رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا حث النبي المسلمين على التخلق بالرحمة مع جميع الناس؟.. المفتي الأسبق يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق أن الإسلام أمة الرحمة؛ ولأنها أمة الرحمة دأب المحدثون في تبليغ حديث سيدنا رسول الله ﷺ لطلبة العلم، على أن يستفتحوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية.

 

وأوضح أن هذا الحديث الذي انقطعت أوليته عند سفيان بن عيينه الذي يرويه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي قَابُوسَ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) [أحمد وأبوداود].


 

وأضاف: وورد عن سيدنا رسول الله ﷺ أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق.

 

وتابع: حذر سيدنا رسول الله ﷺ أمته من ترك هذه الصفة الحميدة، بما قد تستوجب غضب الله يوم القيامة، حيث قال ﷺ: (لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ) [الديلمي وابن أبي شيبة].

 

وأضاف: سبب ورود هذا الحديث أن النبي ﷺ قَبل الحسين، وقال الأقرع لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه النبي ﷺ وذكر له الحديث:

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ أَبَا الْقَاسِمِ صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ: (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ) [أحمد وابن أبي شيبة]، وعن علي -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: (اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي، إن الله خلق المعروف وخلق له أهلا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله، ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء إلى الأرض الجدبة ليحيي به أهلها، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) [الحاكم في المستدرك والديلمي].


وأكد المفتي السابق أن الرحمة لا تنزع إلا من شقي؛ لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، والرقة علامة الإيمان، ومن لا رقة لقلبه لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي،

 

وتابع: من لا يرزق الرحمة شقي، وغلظة القلب من علامة الشقاوة والمسلم رحيم مع كون الله كله، يتعامل برقة ولين وانسجام، لأنه يراه قائم بنفس الوظيفة التي أمره الله بها وهي العبادة فيشعر أنه يشترك مع الكون في إخوة العبودية لله وحده.

 

وأضاف: نهى النبي ﷺ عن سب الريح، وقال: «لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به» [الترمذي].


والمسلم يخاطب مخلوقات الله بهذا المشترك وهو يتأسى في ذلك بنبيه ﷺ ، إذ يخاطب الهلال فيقول: «اللهم أهله علينا باليمن والسلامة والإسلام ربي وربك الله» [الترمذي].


واستطرد قائلا: لقد طبق المسلمون الرحمة في حضارتهم بصورة عملية في كثير من مؤسسات الخير، ليس فقط في المستشفيات ودور الإيواء للإنسان، بل امتدت رحمتهم إلى الحيوان.

 

واستكمل: أمرهم بذلك شرعهم الحنيف، حيث أنشأوا مساقي الكلاب؛ رأفة بهم لقول النبي ﷺ: «فِى كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» ولما علموا أنه قد دخلت امرأة النار في هرة حبستها، ودخلت أخرى الجنة في كلب سقته.

 

وفي العصر المملوكي، وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب بنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير، وهكذا كان المسلمون يحولون إرشادات رسول الله ﷺ إلى واقع عملي يعيشون فيه، فحازوا الشرف والعز وخير الدنيا والآخرة، رزقنا الله الأخلاق الفاضلة، وجعلنا من الرحماء.


الجريدة الرسمية