رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قانون تجريم اقتناء الكلاب

بعد شروعه أمس فى إصدار قانون ضد التنمر ، لماذا لا يصدر البرلمان تشريعا بتجريم اقتناء الكلاب داخل الشقق والعمارات السكنية باعتبار هذه الظاهرة أشد وأسوأ وأبغض أنواع التنمر؟.

أعلم أن هذا المطلب سيثير اندهاش الكثيرين من أعضاء جمعيات الرفق بالحيوان وخلافه ، ولكن هل من حق أى شخص أن يقتنى كلبا ينبح ليل نهار فى عمارة سكنية تضم 30 أو 20 أو 10 أو حتى 5 شقق مثلا؟ ويصدح نباحه في الفضاء كميكروفونات الأفراح الشعبية ويوقظ الناس من نومهم ليلا ، إلى حد يصيبهم بالفزع والاشمئزاز والقرف ، بل ويمتد صوت إيذائه ونباحه الى 4 أو 5 عمارات مجاورة فى الاتجاهات الأربعة؟ ومن قال إن هذا الاقتناء يدخل ضمن نطاق الحرية الشخصية؟.

فى مصر إذا ابتلاك الله باقتناء أحد جيرانك لكلب ، فلن تملك فعل أى شيء سوى أن ترفع أكف التضرع إلى الله أن يزيح عنك هذا البلاء والأذى، فالقانون فى مصر لايجرم هذا الفعل المشين وغير الأخلاقى وغير الإنسانى وغير الدينى، وإذا قررت أن تتقدم ببلاغ إزعاج الى الجهات المختصة ، فسيتم تصنيفك ضمن فئة الناس المرفهين الذين ليس لديهم مشاكل فى الحياة سوى الشكوى من صوت كلب الجيران رغم أنه عمل لو تعلمون مشين ، ولن ينالك سوى تضييع وقتك وجهدك وحرق أعصابك ، وسيزداد جارك المؤذى تعملقا ورفضا لإجلاء كلبه المزعج، وإذا قررت أن تلقى للكلب رغيفا مسموما ليموت وترتاح منه فسوف تعاقب أنت بالحبس وتصبح مقيد الحرية، بينما المفروض أن يعيش "سى الكلب" حرا ينبح ويؤذى الآخرين إلى مالا نهاية .


مثل هذا الجار الذي يقتنى كلبا لايدرك أنه لن يخسر شيئا إذا تخلص منه ، لكنه سيوقف دعاء جيرانه عليه ليل نهار بأن ينتقم الله منه جزاء أذيته لهم وعدم مبالاته بحرمة إلحاق الأذى بهم.
فخ المخالفات.. ومصيدة التصالح
فى المكان الذى أعيش فيه ، أفاجأ كل فترة بمن يأتى بكلب ويضعه فى شقته بالدور الأرضى بنفس عمارتى أو بعمارات مجاورة بحجة حماية نفسه وأسرته ؟ من أى شيىء ؟ لاأعرف ؟ أو يضعه على سطح العمارة ، الأغرب أن أحد الجيران جعل من سطح العمارة المجاورة مزرعة لتفريخ الكلاب والتجارة فيها ، وعندما تجادله وتقول له " هذا ليس من حقك" ، يرد عليك بأن له حصة فى السطح !.

أتفهم مثل غيرى خصوصية حالة الارتباط بين بعض الناس وكلابهم انطلاقا من الوفاء غير العادى من الكلاب لأصحابها ، وأتفهم حقهم فى اقتناء تلك الكلاب ، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك مقبولا على حساب أذية الجيران وإحالة حياتهم لكابوس ، اقتنى ياسيدى كلبا كما شئت ولكن ليس داخل عمارة سكنية يعيش بداخلها عشرات الجيران .

 

هؤلاء فى الغالب يتهربون من مواجهة جيرانهم ويرفضون التفاوض على رحيل كلبهم المؤذى، ويجادلونك بأن الشوارع مليئة بالكلاب التى تسير فى أفواج وتنبح ليل نهار ويقولون لك أنه لافارق بين كلاب البيوت وكلاب الشوارع ، وسقف مفاوضاتهم معك لا يزيد عن تقليل الأذى والصوت المزعج ، أو وعود غالبا ليست أكثر من مهدئات لثورة الجيران من نوعية "هعمل له أوضة لينخفض صوته" ، أو "هركب له كمامة أو عازل صوت" أو "هنقله من أمام الفيلا للخلف أو العكس" وعندما تتحدث معه عن الجلاء الكامل يرفض ويقول لك "هذه حرية شخصية" .
تساؤلات من وحى 9 ساعات بالمرور
إذا دخلت له من باب الدين وذكرته بحديث الرسول عن أن المسلم لايؤمن طالما أن جاره لايأمن بوائقه ، سيرد عليك بأنه مؤمن ويصلى ويزكى ويعرف الله أكثر منك ، وعندما تلوح له بأى إجراء يقول لك بكل ثقة وهو فى مأمن "الكلب مرخص وأعلى مافى خيلك إركبه" ! ، وهكذا ردودهم واحدة وجاهزة ، حتى كاد أحد هؤلاء أن يجعلنى أكره المكان الذى أعيش فيه وفكرت فى مغادرته الى مكان آخر يحترم فيه البشر خصوصية وحق الآخرين فى الحياة فى هدوء وانسانية .

أى رخصة وأى حرية شخصية فى أن تؤذى جيرانا يعيشون معك ويغلق عليكم جميعا باب عمارة واحد؟ أى حرية فى أن تجعل حياتهم جحيما ومرارا ونارا لاتنطفىء بفعل الصدام والعناد المستمر بينك وبينهم؟ ..

 

الحرية ياسادة تنتهى عند المنطقة التي نتسبب عندها في إيذاء الآخرين، ويمكن للإنسان أن يكون حرا فى اقتناء كلب إذا كان هذا الكلب صامتا أو أخرسا ولا يصدر صوتا على الإطلاق أو يعيش صاحبه فى جزيرة منعزلة ولا يصل صوت نباحه الى جيرانه الآخرين ، أما من يعيشون فى عمارات سكنية متجاورة ومتقاربة وبها عشرات بل مئات الشقق ليس من حقهم اقتناء كلب مزعج فقط ، بل ليس من حقهم إزعاج جيرانهم بما فى ذلك حتى رفع صوت التلفزيون.
نقًطُونا بــ"سُكَاتكم"
وأتذكر هنا صديقنا الكاتب الساخر عاصم حنفى الذى يعيش فى سويسرا بعض الوقت رفضت الشرطة السويسرية هناك اقتناءه لكلب صغير لأن منزله لاتوجد به غرفة تمنع أو تكتم صوت هذا الكلب الصغير وبالتالى سيؤذى الجيران.    

أعلم أن كثيرا من الناس لايعبأون بصوت نباح الكلاب فى عمارتهم السكنية ، بل لاينتبهون لوجود كلب من الأساس ، لإن الموضوع "مش فى دماغهم" أو لأن آذانهم اعتادت على الضجيج والصخب، تماما كالفارق بين شخص لايطيق سماع صوت التلقزيون العالى وآخر لاينتبه من الأصل لهذا الصوت العالى واعتاد عليه ، لكن هذه قضية مجتمعية صارت مستفزة ومنتشرة..

 

فلماذا لايستجيب مجلس النواب وهو يشرع فى تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الآن لمطالب "الأغلبية المنضبطة" و"يبرد نارهم" وينهى عذابهم ويجرم اقتناء "الأقلية المنفلتة" للكلاب داخل الأماكن السكنية ويفرض عليهم عقوبات باعتبارها أسوأ أنواع التنمر؟  .
https://www.facebook.com/emad.sobhy.161

Advertisements
الجريدة الرسمية