهوة اللعينة ذكرني بالتقرير الطبي لضابط واقعة سيدة المحكمة الذي أكد إصابته بخدوش في اليد تحتاج لعلاج أقل من واحد وعشرين يومًا ما لم تحدث مضاعفات، وتعجبت من قوة ذاكرتي التي حفظت التقرير.
ماذا حدث في عهد طارق شوقي؟ (2)
وقبل أن يزول أثر القهوة تمامًا لاحظت أن هناك من باع السيارة وهناك من اشتراها وهناك من اختلس مفتاحها، فتوقفت لأصب لعنتي على البن الغامق رافضًا الربط بين مُلابسات الواقعة وفيلم الزوجة الثانية التي كان من أشهر عِباراته «الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا».
وقررت الالتفات إلى موضوع آخر حين قرأت أن مالك السيارة سدد ضمانًا ماليًا قدره عشرة آلاف جنيه لإخلاء سبيله، ورفضت تصديق أننا سنشاهد طفل المرور بعد عشر سنواتٍ يؤدي اليمين القانونية، ليصبح وكيل نيابة المرور، وطردت التفكير الزائد من رأسي، ثم عدت لأتساءل، هل الاحترام بـ«جنيه»؟.. وللحديث بقية