الأفورة
من المعلوم إن كل شيء يزيد عن حده ينقلب لضده فإذا مازاد عن ذلك يصبح عبثا وأفورة، بل ويفقد الفعل
مصداقيته ليصبح مسخا يثير السخرية والتهكم، وأصبح من السهل فى لحظة أن نخسف بإنسان
الأرض وأن نرفع آخر إلى عنان السماء بالمبالغة والتنطع والافتعال لدرجة أن هناك موضوعا جديدا يوميا للهري تزدحم به السوشيال ميديا يبدو كالنار التي تتحول بعد ساعات لرماد..
وليتها موضوعات جادة ولكنها كزبد البحر غالبا ما يصبح غثاء، حتى إننا صنعنا من جهلة وأنصاف متعلمين (نمبر وان)، وكما قال ابن خلدون: "عندما تضعف الدول يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء.. والمزايدات على الانتماء.. ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة. وتسري الشائعات عن هروب كبير وتحاك الدسائس والمؤامرات.. وتكثر النصائح من القاصي والداني.. وتطرح المبادرات من القريب والبعيد.. ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته.. ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار.. ويتحول الوضع إالى مشروعات مهاجرين.. ويتحول الوطن إلى محطة سفر.. والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب والبيوت إلى ذكريات والذكريات إلى حكايات".
إثيوبيا التي لا نعرفها
وتصل الأفورة إلى أن من يضع برجولة في حديقة منزله عليه التصالح، أو إن طلاب الثانوية الجدد لن يحتاجوا لأي كتب أو أن يسارع مطرب عربى بالغناء بكلمات تقول "خذني زيارة لتل أبيب" بعد ساعات من الإتفاق الإماراتي مع اسرائيل، أو إجراء عملية عاجلة لفرخة بتكلفة ٧ آلاف جنيه في البحر الاحمر، أو حبس أحمد وزينب لاستظرافهما السمج، أو أن يصبح عدد المرشحين أكثر من عدد الناخبين..
وهناك مقولة منسوبة لأينشتاين تقول: "شيئان لا حدود لهما، الكون والغباء"،
أما الفيلسوف الكولومبي "نيكولاس غ دافيلا" يقول "الذكاء يعزل الأفراد، في حين أن الغباء يجمع الحشود"، لما يظهره الأغبياء من قناعات تجعلك تظنهم ملاك "الحقيقة المطلقة"، ما جعل "برتراند راسل" يصف الأمر بقوله: "مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائمًا، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك".
وخذ مثلا تصرف السيدة التي قامت بالسداد نيابة عن الجندي يوصف بالتصرف الشهم النبيل لا يوصف بأنها ست ب ١٠٠ راجل، ليبدأ الهجوم على الرجال من المعقدين والإمعات. فإن أردنا وصف الواقعة بصورة متحضرة تظهر عظمة المصريين أمام الأخر حتى يحترمنا فعلينا ابراز شهامة وجدعنة المصريين ونبل اخلاقهم المتمثل في هذه السيدة العظيمة، لا أن نستغل الواقعة للتهكم على الرجال وتشويهم في رجولتهم..
وتزامن ذلك مع شاب منع ٣ أشخاص من معاكسة فتاة فقتلوه.. ألا يستحق هذا الشاب البرئ نصف الحفاوة التى ذهبت لسيدة القطار.. الشهامة لم يعد لها وجود بيننا لأن المجنى عليه مواطن عادى.. أليس من الممكن أن يكون هذا الشاب يعمل لمساعدة أسرة فقيرة أم وأب وأخوات؟
الغربة وسنينها!
ولآن صناعة الحدث حرفة، وتحويل العادي إلى إستثنائي مغالاة فلابد من خلق كيانات فكرية.. وهي ما يسمى في الخارج بال Think Tanks تضم خبراء بجد في مجالات السياسة والاقتصاد والتواصل الجماهيري والإعلام.. بالاضافة لأخصائيين نفسيين واجتماعيين لتقدير تبعات أي قرار على المواطنين..
وطبعا تضم الوزير المسؤول عن القرار الذي تنوي الدولة إصداره.. ويجب أن يكون هؤلاء الخبراء طامعين فقط في خدمة بلادهم وأن يفكروا في المصلحة العامة بكافة جوانبها.. وليسوا طامعين في رضاء الوزير أو المسؤول ويقولوا له ما يريد سماعه، ومهمة هؤلاء الخبراء هي دراسة القانون من جميع جوانبه وتأثيره على نفسية المواطن وطريقة توصيل المعلومة..
وتجنب أي مشاكل وعقبات وطرق معالجتها. بل وإقناع المواطن إنها لمصلحته وليس ضده.. أمور كثيرة يدرسها ويناقشها هؤلاء الخبراء ويرفعون توصياتهم لرئيس الوزراء.. وله مطلق الحرية للاخذ برأيهم أو رفض توصياتهم. ولكن على الأقل يعلم ما ستكون عليه تداعيات القرارات والقوانين.
ولكن حينما يصبح الزيف رائجاً تتوارى الحقيقة في ضمير الشرفاء ويكثر التنطع والمبالغات التي تتساوي مع الزيف المتعمد.
وليتها موضوعات جادة ولكنها كزبد البحر غالبا ما يصبح غثاء، حتى إننا صنعنا من جهلة وأنصاف متعلمين (نمبر وان)، وكما قال ابن خلدون: "عندما تضعف الدول يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء.. والمزايدات على الانتماء.. ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة. وتسري الشائعات عن هروب كبير وتحاك الدسائس والمؤامرات.. وتكثر النصائح من القاصي والداني.. وتطرح المبادرات من القريب والبعيد.. ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته.. ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار.. ويتحول الوضع إالى مشروعات مهاجرين.. ويتحول الوطن إلى محطة سفر.. والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب والبيوت إلى ذكريات والذكريات إلى حكايات".
إثيوبيا التي لا نعرفها
وتصل الأفورة إلى أن من يضع برجولة في حديقة منزله عليه التصالح، أو إن طلاب الثانوية الجدد لن يحتاجوا لأي كتب أو أن يسارع مطرب عربى بالغناء بكلمات تقول "خذني زيارة لتل أبيب" بعد ساعات من الإتفاق الإماراتي مع اسرائيل، أو إجراء عملية عاجلة لفرخة بتكلفة ٧ آلاف جنيه في البحر الاحمر، أو حبس أحمد وزينب لاستظرافهما السمج، أو أن يصبح عدد المرشحين أكثر من عدد الناخبين..
وهناك مقولة منسوبة لأينشتاين تقول: "شيئان لا حدود لهما، الكون والغباء"،
أما الفيلسوف الكولومبي "نيكولاس غ دافيلا" يقول "الذكاء يعزل الأفراد، في حين أن الغباء يجمع الحشود"، لما يظهره الأغبياء من قناعات تجعلك تظنهم ملاك "الحقيقة المطلقة"، ما جعل "برتراند راسل" يصف الأمر بقوله: "مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائمًا، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك".
وخذ مثلا تصرف السيدة التي قامت بالسداد نيابة عن الجندي يوصف بالتصرف الشهم النبيل لا يوصف بأنها ست ب ١٠٠ راجل، ليبدأ الهجوم على الرجال من المعقدين والإمعات. فإن أردنا وصف الواقعة بصورة متحضرة تظهر عظمة المصريين أمام الأخر حتى يحترمنا فعلينا ابراز شهامة وجدعنة المصريين ونبل اخلاقهم المتمثل في هذه السيدة العظيمة، لا أن نستغل الواقعة للتهكم على الرجال وتشويهم في رجولتهم..
وتزامن ذلك مع شاب منع ٣ أشخاص من معاكسة فتاة فقتلوه.. ألا يستحق هذا الشاب البرئ نصف الحفاوة التى ذهبت لسيدة القطار.. الشهامة لم يعد لها وجود بيننا لأن المجنى عليه مواطن عادى.. أليس من الممكن أن يكون هذا الشاب يعمل لمساعدة أسرة فقيرة أم وأب وأخوات؟
الغربة وسنينها!
ولآن صناعة الحدث حرفة، وتحويل العادي إلى إستثنائي مغالاة فلابد من خلق كيانات فكرية.. وهي ما يسمى في الخارج بال Think Tanks تضم خبراء بجد في مجالات السياسة والاقتصاد والتواصل الجماهيري والإعلام.. بالاضافة لأخصائيين نفسيين واجتماعيين لتقدير تبعات أي قرار على المواطنين..
وطبعا تضم الوزير المسؤول عن القرار الذي تنوي الدولة إصداره.. ويجب أن يكون هؤلاء الخبراء طامعين فقط في خدمة بلادهم وأن يفكروا في المصلحة العامة بكافة جوانبها.. وليسوا طامعين في رضاء الوزير أو المسؤول ويقولوا له ما يريد سماعه، ومهمة هؤلاء الخبراء هي دراسة القانون من جميع جوانبه وتأثيره على نفسية المواطن وطريقة توصيل المعلومة..
وتجنب أي مشاكل وعقبات وطرق معالجتها. بل وإقناع المواطن إنها لمصلحته وليس ضده.. أمور كثيرة يدرسها ويناقشها هؤلاء الخبراء ويرفعون توصياتهم لرئيس الوزراء.. وله مطلق الحرية للاخذ برأيهم أو رفض توصياتهم. ولكن على الأقل يعلم ما ستكون عليه تداعيات القرارات والقوانين.
ولكن حينما يصبح الزيف رائجاً تتوارى الحقيقة في ضمير الشرفاء ويكثر التنطع والمبالغات التي تتساوي مع الزيف المتعمد.