رئيس التحرير
عصام كامل

علل: طارق شوقي أنفق ٥٠٠ مليار جنيه؟

خرج الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الهادئ الواثق من نفسه مع محاوره المخضرم يوم السبت الماضي ليعرض خطة الدراسة للعام الدراسي ٢٠٢٠ــ 2021 وبدا على المُحاور الانبهار الشديد من الخطة والمنهج، كما أبدى إعجابه الشديد بكتاب الصف الثالث الابتدائي لأنه مليء بالصور، ومطبوع طباعة جيدة، ولا شك أنه على ولي الأمر أن يطمئن بعد إعجاب المُحاور بوصفه خبيرًا في التعليم!


كما أن أحد كتب الصف الثالث الابتدائي هو دليل على جودة جميع الكتب لجميع المراحل من حيث المحتوى وأسلوب العرض، ومن هنا تبدأ شكوكنا حول تسخير الوزير لإمكانيات الوزارة لإقناع الشعب بأنه نجح بينما فشل الشعب في فهمه.

طارق شوقي.. ما عليه ــ وما عليه!

ومن شواهد الممارسات العجيبة للوزير المتألق دائمًا طارق شوقي تعامله مع الإعلام بشكل انتقائي، فبينما سمح وقته لعرض الخطة في أكثر من ساعة في البرنامج المحبوب والمؤثر في المجتمع، فإنه لم يجد وقتا كافيا للرد على الإعلامي المحترم سيد علي في برنامجه "حضرة المواطن"، حين وجه بعض التساؤلات حول مراكز الدروس الخصوصية، وبعض مشكلات المدارس الدولية.

ولكن الأستاذ سيد على لم يجد إجابة، وأعلنها على الملأ أن وزير التربية والتعليم لا يرد على أسئلته، وأنه يطلب أن يرد المندوب الإعلامي للوزارة، كما خاطب الوزير قائلاً "انا عارف انك ما بيعيشلكش متحدث إعلامي"، ويبدو أن وراء هذه العبارة أسرار تدعو للبحث.

ويمكن أن يكون سبب تجاهل طارق شوقي هو عنوان البرنامج "حضرة المواطن" الذي يعكس احترام عقل المتفرج، وقبول الرأي والرأي الآخر، ولكن الوزير يأبى إلا أن يغني منفردًا، حتى ولو كان صوته نشازا.

أوركسترا طارق شوقي تعزف ضد العدالة!

كما أخطأ الإعلامي سيد علي حين أوضح أن الرد عليه هو حقٌ دستوري، فالوزير الهادئ لا يعترف بالدستور، ولا يعبأ بالقوانين، وقد عرضنا نماذج كثيرة لذلك من قبل، كما أن سيد علي ليس لديه مَلَكَة "تلميع الضيف" ليفهم المواطن أن قرارات الوزير في مصر كانت أفضل من قرارات نظيره في بريطانيا.

ولعل مقدم برنامج "حضرة المواطن" يتحدث بصوت المواطن ويتساءل عن سبب ذهاب الطالب للمدرسة إذا كانت المدرسة لن تقدم سوى الأنشطة، كما أنه قد يسأل عن مصير معلمي الكيمياء والفيزياء وغيرها من المواد إذا كان الإعتماد على البرامج التعليمية، كما قد لا يقتنع بتصريح الوزير بأن الطالب سيذهب للمدرسة ليلتقي بأصدقائه، واستكمال الدور التربوي، والتأكد من انه شاهد الدروس.

ولا بد أنه حين يحدثه الوزير عن دور الطالب سيتشبث بسؤال هام حول دور المعلم المفقود، ومسقبله، وهل سيتحسن مستواه المادي أم سيضطر لمخالفة ضميره والتعليمات والقانون، ويجد مبرره في إستعلاء الوزير، واستغنائه عن المعلم ومن قبله الإداري، كما أن مقدم برنامج "حضرة المواطن" لن يجيد الدفاع في صورة الهجوم كما يفعل بعض المحترفين.

هل يعلم طارق شوقي أنه لا يعلم؟

وبعد هذه المعاملة الإنتقائية للإعلام فإننا نسأل سؤالًا عرفته البشرية قديمًا، وهو هل يحقق المال السعادة؟ هذا السؤال بمناسبة الميزانية التي رصدها "الوزير السعيد" طارق شوقي، لعملية التطوير، وهو ٥٠٠ مليار جنيه، فهل يمكن تصور إنفاق ذلك المبلغ ثم يتعذر على الطلاب الدخول على النت وقت الامتحان، بينما يؤكد الوزير انه وصل الى مستوى تقني "احترافي"، ويؤيده محاوره قائلًا " وصلنا الى مستوى عظيم"، وكأنه كان بين الممتحنين في العام الماضي، وهنا نتسائل: هل تساوي عملية التطوير المعروضة ٥٠٠ مليار جنيه في رأي المواطن، وأقصد طبعًا المواطن الذي يمكنه تخيل هذا المبلغ او سمع عنه من قبل.

لن تتمكن وزارة المالية أو الجهاز المركزي للمحاسبات من التعقيب على المبالغ المنصرفة، خاصة إذا كان بعض هذه المبالغ منح اجنبية، ولكنني أسترعي نظر الجهات الرقابية إلى أن كل ما عرضه وزير التربية والتعليم المطمئن طارق شوقي يمكن تصور تنفيذه بعدة ملايين لو تم بسواعد المخلصين من أبناء الوزارة.

ولكن الواضح من العرض أن كل ما ذكره الوزير طارق شوقي تم بالتعاون بشأنه مع القطاع الخاص وبأسعار فلكية، وأن هناك عقودًا أبرمت بمبالغ طائلة مع جهات خارجية، وبالطبع فإن المستندات الدالة على ذلك بعيدة عن أعين "الحاسدين"، ولكن يجب فحصها والتأكد من عدم الغلو في قيمتها ومطابقتها للقانون، أو أن يملك الوزير الشجاعة السياسية لينشر التفاصيل على الرأي العام.

هل يرتكب طارق شوقي جريمة تعطيل القانون؟

إن إنفاق مبلغ كبير مثل هذا يمكن أن يشوبه العديد من المخالفات مثل تقييم بعض الأعمال بما يفوق قيمتها، وتصوير بعض الفيديوهات، وإيجار استديوهات، واجور عاملين، ومصاريف البث المباشر، والصيانة وخدمات السيرفر الدورية، وغير ذلك من الأمور التي يمكن ان تتفاوت قيمتها، وقد لا تتمكن الجهات الرقاببة ذاتها من إثبات مخالفات مالية تستوجب المساءلة، لأن الأوراق "متستفة"، ولكن الضروري هو رفع تلك الرؤية للقيادة السياسية لتتخذ قراراتها في ضوئها.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية