المتطوع للحقن بالمصل الصينى!

بدأت مصر أمس أولى التجارب السريرية للقاح كورونا، بالتعاون مع الحكومة الصينية، وتأمل في حالة ثبات النتائج من حيث الفعالية والأمان والسلامة، أن تبدأ خطوط إنتاج بالمشاركة بين الجانبين.

وعلى قدر أهمية هذه الخطوة التى تعكس اهتمام الدولة بأن تكون جزءا أساسيا من الجهود العلمية الدولية المتسارعة للتوصل إلى لقاح آمن وفعال يقهر الفيروس الذي أصاب الملايين وقتل ما يزيد حاليا عن المليون إنسان في أنحاء العالم كافة، أقول على قدر أهمية هذا كله، يبقى جانب آخر يجب استيضاحه والتعرف عليه، الآ وهو المتطوع المختار.

من هو الشخص الذي سيذهب بقدميه ليحقن نفسه بلقاح لا يعلم تماما، كما لا يعلم الأطباء والعلماء الذي يحقنونه به، الأضرار والمنافع، ونسبة كل منها في جسده. هل يمرض مرضا خطيرا مجهولا كما حدث لمتطوع شاب بعد حقنه بلقاح اكسفورد واسترازينيكا؟ هل يشفى تماما؟ هل يحتاج جرعة واحدة أم جرعتين؟ هل يتحمل بدنيا ونفسيا؟ هل يحصل على مقابل مادي لأنه يخاطر بحياته؟ هل يحصل على موافقة أسرته؟
لقاح و"تلقيح" بطعم السياسة!
أدبيات البحث العلمى إن المتطوع للتجارب المتعلقة بالأدوية واللقاحات هي مساهمة طوعية في التقدم الإنساني، والوصول إلى علاجات لمواجهة الأمراض والأوبئة. يعني مجانا !

وإذا كانت مصر مع الأردن والإمارات بدأت بالفعل تجارب على البشر، فمن هم هؤلاء؟

تختار لجان الفحص الأشخاص المناسبين من سن الثمانية عشر إلى ما بعدها طويلا، ولا يشترط أن تكون الصحة العامة كاملة، فهناك كبار السن المطلوبون بحالتهم لمعرفة مدى الاستجابة المناعية بعد حقنهم. مطلوب في المتطوعات حوامل، وبيض وسود، والمفروض بصفة عامة أن يكونوا من شتى الأجناس والأعراض والمناطق المناخية، والسكانية.

يوقع المتطوع على استمارة توضح له البيانات والمعلومات الخاصة بالخضوع للتجربة، وتطلعه على المخاطر المحتملة، واذا رفض بندا يتم حذفه. توجه لجنة الانتقاء عشرات الأسئلة للمتطوع، نمط حياته وعاداته وتاريخه المرضى ومدى انخراطه أو عزلته، فإن تبين لها أنه من المحتاطين جيدا، فأنها تفضل شخصا يخرج ويتعرض، كي تعرف هل المناعة بسبب الحقن أم أنه سليم بسبب عدم اختلاطه وملازمته الكنبة!

يحقن المتطوع مرتين، بينهما ٢١ يوما، وعليه التزام صارم بالامتثال لمواعيد الحقن، كما أن عليه أيضا الالتزام بتسجيل كل ما يطرأ عليه من تغييرات في جسمه وحالته، أي يبقى في حالة رصد مستمر لما يجرى له بعد الحقن، وطبعا يتم ذلك من خلال طبيب متواصل معه.
الدواء الروسي الجاهز!
اللقاحات لا تحصل على إجازة التطعيم عادة إلا بعد سنوات، لكن ازاء الوحش الخفي الكاسر الذي حطم البيوت ودمر الاقتصادات وأخلى المدن، وحبس الملايين في بيوتهم، فإن حكومات ووكالات صحية عالمية كثيرة منحت العلماء والباحثين رخصة الطوارئ، وبمقتضاها يتم تكثيف المتابعة واختصار المدة، وتوسيع قاعدة المتطوعين لتشمل مئات الألوف في العالم .

من المأمول أن ينجح اللقاح الصيني، ومن المأمول أن ينجح اللقاح الروسى، وننتظر ما وعد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن اللقاح الأمريكي سيكون جاهزا يوم أول نوفمبر، أي قبيل الاقتراع على بقائه في البيت الأبيض أربعة أعوام أخرى، أو خروجه مهزوما بفيروس لم يره.. ولا أصابه!

في كل الأحوال نزجي التحية لكل متطوع مصرى من الشباب والشيوخ والنساء، حوامل وغير حوامل، من كافة المناطق، ونتعشم في الله خالق كل الفيروسات أن يمنحنا اللقاح الذي يعيد إلينا الأمان والسكينة والعلاقات الاجتماعية التى تعرضت لمذابح قاسية طيلة خمسة أشهر .