هل تملأ ضريبة الملح خزانة الدولة؟
عرفت البشرية الضرائب والرسوم منذ عرفت مفهوم الدولة على مر العصور، وكانت الضرائب والرسوم هي مادة النقاش الخصبة للشعوب في تقييم أداء الحكام، وقد فرضت الحكومات على شعوبها أنواعًا مختلفة من الضرائب ولأسباب مختلفة، ولكن بعض هذه الضرائب كان مثيرًا للجدل، كما كان مثيرًا لسخط هذه الشعوب.
فرضت حكومة فرنسا ضريبة على الملح الذى يسمى "الجابل" على جميع طوائف الشعب، إلا أنها فى الحقيقة كانت مفروضة على الفقراء فقط هؤلاء الذين يقتاتون من الملح مع الخبز، ويعفى الموسرون منها، وكلما خلت خزائن الدولة من الأموال زادت قيمة الضريبة المفروضة على الملح.
هل يرتكب طارق شوقي جريمة تعطيل القانون؟
وفى عام 1760 توسع الملك لويس السادس عشر في فرض الضريبة على الملح، حيث اعتبرها مصدرًا أساسيًا للخزينة القومية، وزاد الأمر سوءًا حين أطلق العنان لجباة الضرائب استعمال الغلظة والقسوة في جمعها، ونتيجة الفقر الشديد وزيادة السخط الشعبي ضد جباة الضرائب خرج الأهالي في مارس 1789 على جباة الضرائب بالذبح، وبعد الثورة الفرنسية والقضاء على لويس الرابع عشر صدر قانون بإلغاء ضريبة الملح.
ولم تكن ضريبة الملح هي الضريبة الوحيدة العجيبة على مر العصور، فهناك ضريبة اللحية التي فُرضت على تربية الذقن في بريطانيا عام ١٥٣٥ تحت حكم الملك هنري الثامن، وفي ذلك الوقت كان شعر الوجه رمزًا للمكانة.
«ياللا يازبالة».. نقولها لـ«هؤلاء»
وفي نهاية القرن الـ١٧ فرض الإمبراطور الروسي بيتر الكبير ضريبة على شعر الوجه، وأجبر جميع الرجال الملتحين على دفع الرسوم.. ومن الضرائب المثيرة للجدل كذلك ضريبة النافذة، والتي فرضت في المملكة المتحدة في أواخر القرن الـ١٧، واستمرت لأكثر من ١٥٠ عامًا قبل أن يتم سحبها في عام ١٨٥١، فكانت المنازل التي يتراوح عدد نوافذها بين ١٠ و٢٠ نافذة تضطر إلى دفع شيلنين إضافيين، وإذا كانت لديها أكثر من ٢٠ نافذة فستدفع ٤ شلنات إضافية أسبوعيًا.
ولك أن تتعجب حين تعلم بفرض ضريبة على ورق الحائط، في عهد الملكة "آن" عندما بدأ أصحاب المنازل خلال القرن ١٨ في تزيين غرفهم بالورق بدلا من الأقمشة، واستمرت الضريبة حتى عام ١٨٣٦
وفي خلال القرن الـ١٦ تم حظر صنع الصابون المرقط في بريطانيا، لأنه استنفد احتياطي البلاد من الأشجار البرية، وبما أن الصابون المرقط كان أسهل بكثير من إنتاج الصابون الخشبي، فقد أدخلت الحكومة ضريبة لمحاولة إبطاء الإنتاج. وتم إلغاء الضريبة في نهاية المطاف في فترة الثورة الصناعية في عام ١٨٥٣
وحين أصبحت الشموع باهظة الثمن لأولئك الذين يعيشون في القرن ١٨ بإنجلترا خاصة عندما تم ربطها بعقوبة، وكان الناس ممنوعين من صنع الشموع بأنفسهم، ولكن بعضهم وجد طريقة للتغلب على هذا باستخدام الدهون الحيوانية للحصول على التأثير نفسه.
أما أكثر الضرائب طرافة في العصر الحديث فكانت في ولاية أركنساس الأمريكية، فهناك ضريبة بـ٦ سنتات على أي جزء مثقوب من الجسم، تم فرضها لأول مرة في عام ٢٠٠٥ ويغطي جميع أشكال الثقب، وكذلك الوشم وعلاجات إزالة الشعر.
حكاية ميس برلين مع النيابة الإدارية (1)
ولا شك أن هذه النوعيات من الضرائب تعكس عجز القائمين على الأمر على سد الاحتياجات، وبحثهم عن سبيل للخروج من أزمتهم ، وهو مالا نرضاه في وقتنا هذا، بعد أن بدأنا قطف ثمار التنمية التي لا ينكرها إلا جاحد.
ومن ثمَّ فمن غير المقبول الإفراط في زيادة الرسوم والغرامات على المواطن أينما اتجه، ومن المؤلم كذلك الإجحاف في التعامل مع مخالفات البناء، خاصةً ما سقط منها بالتقادم وففًا للقانون، حتى لا يتأذى المواطن البسيط أكثر من ذلك، ولنقطع الطريق على أعوان الشيطان الذين يسعون لهدم الدولة.. وللحديث بقية