تساؤلات حول مخالفات البناء
التعديات على الأراضي الزراعية حقيقة يلمسها من يعيشون في الريف أو يترددون عليه، فالفلاح لا يؤمن بالتوسع الرأسي في البناء، لأنه لا يلبي متطلبات حياته، ومتطلبات الفلاح تتلخص في ماشية يربيها ليأكل من ألبانها، وينفق على أبنائه من بيع نسلها..
بالإضافة إلى تربية الطيور التي تشكل مكوناً أساسياً من مكونات بيوت الفلاحين، والمواشي والطيور تحتاج إلى (وسط الدار) وهي مساحة في البيت الريفي لا تقل أهمية عن غرف النوم، ولا تتوفر في التوسع الرأسي للبنايات، لذلك يميل الفلاح إلى التوسع الأفقي، وبمجرد أن يكبر أبناؤه ويستقل كل منهم بحياته بعد الزواج يقرر بناء بيت لكل منهم، فيضطر إلى إستقطاع جزء من أرضه.
حلم الست سعاد
وبسبب هذه الطبيعة
لحياة وبيوت الفلاحين.. وفرت الدولة هذه المكونات في المشروعات الزراعية التي افتتحها
الرئيس وتم توزيعها على الفلاحين، وفي مقدمتها مشروع الفرافرة.
وقف التعدي على الأراضي
الزراعية مطلوب ، لكن البحث عن حلول تستوعب الزيادة السكانية في الريف ضرورة حتمية،
على أن تراعي هذه الحلول خصوصية حياة الفلاح.
أما تنفيذ الإزالات
فلابد أن يسبقه سؤالان، الأول.. هل الأرض التي تم الاعتداء عليها ستكون صالحة للزراعة
بعد إزالة التعديات؟ وهل ستتم محاسبة موظفي المحليات الذين كان الاعتداء على مرأى ومسمع
وربما مباركة منهم ؟
إذا كانت الأرض المعتدى
عليها لن تصلح للزراعة بعد إزالة التعدي فالتصالح يحقق فائدة للطرفين.. الدولة وصاحب
المخالفة، مع مراعاة عدم المغالاة في قيمة المخالفة خاصة أن الظروف المعيشية للفلاح
ربما تدفعه لقبول الإزالة أو حتى السجن لأنه لا يمتلك قيمة التصالح على المخالفة.
عشوائيات النخبة
وبالنسبة لموظفي
المحليات فيجب محاسبتهم أو إنذارهم في الحالتين.. إزالة المخالفة أو التصالح. أما السؤال الذي
أعرف إجابته فهو.. هل تنتقل قبضة الدولة إلى التعديات والانتهاكات الموجودة على جانبي
الطرق الصحراوية؟
يقيني أن الدولة
سوف تفعل ذلك، لأن تطبيق القانون على من فازوا بآلاف الأفدنة في عصور سابقة.. سيجعل
الجميع يفكر ألف مرة قبل أن يعتدي على أرض أو طريق، فإذا كان الفلاح قد اعتدى على قيراط
أرض ليوسع على نفسه وأبنائه.. فهناك من نهبوا الأراضي في غيبة من الدولة، وحولوها من
النشاط الزراعي إلى تجمعات سكنية أدرت عليهم المليارات، وطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي
شاهد على تعديات يجب ألا تسقط بالتقادم.
besheerhassan7@gmail.com