أبناء الفيرمونت.. وأبناء الفريسكا!
القدر وحده الذي رتب الأمر كله.. مشهدان يعكسان الحال الذي تراكم في مصر عبر أربعين عاما هي بالتحديد منذ 1974 إلى 2014..
أبناء الأسر التي يسمونها الراقية.. أموال
بلا رقيب.. لا رقيب أصلا على أي شيء.. الآباء مشغولون بعقد الصفقات وجمع الأموال ومجالسة
من يرونهم أكبر منهم.. قيم وافد الخارج ملخصها "ارمي ابنك أو بنتك في قلب الحياة.. هي
اللي هتعلمهم".. و"الولاد كبروا خلاص ومحدش هيقدر عليهم.. أفضل حل خلوهم
يجربوا الحياة بنفسهم" إلى أيضا "شباب.. خلوهم يعيشوا حياتهم.. يصرفوا.. ما
يصرفوا الفلوس كتير هنوديها فين يعني"!
والنتيجة في كل مرة يتم إقرار القوانين
السابقة في تربية الأبناء، كوارث ومصائب تبدأ بإدمان المخدرات بأشكالها وأنواعها إلى الانحراف بكل صوره!
المشهد الآخر.. ابن رجل فقير.. لكنه شريف.. لم يحصل على ما لا يستحقه ولم يسرق من جيوب المصريين شيئا ولم يتاجر لا في أراض ولا في غيرها، فقيادات الحزب الوطني الفاسد لم يمنحوه لا أرض ولا توكيل، ولم يصل بالطبع إلى مراحل السمسرة والعمولات..
فقير وهذا ليس عيبا.. شريف وهذا تاج الرؤوس.. يساعده ابنه في
كسب العيش الحلال ببيع الفريسكا على شواطئ الإسكندرية.. وفي الوقت نفسه يحصل على الثانوية العامة بدرجاتها النهائية إلا قليلا جدا!
أخرى في البحيرة.. تتفاخر ولها الحق بأن أباها حارس عقار.. مهنة مرهقة.. صعبة.. وغرفة صغيرة تجمع الأسرة.. لكن ابنته تعوضه وتعوض الأسرة وتلتحق بطب الإسكندرية وتحلم كما قالت أمس بمنحة مجانية في بلد التعليم فيه كما نعلم مجانيا!
مخالفات لا تسقط بالتقادم.. حاكموهم!
الأولى على "الفنية الزراعية"
بالبحيرة ومنها إلي الجامعة تتباهى أيضا بأنها ابنة فلاح بسيط لكنها رفعت رأسه في كل
مكان! وكأنهم يقولون نحن هنا.. كل قوانين الأربعين
عاما ضدنا.. كل إجراءات الأربعين عاما ضدنا.. لكننا أبناء أصلاء لهذا الشعب ونبته الطيب.. وسنساهم
في نهضة وطننا!
الكلام عن اللخبطة الاجتماعية في النصف
قرن الأخير تحتاج كلام كثير.. بقيت قضية الفيرمونت لو توقف النشر فيها لأي سبب... وسنقوله!
ملحوظة: الفساد موجود في كل مكان.. لكن
فرق أن يكون الفساد للظن ـوبعضه إثماـ من أن الفاسدين فوق القانون.. وفوق البشر.. وبين أن يكون الفساد هربا من الفقر أو بسببه!