ضرب مواعيد للخراب

من المألوف والمعروف أن الناس يحددون مواعيد ثابتة أو تقريبية، للقاء عاطفي، أو اجتماع عمل، أو ليلة دخلة، أو شن حرب، وفق خطط محددة. مواعيد اللقاءات العاطفية عادة لا يعرفها سوى الطرفين في العلاقة . مواعيد الاجتماعات تكون معلنة ما لم تكن سرية. مواعيد الهجوم على العدو حتما هي مواعيد بالغة السرية. أنت لا تقول لعدوم أنك ستهاجمه في مقتل في الساعة كذا يوم كذا سنة كذا. أنت تباغته. المباغتة نصف النصر.

كل ما قلته سابقا ليس جديدا، بل هو طحن المطحون وهلك الهالك. لكن حيث إننا في زمن الاندهاش الرهيب من أداء البديهيات، واقعة الحاجة صفية والمجند، فإن من الطبيعي أن ننساق وراء التكرار وإعادة التأكيد على البديهيات. لماذا؟

شيء من التبريد يفيد!
لأن الطبيعي لم يعد طبيعيا والمنطق صار غبيا، والعقل يتراجع في خجل.. منذ تمت الإطاحة بالقيم والقواعد والأصول في اليوم الخامس والعشرين من يناير الأسود قبل تسع سنوات. وقتها رفعوا شعار الشعب يريد اسقاط النظام.. والحقيقة غير المنطقية أن الشعب يريد إسقاط البلاد.

لم يكن ذاك هو الشعب.. وناس ساخطة ورافضة وحسنة النية... ظنوها ثورة للإطاحة بنظام وفجعوا أنها مؤامرة لحرق مصر. كان المذهل وقتها، ضرب موعد لضرب البلد! حددوا موعدا للنزول العام يوم الثلاثاء، ٢٥ يناير، بعد حملة شحن وتعبئة غضب، على صفحات التواصل الاجتماعي، لم تلق التقدير الصحيح المنذر من النظام وقتها ولا من حكومة الدكتور أحمد نظيف.

كانت النذر واضحة وجلية، لكن النزول بالأعداد الضخمة والمبيت في الميادين وبخاصة التحرير، كانا أمرين باغتا النظام الأسبق. هكذا حدد الاخوان الارهابيون والعملاء الخونة، موعدا لإسقاط النظام. كان ذاك هو المطلب الظاهر، بينما الهدف الأكبر إسقاط مصر، وإلحاقها بالخلافة العثمانية المستجدة. نزلوا في الموعد المحدد، ونزلوا في الثامن والعشرين من يناير أيضا، لإحراق البلاد والعباد، وإغراق مصر في الدماء.

توالت مواعيد النزول... علنا علي الفيسبوك وتويتر والصفحات.. وكانت الدولة غائبة... ثم كانت الدولة دولتهم بعد مجئ الخونة حكاما لمدة عام بفضل النخبة العميلة أو الغبية.

الشعب عرف الطريق. حددنا بدورنا موعدا للإطاحة بحكم الإرهاب. كان يوم الثلاثين من يونيو موعد الجيش والشعب لتحرير مصر من الخونة والعملاء. وتمر السنون، وكل بضعة أشهر يحدد الإرهابيون والإخوان والخونة موعدا على وسائل التواصل للنزول. انزل معناها دمر وخرب وإحرق واسرق وكسر وحطم كرامة شرطة وجيش بلدك.

في ثورة الشعب يوم ٣٠ يونيو لم نكسر عود شجرة، ولم تنزع بلاطة ولا تحطم عمود نور، ولا سرق بنك، ولا احرق مستشفى، ولا نهب متجر، ولا سرقت عذراء أو اغتصبت.

إعلام القمامة.. نهش الأعراض

 
وفي العام الماضي ابتليت مصر بمسعور مشموم مارق عاق، يدعو الناس للنزول، ولما سخر الشعب منه.. أعلن أنه إعتزل التحريض! اليوم العشرون من سبتمبر .. تجددت الدعوة، وضرب الموعد للتخريب.

كلا! انكشفت المواعيد. إنها لعبة الخراب. بلد في مرحلة بناء وضغوط من وباء، وإقتصاد يكافح.. وهؤلاء الخونة يريدون جر الوطن إلى الضياع والحرائق. تعلم الشعب.. ووعي الدرس. نعم توجد أخطاء وتوجد خطايا إعلامية وحزبية، ويوجد للمال السياسي حضور مؤثم غير شريف المقاصد، لكن يوجد رئيس نثق فيه وجيش نفتديه وشرطة هي أولادنا.

نتمنى أن يطهر الرئيس الإعلام من الشللية ومن الوجوه الممقوتة المتكررة التى سئمها الناس وعرفوا كم تلوثت شفاههم ولعقت ألسنتهم عتبات الخونة من الإخوان والأمريكان. مصر على موعد مع التطهير والتعمير.. مع الحضارة والمجد والعظمة.