رئيس التحرير
عصام كامل

كفاية جباية حرام (3)

وتستمر معاناة غالبية الشعب المصري الغلبان خاصة طبقة الصنايعية والحرفيين والموظفين وأصحاب المعاشات والفقراء مع توجه الحكومة إلى نظام الجباية لتطوير المرافق بدلا من تدبير اعتمادات مالية من تنمية حقيقية، كزيادة الصادرات مثلا نتيجة إنشاء مصانع جديدة أو بيع الغاز الذي صدعت الحكومة به الرؤوس من أنه سيكون فاتحة خير على المصريين وسيقلل من معاناتهم..

وكل ذلك لم يحدث بل زادت هذه المعاناة، رغم زيادة إيرادات الدولة، فقد زادت الإيرادات من جباية الطرق ورفع الرسوم على كافة وثائق وزارة الداخلية ومن خلال قناة السويس الجديدة، ومن خلال وقف استيراد الغاز، ومن خلال بيع أراضي الدولة للمستثمرين الأجانب والمصريين، ومن خلال المدن العالمية الجديدة التي باعتها الحكومة للأثرياء، ومن خلال رفع كافة أسعار المرافق ومن خلال تصدير إنتاج المزارع السمكية الخ..

إذا لا شك أن الإيرادات زادت بصورة كبيرة، ولكن لم يعد ذلك على المواطن الفقير بشيء، بل زاد من همه رفع أسعار كافة السلع والخدمات المقدمة له، فقد زادت أسعار تذاكر مترو الأنفاق بمحطات الخطوط الثلاثة، فأقل من 9 محطات، تكون 5 جنيهات بدلًا من 3 جنيهات إذا كانت الرحلة قاصرة على استقلال محطات الخطين الأول والثاني، بينما إذا كانت الرحلة تتضمن استقلال محطات بالخط الثالث، تكون 7 جنيهات بدلًا من 5 جنيهات.
كفاية جباية حرام (2)
أما من 9 محطات إلى أقل من 16 محطة، يكون سعر التذكرة 7 جنيهات بدلًا من 5 جنيهات، إذا كانت الرحلة قاصرة على استقلال محطات الخطين الأول والثاني، وإذا شملت استقلال محطات بالخط الثالث، يصبح ثمن التذكرة 10 جنيهات بدلًا من 7 جنيهات. أما فيما يخص الأكثر من 16 محطة، يكون سعر التذكرة 10 جنيهات بدلًا من 7 جنيهات، إذا كانت الرحلة قاصرة على استقلال الخطين الأول والثاني، بينما تصبح 12 جنيهًا بدلًا من 10 جنيهات إذا تضمنت استقلال محطات بالخط الثالث.

ومن الطبيعي أن تكون هذه الزيادة المتكررة في أسعار المترو من أهم أسباب إحباط المواطنين، فتجد الكثير من المواطنين البسطاء يعملون في أعمال تعتمد على استقلال المترو في الذهاب والإياب، ودخلهم قد لا يتعدى 3000 جنيه (وهذه الفئة كثيرة جدا وتعد بالملايين) ومضطر أن يدفع يوميا 20 جنيها في تذكرة المترو فقط دون حساب مواصلة أخرى بجانبه، ودون حساب استقلال أفراد أسرته للمترو مما يشكل ضغطا كبيرا على مثل هذا المواطن الذي لم تراع الدولة حالته..

فإذا كانت الحجة الحفاظ على المرفق وصيانته فما هي الحجة لعدم زيادة دخل المواطن وجعله يتناقص بصورة كبيرة في ظل موجة الغلاء العاتية والكساد الاقتصادي الكبير. وإذا كان التبجح بأن الأسعار أقل من الخارج فكذلك المرتبات لا تقارن بمرتبات الخارج حتى تكون المقارنة بالأسعار عادلة.

ومن محاولة الحكومة سلب جيوب المواطنين ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات من بيان تعلن فيه قرارها إحالة جميع الناخبين المتخلفين عن التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، التي جرت جولتها الأولى في 11 و12 أغسطس، ويبلغ عددهم أكثر من 53 مليون مواطن للنيابة العامة. وتبلغ غرامة التقاعس عن التصويت في الانتخابات 500 جنيه مصري بحد أقصى..

 

وبدلا من أن تراجع الحكومة أسباب عزوف الناخبين ومنها إن الغالبية العظمى من المواطنين لا يعرفون المجلس ولا فائدته، ولا يعرفون حتى المرشحين أو نظام الترشح، خاصة أنه لم يجد فى مجلس النواب من يدافع عن حقوقه ويقف ضد موجة الغلاء العاتية، كان القرار السهل هو تطبيق الغرامة على كل المتخلفين عن التصويت فى الانتخابات!

وتقوم وزارة التموين بدورها في الجباية المنوط بها بكل همة ونشاط، فنجد الوزارة تخفض وزن رغيف الخبز إلى 90 جراما بدلا من 110 جرامات، ويقولون إن القرار سيخدم المواطن لأنه سيقدم له رغيف خبز بجودة عالية !، هل تجد إجحافا واستهتارا بالمواطن أكثر من هذا التبرير، وتذكر الحكومة أنها خفضت الوزن لأن الأفران كانت تسرق في الوزن، فأرادت الحكومة أن تأخذ هي ما كان يسرقه أصحاب المخابز بدلا من الرقابة على المخابز وردعها عن السرقة، فالحكومة تجبي الأموال من خلال تخفيض سعر الرغيف بحجة أن ذلك يكون أصلح للمواطن وأفضل له !!


كفاية جباية حرام ( 1 )

 
ثم تحول أصحاب المخابز لطريقة أخرى في السرقة تحت إشراف الحكومة وهي دمج رغيفين في واحد ليباع بسعر عشرة قروش، ومن المفترض أن يكون وزنه 180 جراما إلا أنه صار أقل من 150 جراما بسرقة أخرى تزيد على 40 جراما وأصحاب المخابز يذكرون أنهم أولى بسرقة الرغيف أو على الأقل يكونون مثل الحكومة التي سرقت 30 جراما.

ونجد أن وزارة التموين سعت بكل جهد حذف الكثير من أصحاب البطاقات التموينية بحجج واهية غير حقيقية، ووصل حجم المحذوفين إلى أكثر من نصف مليون مواطن وجدوا الصعوبة في العودة وبعضهم لم يعد مطلقا؛ لتوفر الوزارة المال على حساب المواطنين الفقراء والمرضى والضعفاء؛ ليستمر الوزير يشغل منصبه طالما يوفر للحكومة مالا على حساب المواطنين البسطاء.

ثم تم زيادة أسعار السلع التموينية بعد أن كان التموين مجانيا حيث نجد زيت خليط 1 لتر بسعر 20 جنيهًا. وسكر معبأ 1 كيلو جرام بسعر 12 جنيها. وأرز معبأ 1 كيلو جرام بسعر 10 جنيهات. ومسلي صناعي 800 جرام بسعر 24 جنيها. وهذه أسعار أعلى من مثيلتها في السوق وذلك الأمر يجعل الوزارة تحتال للقضاء على دعم البطاقة فإذا كان الفرد له 50 جنيها دعما فإن هذه الخمسين تضيع في مجرد علبتي سمن، ولا يستطيع المواطن الفقير تدبير احتياجاته التموينية طوال الشهر، وعليه أن يجد مصدرا ماليا أو من يحن ويحنو عليه ليستطيع العيش في هذه الحياة الطاحنة، ولن يجد سوى الله سبحانه وتعالى يرحمه.

الجريدة الرسمية