رئيس التحرير
عصام كامل

المبتزون يتكاثرون

3 ملاحظات جديرة بالتسجيل أثناء قيامى بالتسوق داخل أحد سلاسل محلات بيع الملابس الشهيرة بأحد المولات الكبرى.

الأولى أننى أثناء تفحصى التيكيت المدون عليه السعر فى 9 دول عربية هى على الترتيب الإمارات وقطر والسعودية وعمان والبحرين والكويت والأردن ولبنان وأخيرا مصر ، وجدت أن سعر معظم الملابس بالعملة المصرية يساوى ٦ أضعاف الأسعار فى تلك الدول تقريبا باستثناء لبنان التى تعانى من تدهور سعر عملتها بشكل غير مسبوق تقريبا.

وسؤالى: عندما يكون سعر الجنيه المصرى أقل ٤ مرات من سعر الدرهم الإماراتي أو الريال السعودى على سبيل المثال، وعندما يكون متوسط الرواتب لدينا أقل ١٠ مرات من رواتب الإمارات مثلا، فبمنطق القوة الشرائية لعملتنا المفروض أن تكون أسعار السلع والخدمات لدينا في مصر أقل ١٠ أو حتى 4 مرات من أسعارهم؟ ، لكن العكس هو الصحيح .
قانون تجريم اقتناء الكلاب
المدهش أنك عندما تفحص الملابس التى يزيد سعرها 6 أضعاف تجدها صناعة مصرية.. أى إنها منزوعة الجمارك والضرائب والأعباء الأخرى، وبالتالى المفروض يكون سعرها 500 درهم أو 84 جنيها مصريا، وليس 500 جنيه أو 84 درهما.

باختصار.. دولة رواتب موظفيها أقل 10 أضعاف، وسعر عملتها متدن 4 أضعاف ومع ذلك أسعارها أغلى 6 أضعاف.. جملة موجزة تلخص حالتنا الاقتصادية نحن المصريين.

الملاحظة الثانية أننى أثناء التسوق فى محل آخر يقع داخل نفس المول لاحظت ظواهر بدأت تتنامى فى مجتمعنا بشكل غريب منها مثلا أن بعض من يؤدون لك خدمة ويتقاضون راتبا من جهة عملهم مقابل أدائها، يطلبون منك مقابلا إضافيا لهذا الأداء، بل إن هذا الطلب يصل فى بعض الأحيان إلى ما يشبه الإبتزاز العلنى.

على سبيل المثال كان الزبون فى السابق يسحب التروللى أو عربة التسوق -المتراصة فى مدخل هذا المحل– مباشرة بيده ، فأصبح هناك عامل يقف ويتولى تسليم التروللى لك بعد أن يمسح بفوطة معقمة على مكان وضع يدك عليه ضمن اجراءات ذلك المحل الاحترازية للوقاية من كورونا. 

حتى الآن الأمر جيد أن يساعدك أحد ويعقم لك عربة التسوق، ولكن أن يقول لك هذا العامل ولغيرك "كل سنة وانت طيب" فلما لاتستجيب له يقول لك "طيب أى حاجة بقى"، فتقع فى حرج شديد إذا ما رفضت منحه مبلغا أقل من خمسة جنيهات، وهذه بالمناسبة ظاهرة سلوكية مستجدة حديثا على نفس المحل.
فخ المخالفات.. ومصيدة التصالح
ثالثا: فى نفس هذا المكان يقف عامل عند الكاشير يتقاضى راتبا مقابل أن يقوم بمهمة وضع مشتروات الزبائن فى الأكياس البلاستيكية، لكن بعضهم أصبح هو الآخر يلمح أحيانا إلى طلب بقشيش.

فى محطات تموين البنزين أصبح العامل يحدد بنفسه قيمة البقشيش الذى سيحصل عليه منك عندما يصل بالعداد إلى رقم يكسر فيه حاجز الخمسة جنيهات بجنيه واحد ويرفض إعطاءك الأربعة الباقية لأن استرداد الفكة أصبح عيبا فى زماننا هذا.

فى أى مكان تركن فيه سيارتك الآن ولو خمس دقائق يخرج لك واحد من البلطجية إياهم الذين تفوت صحتهم فى الحديد ليمارس عليك أسوأ أنواع الإبتزاز ويأخذ منك 10 جنيهات دون أى خدمة يؤديها لك.

إذا ركبت المواصلات العامة أو مترو الأنفاق سيطاردك المتسولون الذين تكاثروا وانتشروا بعد أن صار التسول "يكسب ذهبا"، ويقسمون بأغلظ الأيمان ويرددون نفس الإسطوانة الكاذبة "والله أنا مش متسول.. أنا قريبى مريض وهيعمل عملية وبنجمع له فلوس".

وهكذا يجد المواطن المصرى نفسه مطاردا فى كل مكان بالمبتزين، تدفع 20 أو 30 جنيه بقشيشا إجباريا إذا قررت التسوق، وتدفع فى البنزينة وفى كل ركنة لسيارتك وللمتسولين فى كل إشارة مرور وفى كل مكان تستقل فيه المواصلات العامة، وهى مبالغ فى مجموعها قد تصل الى رقم يساوى الحد الأدنى للرواتب فى مصر تقريبا.         


على البرلمان القادم إصدار تشريع بتجريم كل هذه الظواهر البغيضة المتجسدة فى ثقافة التسول والإبتزاز.


الجريدة الرسمية