مواطن وموظف وطابور
(أنا بقالي 3 ساعات في انتظار دوري).. (الطابور طويل للغاية ولا أمل في إنهاء أوراقي اليوم).. (سأضطر للعودة مجددًا غدًا لمحاولة الانتهاء من الورق المطلوب).. هذه العبارات وغيرها تسمعها كثيرًا داخل عدد من المصالح الحكومية التي يدخلها المواطن على أمل الانتهاء سريعًا من الخدمة قبل أن يفاجئ بطوابير لا تنتهي.. وطوفان من البشر يُشعرك باقتراب نهاية العالم.
المواقف متكررة،
حتى أفقدتنا القدرة على الاندهاش، فمثلًا إحدى المصالح الحكومية قمت بالذهاب إليها
مبكرًا ووقفت على بابها في الموعد الرسمي لبدء العمل، على أمل الانتهاء مبكرًا من أوراقي،
قبل أن يتم إخباري بأن دخولي غير مسموح به لأن العمل لن يبدأ قبل ساعة.. استفسرت عن
السبب لأعرف أن الموظفين الآن يحصلون على إفطارهم وبعدها الشاي ثم يبدأ العمل..
اختراق جديد للمنصات الاجتماعية
أغضبني الأمر وسألت عن مكتب المدير لأذهب لتسجيل شكوى ولكنني ترجعت عن الأمر بعد أن أخبرني أحد العاملين بإبتسامة سخرية (المدير جوه بيفطر معاهم!).
هذه المشاهد، من
كثرة حدوثها، أصبحت مألوفة حتى اعتدنا عليها فهي الآن جزء من فهمنا لطبيعة التعامل
داخل بعض المصالح الحكومية بل أن الاستثناء أصبح حصولك على الخدمة بشكل سريع وبسيط
دون إهدار لوقتك وصحتك.
خلف النوافذ يقبع
عادة موظف غاضب إما من كثرة الضغوط اليومية أو لعدم رغبته في أدائها بينما في عيناه
تجد انعكاس لمواطن يقف أمامه مشاهدًا ما صنعته بيروقراطية الجهاز الحكومي من تواجد
لفئات المنتفعين الذين يقومون بعرض خدماتهم لإنهاء المعاملات بشكل سريع، ففي وسط الزحام
يصبح المواطن مضطرًا إما للجوء إلى دفع أموال إضافية لشركات الخدمات الحكومية أو البحث
عن "واسطة" تسمح له بتجاوز الوقوف في هذه الطوابير التي إذا تجمعت سويًا
قد تكون أكثر طولًا من سور الصين العظيم.
الضبط الأخلاقي للمواقع الاجتماعية
خلال الأسبوع الماضي
كنت على موعد مع إنهاء بعض الأوراق وظهر في ذهني استفسار على قدر بساطته إلا أنني لم
أجد له إجابة واضحة وهو (ما المبرر لكل هذا الزحام؟) إذا كان الأمر بسبب قلة أعداد
الموظفين المتواجدين خلف النوافذ المخصصة لخدمة المواطنين فالحل بسيط ويتمثل في زيادة
أعداد الموظفين وزيادة منافذ الخدمة..
لكنني أخشى أن تكون المشكلة في كوننا قد تعايشنا
مع الزحام الرهيب في بعض المصالح الحكومية حتى أعتقدنا إنه الأمر الطبيعي.. نهدر الكثير
من الوقت في زحام الطرق فلا داعي لهدر المزيد من أعمارنا داخل أروقة المصالح الحكومية.