رئيس التحرير
عصام كامل

المدرسة في زمن الكورونا.. المنصات مدفوعة .. وزيادة التكاليف.. خطر يهدد "المجانية" ويؤثر على كل أسرة مصرية

طلاب المدارس - صورة
طلاب المدارس - صورة أرشيفية
أيام قليلة.. وينطلق موسم دراسى جديد ولكنه مختلف في كل شئ. المدرسة في زمن الكورونا ليست كما كانت قبل الفيروس القاتل، لا يستويان مثلًا. الأمر لا يتوقف على تأخر بدء العام الجديد نحو شهر أو يزيد، ولكن في الأنظمة الحديثة التي تسعى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى إلى تطبيقها، والتي وإن راقت للبعض، فإنها لم ترق للجانب الأكبر من الطلاب والتلاميذ وأولياء الأمور.


نظام جديد

قد يكون استباق الحكم على نظام لم يتم تطبيقه فعليًا على أرض الواقع تسرعًا واندفاعًا. الرافضون يرون أننا نسعى إلى تطبيق أنظمة لا نملك مقوماتها من الأساس، ويجزمون بأن التعليم عن بُعد في مصر لن يصادف نجاحًا مذكورًا. الحكمة تستوجب الانتظار قليلًا؛ فربما يصدق الوزير هذه المرة.

"فيتو" تناقش هذه القضية من جميع جوانبها، ليس من الجانب التنظيرى فقط، ولكن ميدانيًا أيضًا..


ما بين مواد الدستور التي تكفل مجانية التعليم وتوفيره لكل مواطن مصري، وبين زيادة تكاليف التعليم طبقا لنشرة المصروفات الدراسية التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني للعام الدراسي الجديد 2020-2021، يحتار عقل الأسرة المصرية بين النقيضين، محاولين فهم ما يحدث وحقوقهم الواجب البحث عنها وسط ارتفاع تكاليف التعلم التي تهدد مفهوم المجانية الذي كفله الدستور.

منصات مدفوعة

الواقع يرسم عدة مشاهد محيرة، لإجراءات طبقتها وزارة التربية والتعليم، خلال الفترة السابقة، أولها اعتبار حصص المدرسة لممارسة الأنشطة بدعوى الخوف على الطلاب من انتشار فيروس كورونا، وفى نفس اللحظة إصدار قانون مجموعات التقوية داخل المدرسة، والحصة تصل إلى 85 جنيها.

المشهد الثاني المربك لكل أسرة مصرية لها أولادها في مراحل التعليم المختلفة، هو ارتفاع المصروفات الدراسية ما بين 200 إلى 500 جنيه للمدارس الحكومية، في ظل تخفيف حضور الطلاب ما بين يومين وثلاثة أسبوعيا، وإلغاء حصص المواد خارج المجموع في المدارس، وهو ما لا يفهمه كل ولي أمر عن سبب ارتفاع المصروفات الدراسية، في ظل عدم حضور أبنائهم إلا أيام قليلة أسبوعيا للمدرسة، وعدم إعلان الوزارة عن سبب زيادة المصروفات الدراسية مقابل خدمات جديدة سوف تقدمها للطلاب.

مشهد ثالث مربك للأسرة المصرية وسط إعلان وزارة التعليم عن المنصات الإلكترونية للطلاب وسوف تكون جزءًا أساسيا من التعلم خلال الفترة الحالية والمقبلة فوجئ عدد كبير بأن بعض هذه المنصات مدفوعة الأجر وليست مجانية، خاصة في المرحلة الثانوية.

أولياء الأمور 

يقول محمد عبد الفتاح ولي أمر، أن لديه 3 أطفال في مراحل التعليم المختلفة ومطلوب منه سداد ما يقرب من ألفي جنيه مصروفات دراسية، وإدخالهم مجموعات التقوية بحصص أسبوعية سعرها يتراوح بين 10 و85 جنيها، بمتوسط من 800 إلى 1000 جنيه شهريا لمجموعات التقوية في المدارس لأبنائه الثلاثة، وهو ما يخالف مواد الدستور التي تؤكد على مجانية التعليم في المراحل الأساسية حتى الثانوية.

وتؤكد هند عبد الله، ولية أمر، أن أولياء الأمور حائرون بين مفاهيم مجانية التعليم التي يكفلها الدستور وبين إجراءات وزارة التربية والتعليم التي ترفع من المصروفات الدراسية وتكاليف التعلم بشكل كبير يمثل عبئا على كل أسرة مصرية لديها اثنان أو ثلاثة من أبنائها في مراحل التعليم الأساسية.

الأخطر في هذا المشهد المربك هو الآثار المترتبة على ارتفاع تكاليف التعلم، والتي يخشى الجميع منها وأهمها زيادة التسرب التعليمي نتيجة عدم القدرة على دفع تكاليف التعلم المرتفعة، خاصة لأبناء الطبقات الدنيا، الذين يحتاجونه بشدة دون وجود بدائل أخرى لديهم.

إعفاءات

ويثمن الجميع ما أعلنه الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم، النفيأن نسبة إعفاءات كبيرة لن يسدد أصحابها المصروفات الدراسية، تصل إلى 40% من الطلاب، خاصة بعد إضافة مليون طالب من الأسر الأولى بالرعاية للقرار الوزارى المحدد لفئات الطلبة المعفيين من الرسوم الدراسية.

ويعد الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في التعليم الأساسي، أحد المحاور الرئيسية المهددة في ظل ارتفاع تكاليف التعليم، بما يؤثر بالسلب على ثروة مصر الفكرية والعلمية من أبنائها، خاصة بسبب مجموعات التقوية والمنصات الإلكترونية مدفوعة الأجر، مما يقلل من الأدوات المتاحة لأبناء الفئات الأقل دخلا، ويخشى الكثيرون أن يبقى التعليم الجيد متاحًا فقط للقادرين ماديا.

ورغم الإعلانات الكثيرة عن تطوير التعليم الحكومي، وتوقع كثير من المسئولين أن يجذب إليه الطبقات المتوسطة ويكون خيارهم بدلا من المدارس الخاصة، إلا أن العكس تماما هو الذي حدث، وزاد عدد المدارس الخاصة للضعف تقريبا خلال السنوات القليلة الماضية، وارتفعت أسعار مصروفاتها بشكل كبير دون رقابة حقيقية من وزارة التربية والتعليم، مما جعلها عبئا ثقيلا على دخل الأسر المتوسطة وحتى فوق المتوسطة، بعد أن اقتحمتها الدروس الخصوصية بشكل كبير.

وحتى يعرف الجميع نص الدستور فيما يخص التعليم الذي جاء في المادة 19 كالتالي: التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية.

والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
الجريدة الرسمية